Wednesday 5th May,200411542العددالاربعاء 16 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مركاز مركاز
استهداف النساء
حسين علي حسين

بين وقت وآخر نقرأ أخبارا في صحفنا المحلية، عن حالات انتحار في مناطق اتصف محيطها بالالتزام، وعامة أهلها بعيدون عن كل ما يمكن أن تثيره مثل هذه الأخبار، والمؤسف في هذه الحالات أن من أقدمن عليها كلهن من النساء، وهن في الغالب من الشابات، حتى لا نقول من صغيرات السن، والواحدة منهن لو كانت متعلمة، ربما تكون موظفة تأخذ راتبا جيدا، قد يكون أحد الأسباب التي تدفعها لمثل هذا التصرف، الذي لا يقدم عليه، إلا من ضعف دينه، وبلغ به اليأس والإحباط مداه، والشواهد على أن العلم وما يعقبه من وظيفة قد يكون سببا في الانتحار كثيرة، فهناك العديد من أولياء الأمور يعتبرون البنت المتعلمة كنزا، يغرفون منه طوال العمر، وحتى لا يطير هذا الكنز، فإن الأب أو من في حكمه، يضعون كافة العراقيل، لتطفيش كل من يتقدم للاقتران بها، بحجج كثيرة، مثل مكانة أسرته أو مهنته، أو مقر إقامته، وربما رفض لأن مشكلة قديمة كانت بين ولي أمرها وولي أمره، وكلها حجج القصد منها، ألا يقترب أحد من الكنز، وأنا في هذا لا أعمم، وإنما هي حالات فردية!
أما لو سلمت الفتاة من طمع الأب والأخ والعم، بسبب الراتب أو الدخل الذي تجنيه من كدها، أو وجدت زوجا يرضى أهلها عن أصله وفصله بغض النظر عن مستواه العلمي والأخلاقي، فإنها قد لا تسلم ممن ارتضته زوجا ورفيقا، حيث تجد هذا الزوج بعد شهور، وقد تحول من النقيض إلى النقيض، فينزع ثوب الشاب الودود المحب، ويتحول إلى شخص شرس، يضرب ويبطش بسبب أو بدونه، وهو يكثر من السهر في الخارج، أما إذا لم يفعل ذلك في الخارج، فإنه يحول البيت إلى مقهى، نادلته أو خادمته الزوجة، والتي من المطلوب أن تطبخ وتباشر على زوار زوجها يوميا، وحتى ساعة متأخرة من الليل، وعليها بعد ذلك أن تهيئ نفسها لعملها، هذا العمل الذي يأخذ منها ساعات طويلة، يذهب مردودها في الغالب لجيب الزوج، الذي قد ينكل بها إذا لم يأخذ حصته كاملة من الراتب، بل إن بعض هؤلاء لا يعرف الكلمة الطيبة أو العشرة، إلا عند إطلالة الراتب، ومرة أخرى أنا لا أعمم في ذلك..!
لقد نشرت مجلة (سيدتي) قبل أيام تقريرا كان محتواه، مهينا للمرأة بكافة المقاييس، وكان كل ما فيه إشارة لما تتعرض له بعض النساء من أزواجهن، الذين أعطوا ظهورهم، أو صموا قلوبهم وآذانهم، عما حثت عليه كافة القيم من حسن العشرة، ومن البناء العائلي الصحي إذا أريد لهذه العائلة أن تنتج جيلا خاليا من العقد والآلام، لقد أوردت المجلة مشكورة العديد من النماذج على السلوك الذي يتبعه بعض الأزواج مع زوجاتهم وكأنهم لم يقترنوا بهن إلا ليكن مصارف تؤمن لهم ما يحقق راحتهم ومزاجهم وأطماعهم، وإلا فإن الحجر والمخاصمة والضرب من نصيبهن.
وهناك تسلط الأبناء الكبار على أخواتهن، وربما أمهاتهم بإيعاز أو توصية من الأب، المشغول مع زوجة أخرى، أو اللاهي في سهراته، وسفراته، حتى إن بعض هؤلاء الأبناء حولوا - البيت إلى سجون لأخواتهن البنات وأمهاتهن، دون أن تتمكن الأم أو الأخت من الشكوى، خوفا من سطوة الأب أو خشية على مكانة الأسرة، فيلملمن جراحهن حتى تتزايد وتكون النتيجة الهرب أو الانتحار وتلك أيضا حالات فردية!
وهناك عضل البنت بحجة عدم وجود الشاب الكفء للزواج منها، أو ربط البنت لابن عمها أو ابن خالها، أو أحد أفراد العائلة حتى لو كان هذا الشخص لا يريدها أو لا تريده، هذا في الوقت الذي يلجأ فيه الأب أو الأخ أو ولي الأمر، إلى الزواج من كل مكان تطؤه قدماه، حتى صارت المنازل تعج بالزوجات القادمات من الشرق والغرب، وأبناء هؤلاء النساء سيأخذون في النهاية اسم العائلة، فلماذا يكون حلالا على الأب أو الأخ ما هو حرام على ابنتهم أو أختهم، خاصة إذا كان المتقدم من أبناء البلد ذوي السمعة الجيدة، ولديه العمل أو المهنة التي تجعله قادرا، على فتح منزل تظلله الرحمة والمودة!
لقد كتبت الدكتورة (هيا المنيع) مقالا جيدا في العدد الصادر يوم الاثنين 10-1-1425هـ من جريدة الرياض، عن شرائح نسائية تتلقى الضرب والركل على الدوام، ولا ترفع الواحدة منهن صوتها، خوفا على سمعة العشيرة، أو خشية من الأب أو الأخ، حين تبث الأخت أو البنت شكواها، خاصة إذا كان هذا الزوج بوجهين، سمعة جيدة وصلاح في الخارج، وضرب ورفس ونفس سيئة داخل المنزل، ونشرت جريدة اليوم في العدد الصادر 10-1-1425هـ تقريرا مؤلما عن رفع (300 دعوى قضائية من الزوجات في الدمام ضد أزواجهن، لتعرضهن للكي بالنار وفقء للأعين، وكسر العظم من أزواجهن..) وسوف أختم بفقرة من هذا التقرير المؤلم، لعله يدفع الجهات المختصة إلى العمل سريعا لإنشاء هيئة أو جمعية، مهمتها الرئيسة تلقي شكاوي النساء والفتيات من أزواجهن أو أهلهن، الذين يعرضونهن للتنكيل والاضطهاد والعضل، ما يدفعهن للفرار أو الاكتئاب أو الانتحار، أو إيذاء أنفسهن، تقول إحدى السيدات: (إن زوجي كان يكويني بدون أي سبب بالسكين بعد تسخينها في النار حتى يحمر طرفها مما أدى إلى تشويه جسدي وسبب لي عاهة مستديمة) وتقول دعوى أخرى (إن الزوج كان يؤذي أطفاله الأربعة حيث يقوم بربطهم بأحد أعمدة المنزل الخارجية ويضربهم بشكل هستيري عقب كل مشكلة زوجية، وقد قام هذا الزوج بإيذاء زوجته بعصا غليظة مما سبب لها كسورا مضاعفة) هذه العينات نشرت ضمن التقرير الذي أصدرته إحدى المحاكم بالمنطقة الشرقية بعد أن أصدرت أحكاما بالسجن والطلاق ضد هؤلاء الأزواج!!
إن البديل الوحيد للاكتئاب والانتحار والهرب النسائي، أن ندع المرأة تفضفض عن آلامها ومشاكلها، في جو من السرية المطلقة، بعيدا عن وصاية الأب أو الأخ، أو الزوج الذي لا يتقي الله في الوديعة التي ينبغي صيانتها وإكرامها! وأن تكون لدينا جمعية أو هيئة مهمتها الرئيسة الدفاع عن المرأة، بعد سماع شكواها في جو من السرية، وأن يكون على هذه الهيئة سيدات أو رجال لديهم القدرة على تقصي شكاوى النساء وهي كثيرة ومريرة!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved