في مثل هذا اليوم 15 ربيع الأول من عام 322 هجرية، توفي عبد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية، وخلفه ابنه أبو القاسم محمد. ففي مطلع القرن الرابع الهجري بدأ الضعف يدب في أوصال دولة الخلافة العباسية، وتفككت وصارت دولاً وممالك صغيرة، لا يربطها بدولة الخلافة سوى الاسم والدعاء للخليفة على المنابر.
وشهد هذا القرن بزوغ ثلاث خلافات، تنازعت السلطة في العالم الإسلامي: الخلافة العباسية في بغداد، والخلافة الفاطمية في إفريقية، والخلافة الأموية في قرطبة، وأصبح للعالم الإسلامي -لأول مرة- ثلاثة من الخلفاء في ثلاثة أماكن مختلفة، يقتسمون الحكم، ويتنازعون فيما بينهم.
نجح أبو عبد الله الشيعي داعية الإسماعيلية في إعلان قيام الدولة الفاطمية في (رقادة) عاصمة دولة الأغالبة في (21 من ربيع الآخر 297هـ - 8 من يناير 910م)، ومبايعة عبيد الله المهدي بالخلافة.
وقد نجح أبو عبد الله الشيعي منذ أن وطأت قدماه بلاد (كتامة) في المغرب العربي في منتصف ربيع الأول (288هـ - فبراير 901م) في جمع الأتباع والأنصار إلى دعوته للمعصوم من أهل البيت، ولمَّح إلى أنهم هم السعداء الذين اختارهم القدر ليقوموا بهذه المهمة الجليلة.
وبعد أن أحسن أبو عبد الله تنظيم جماعته، بدأ في الصدام مع القوى السياسية الموجودة في المنطقة، فشرع في سنة (289هـ - 901م) في مهاجمة دولة الأغالبة، ودخل معها في عدة معاركة، فسقطت في يده قرطاجنة، وقسنطينة، وقفصة، ودخل (رقادة) عاصمة الأغالبة في (أول رجب 296هـ - 26 من مارس 909م).
ادعى عبيد الله المهدي أنه صاحب الحق في إمامة المسلمين، وأنه من سلالة الإمام جعفر الصادق، وقد نجح أحد دعاته وهو أبو عبدالله الشيعي في إقامة دولة باسمه في إقليم إفريقية، وجزء كبير من المغرب الأوسط.
خرج عبيد الله المهدي من (سلمية) من أرض حمص ببلاد الشام في سنة (292 هـ - 905م)، واتجه إلى المغرب، بعد الأنباء التي وصلته عن نجاح داعيته أبي عبد الله الشيعي في المغرب، وإلحاح كتامة في إظهار شخصية الإمام الذي يقاتلون من أجله، وبعد رحلة شاقة نجح عبيد الله المهدي في الوصول إلى 'سجلماسة' متخفيا في زي التجار، واستقر بها.
ومن هناك اتصل سراً بأبي عبد الله الشيعي الذي كان يطلعه على مجريات الأمور، ثم لم يلبث أن اكتشف (اليسع بن مدرار) أمير سجلماسة أمر عبيد الله؛ فقبض عليه وعلى ابنه (أبي القاسم) وحبسهما، وظلا في السجن حتى أخرجهما أبو عبد الله الشيعي بعد قضائه على دولة الأغالبة.
وأقام أبو عبد الله الشيعي وعبيد الله المهدي في سجلماسة أربعين يوما، ثم رحلوا عائدين فدخلوا رقادة في يوم الخميس الموافق (20 من شهر ربيع الآخر 297هـ - 7 من يناير 910م).
وخرج أهل القيروان مع أهل رقادة يرحبون بالإمام المهدي، وفي يوم الجمعة التالي أمر عبيد الله أن يُذكر اسمه في الخطبة في كل من رقادة والقيروان، معلناً بذلك قيام الدولة الفاطمية.
|