Tuesday 4th May,200411541العددالثلاثاء 15 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

محمد الجميح أنموذج للمسلم محمد الجميح أنموذج للمسلم
الثري ومدرسة لرجال الأعمال
د. محمد بن خالد الفاضل(*)

رحل الشيخ محمد الجميح - رحمه الله - كما رحل السابقون، وكما سيرحل الباقون واللاحقون، وحقيقةُ الرحيل هذه من أصدق الحقائق وآكدها، لكنها من أكثرها نسياناً وتجاهلاً من بني البشر، وليس الرحيل نفسه هو المصيبة، لأنه حوض يتساوى الجميع في وروده، وإنما المصيبة العظمى والخسارة الكبرى التي لا تعوض هي الرحيل بلا زاد. واكبر ما يعزي أهل الشيخ محمد الجميح ومحبيه وأصحابه أن التجارة والوجاهة لم تشغله عن الإعداد والاستعداد لهذا اليوم بالزاد المناسب، وكل المقربين من الشيخ يعرفون أنه كلما بنى بيتاً بنى مثله للآخرة، وكلما أثث قصراً في الدنيا بفاخر الأثاث والمتاع والرياش قدم مثل ذلك لقصره الأبدي السرمدي في الآخرة، نحسبه كذلك من خلال ما نرى ونسمع، ونسأل الله أن يتقبل ما قدم ويجعله مضاعفاً في ميزان حسناته ووالديه وشركائه. وليس بوسع شخص بعيد مثلي أن يلم بأعمال الشيخ الخيرية أو يحصرها، لأنه لم يبلغنا منها إلا النزر اليسير، وهذا الذي بلغنا وسمعنا به وعايشنا بعضه على الرغم من كثرته وضخامته فإنه يعد قليلاً في بحر عطاء الشيخ واحسانه، وقد سبق أن كتبت مقالاً مطولاً عن الشيخ بمناسبة تكريم أهل شقراء له ونشرته جريدة الجزيرة في يوم الخميس 29-10-1423هـ يوم تكريمه، وذكرت فيه بعض افضال الشيخ ومآثره الحميدة، وأود هنا الإشارة إلى بعض الأمور الكبيرة الممتدة التي عايشتها، ومنها:
1- مضافة الجميح في شقراء لتفطير الصائمين، التي مر عليها الآن قرابة سبعين عاماً ومازالت قائمة ومستمرة إلى الآن، فإذا علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:( من فطر صائماً كان له مثل أجره من غيره أن ينقص من أجر الصائم شيء). فما بالك بمن يفطر المئات من الصائمين ويعشيهم ويسحّرهم طوال الشهر منذ سبعين عاماً ثم يختم ذلك بالكسوة والعيدية.
وقد ذكر فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع أن سكان شقراء يزيدون إلى الضعف تقريباً عند دخول رمضان لكثرة من يفد إليها من الضواحي والبوادي قاصدين مضافة الجميح وغيرها من بيوت أهل البر والإحسان.
2- مشروع الماء الحلو النظيف الذي نعمت به مدينة شقراء قبل غيرها من غالبية مدن المملكة، وهو مشروع الجميح المشهور الذي استمر قرابة خمسة وعشرين عاماً ودخل كل بيت وكل تكاليفه على نفقة الجميح، بل امتدت فائدته لأهل القرى والضواحي الذين يردونه بإبلهم وسياراتهم لملء ما معهم من القرب والأواني، وقد وردت أحاديث وآثار في فضل سقي الماء للإنسان والحيوان والطير، فما بالك بمن يسقي مدينة كاملة مدة ربع قرن، دون مقابل، إلا ما يحتسبه عند الله، ونسأل الله أن يدخره مضاعفاً له ولوالديه ولشريكه وأبنائهم الذين يعينونهم على هذا الخير.
3- بناء المساجد في شقراء وغيرها.
4- دعم الجمعيات الخيرية وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم في شقراء وغيرها بالمباني والرواتب والسيارات والأموال.
5- طباعة كتب التراث الإسلامي من التفسير والحديث والعقيدة والفقه.
6- دعم المشاريع الخيرية المتنوعة داخل المملكة وخارجها بسخاء لا نظير له، وقد حدثني الشيخ القرعاوي وهو من المعنيين بهذه الأمور لدى سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله - بأن الشيخ محمد الجميح أكثر رجال الأعمال استجابة لطلبات الشيخ ابن باز وشفاعاته في دعم المشروعات الخيرية في الداخل والخارج.
هذا بعض ما أعرف من أعمال الشيخ ويتوج هذه الأعمال سيرة حسنة وسمعة طيبة وكرم ورجولة وبعد عن الشبهات في موارد المال ومصارفه وصلة قوية بالله وعبادة وصلاة وتهجد، وقد حدثني مؤذن مسجده انه كلما جاء ليؤذن لصلاة الفجر وجد الشيخ قد سبق إلى المسجد يتهجد أو يقرأ القرآن، وهكذا كان رحمه الله في صلته بربه وفي صلته بالناس وبالمجتمع وبالمسلمين في كل مكان، فلا غرابة أن يضيق الجامع وتضيق المقبرة ويضيق قصره الفسيح وشارعه الواسع بالمعزين من كل فئات المجتمع وشرائحه وطبقاته، وقد صدق الإمام احمد - رحمه الله - عندما قال لخصومه: موعدنا يوم الجنائز . وصدق رسولنا الأمين صلى الله عليه وسلم عندما قال لعمرو بن العاص رضي الله عنه:( نعم المال الصالح للمرء الصالح)، وليت أثرياء المسلمين، وأثرياء بلادنا على الخصوص يستفيدون من سيرة الجميح العطرة فيحسنون التصرف في أموالهم وينفقونها فيما يعود عليهم وعلى بلادهم وامتهم بالنفع العظيم ويكسبون رضا الله ودعاء المسلمين بدل أن يحاربوا بها ربهم وامتهم عبر قنوات فضائية تنشر الرذيلة والفجور وتهدم الأخلاق وتدمر الشباب من الجنسين وتستمطر اللعنة والغضب من الله.
رحم الله فقيدنا الغالي محمد الجميح وبارك في خلفه وعقبه من أبنائه وأبناء أخيه وأعانهم على المضي في طريقه طريق الخير والفلاح، وهم بحول الله فاعلون، لانهم كانوا نعم المعين له في حياته.

* جامعة الإمام وجامعة الأمير سلطان/ الرياض


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved