سعادتنا بتنظيم مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف لأول ندوة دولية حول (عناية المملكة العربية السعودية بالسنة والسيرة النبوية)، بحضور هذا العدد الكبير من علماء الأمة، والمتخصصين في السنة والسيرة النبوية العطرة، وعدد كبير من الباحثين المتخصصين، يدفعنا للتساؤل حول إمكانية أن تكون هذه الندوة بداية لإيجاد آلية عملية لتحقيق هذه العناية الواجبة بالمصدر الثاني للتشريع الإسلامي، وما هي طبيعة هذه الآليات؟
وهو سؤال صعب بكل المقاييس، إذا علمنا عدد المخطوطات والمراجع التي تتناول السنة العطرة والسيرة النبوية، المنتشرة في المكتبات والدواوين في مشارق الأرض ومغاربها، وبعضها يحتاج إلى توثيق وتحقيق وإثبات، وبعضها الآخر قد لا يخلو من أخطاء تحتاج إلى تصحيح، هذا بخلاف ما يشنه أعداء الإسلام من حملات حاقدة، وسهام مسمومة تستهدف النيل من مكانة السنة والسيرة في نفوس وقلوب المسلمين، وما يفعله بعض المحسوبين على الإسلام من تجاوزات تسيء للسنة والسيرة، حتى وإن كان دافعها ادعاء حب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي تجاوزات ترسخت بالتقادم، وتأخر مواجهتها، والتصدي لها.
وهذه التحديات - وإن كانت تصعب الإجابة على سؤالنا حول إيجاد آلية عملية للعناية بالسنة والسيرة - إلا أنها تجعل العثور على هذه الآلية من أوجب الواجبات التي يجب أن يقوم بها علماء الأمة من المختصين بالسنة والسيرة، وكلما حدث ذلك بسرعة أمكن النجاح في مواجهة هذه التحديات.
ومن فضل الخالق - سبحانه وتعالى - أن قيض للسنة النبوية المطهرة من يجمعها من ذاكرة الصحابة والتابعين، من علماء بذلوا في سبيل التوثيق منها ما يضرب به المثل في الجهد والحرص على نقل الصحيح منها، وفي سيرة هؤلاء العلماء وجهدهم النبراس الذي يجب أن يدفعنا جميعاً للعناية بالسنة والسيرة على أسس علمية تتفق وطبيعة العصر وتحدياته، فهل بدأنا فعلاً في رسم ملامح هذه الآلية، مستفيدين في ذلك مما سوف تتوصل إليه هذه الندوة من توصيات؟ نأمل ذلك.
|