تصلُّب الشرايين من أكثر الأمراض شيوعاً في الآونة الأخيرة، بسبب السلوكيات الغذائية الخاطئة، والإسراف في تناول الدهون، ورغم تعدد وسائل وأساليب علاج هذا المرض، فإن احتمالات الشفاء ما زالت تثير قلق من يصابون بهذا المرض، فهل يمكن الوصول إلى الشفاء الكامل من تصلُّب شرايين القلب؟.. د. حيدر المدني استشاري أمراض القلب والشرايين بمستشفى الحمادي بالرياض يجيب على هذا السؤال فيقول:
إن إمكانية وجود علاج فاعل للتخلص من الترسبات الدهنية التي تسبب تصلب الشرايين، أمل لكثير من الناس والأطباء على حد سواء، ومع أن هناك عوامل عديدة تزيد من احتمال تصلُّب الشرايين، فإن التخلص من هذه العوامل، وعلى رأسها التدخين والبدانة والتقليل من الدهون في الطعام وغيرها، قد يخفف من هذا الاحتمال، ويعمل على تخفيف الترسبات الموجودة فعلاً، ولكن فيما يتعلَّق بالسؤال المطروح وهو هل يوجد علاج أو دواء فعَّال لذلك المرض؟ نقول:
إن الجواب على ذلك يتضمن أخباراً حسنة وأخرى سيئة، أما الحسنة فهي أن كثيراً من الدراسات تدل على وجود عدة طرق للتخلص من الترسبات الدهنية في شرايين القلب، أو على الأقل تقليل انتشارها وتأثيرها وتتضمن التقليل من الكولسترول (خاصة الكولسترول السيء LDL )، والتقليل من الدهون الثلاثية، ورفع نسبة الكولسترول الجيد (HDL)، وذلك عن طريق التحكم بالطعام، وعن طريق الأدوية وممارسة الرياضة، أما الأخبار السيئة فإن التحسن المنظور في نسبة تضييق الشرايين، بعد استخدام هذه الطرق كلها، هو تحسن ضئيل جداً ولا يحدث عند كل الأشخاص، فمثلاً في إحدى الدراسات على مجموعة من الرجال الذين يعانون من تصلُّب حدث تحسن عند 3/1 منهم فقط، وكان مقدار التحسن صغيراً (لا يتعدى 0.1 مم من قطر الشريان) بعد 3 سنوات من الدراسة، أي توسع قطر الشريان بنسبة حوالي 10% عشرة بالمائة.
ويضيف د. المدني : ولكن الملاحظ أن هؤلاء الرجال توقف عندهم تقدم المرض وانتشاره، وحصل عندهم انخفاض في نسبة الأعراض التي تدل على تضيق شرايين القلب، وهناك دراسات أخرى عديدة أعطت نفس النتائج، التي تدل على أن معظم الناس وليس جميعهم والذين يعانون من أمراض قلبية خطيرة، حصل عندهم توقف في انتشار واستفحال مرض تصلب الشرايين، وفي بعض الأحيان حصل تحسن بسيط في درجة التصلب والتضيق بعد انخفاض نسبة الكولسترول في الدم بواسطة الأدوية، واتباع الحمية الغذائية، كما أن معدل الإصابة بنوبة قلبية أو ذبحة صدرية عند هؤلاء الأشخاص ومعدل احتياجهم لعمليات فتح شرايين القلب قد انخفض، ولا شك أن الانخفاض في هذه المعدلات مؤشر جيد ومشجع، لأنه يدل على أن تحسين نسبة الدهون في الدم لها بعض الفوائد، ولذلك يجب الاهتمام بهذه النقطة بالنسبة للمريض، وبالنسبة للطبيب المعالج، وفي الوقت الحالي يجب التركيز على ضرورة التحكم بنسبة الكولسترول في الدم والتخلص من العوامل الأخرى التي تزيد من احتمال تصلُّب الشرايين.
|