اشترت - تايوان - قطارا من اليابان، سرعته في الساعة (300) ثلاثمائة كيلو مترا، ترى كيف حال مشروع شبكة القطارات في بلادنا، ومتى سنرى قطارا مماثلا، وإن كان بسرعة أقل من سرعة القطار التايواني!؟ أما أن نسمع عن هذا المشروع، وتكتب عنه الصحف، فهذا لا يكفي، لأننا سمعنا كثيرا، لكننا نريد ونترقب التنفيذ السريع، لأن الانتظار قد طال، والكلام وحده أصبح لا يجدي، لا سيما ونحن نقرأ قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (لا قول إلا بعمل)!
* هناك موضوعات ومشروعات، يمكن تنفيذها مرحليا دون استعجال، لكن إذا أخذنا بهذا المبدأ، فإننا لن ننتج أو ننشئ مشروعات حيوية! ومن ذلك مشروع الصرف الصحي في جدة، الذي مضى عليه أكثر من خمسين سنة منذ البدء فيه، ثم التوقف والعودة إليه، وحال جدة لا يسر عدوا ولا صديقا، لا سيما اليوم، بعد هذا التوسع الكبير خلال ثلاثة عقود، ولو كان ثم شبكة أنشئت مبكرا، لكان التوسع فيها أيسر من الانتظار الطويل والوقت الضائع والأموال المهدرة في المشروع، ولم أر إدانة ولا محاسبة لأحد على هذا التفريط الذي تجاوز حده في موازين العقلاء
* والأخ يحيى توفيق قبل ثلاث سنوات قد ألقى قصيدة أمام سمو الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة، يوم رعايته لاحتفال النادي الأدبي الثقافي، بمناسبة مرور خمس وعشرين سنة على إنشائه، وكانت الشكوى في القصيدة مريرة من جراء طول انتظار الصرف الصحي.. وقد هدأ الأمير على الأخ يحيى وهو يتسلم منه درع النادي، وأن المشروع جار تنفيذه، وأهل جدة الذين يعانون القذارة من البيارات ونزحها وتفريغها وراء الخط الدائري، وقد كونت بحيرة من القذى لا تليق بمدينة جميلة، يدعى إليها سنويا للسياحة، لكن حالها الداخلية في سوء من البعوض والغربان وتلف زفت الشوارع وتدني النظافة، هموم لا حد لها.. إذا ما زال أهل جدة ينتظرون الانفراج وتحقيق الوعود، بمزيد من الصبر الجميل!
* أما السكة الحديدية، فإن علمها عند ربي، وأنا أبحث عن حل للمعادلة، إن كانت هناك معادلة، وأكبر الظن، أننا لو أسرعنا منذ نصف قرن في مشروعاتنا الأساسية، بتسيير خطوط للسكة الحديدة بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، وبدأنا بنقل الحجاج بين المثلث في المنطقة الغربية: جدة، مكة، المدينة، لحققنا شيئا من حلم عبر هذه المرحلة المهمة، ولتخلصنا من هموم ورداءة الحافلات وخرابها وعمالتها من سائقين ومن إليهم، وعادمها السام، واستفدنا من المساحة الكبيرة التي تشغلها في عرفات، المزدلفة، منى، مكة، المدينة، ولحمد القوم السرى..! ومشروع السكة الحديدية، فإننا واجدون شركات تنجزه ولا يرهقنا المشرع بإنفاقه، غير أننا نضيع الوقت فيما يسمى دراسات لا نهاية لها كما يبدو، ولو بدء فيها قبل أكثر من عقد، ورب هاجس يقول لنا: لا تعجلوا فكل آت قريبا كما يقال، وأكبر الظن أن مشروعات مهمة لا تحتمل الانتظار الطويل كشبكة السكة الحديدية التي أتابعها كل شهر من خلال مجلة وزارة النقل والمواصلات، و كذلك الصحة والصرف الصحي والتعليم.!
* ولعل نظرة إلى حال التعليم، الذي بلغ اليوم خمسة ملايين - طلبة وطالبات -، وتجعلنا ندرك أن هذه القفزة في - الكم -، لم تكن محسوبة في خططنا العامة، إلى أن وصلنا إلى واقع قاد إلى أزمة، ذلك أن مدارسنا وكلياتنا وجامعاتنا تخرج إلى الساحة أميين، وحين يقول مسؤول في بلادنا عبر الصحافة: إنه لا يتصور وجود بطالة، وفي البلاد أكثر من ستة ملايين من المعاملين غير سعوديين.! فإنني أقول توضيحا وليس ردا: إن خريجي التعليم منذ ثلاثة عقود، ليسوا قادرين على شغل أكثر الوظائف التي يشغلها المستقدمون، لأنهم لم يتعلموا إلى أقل مستوى يؤهلهم لعمل مجد.! فمن يحل المعادلة العسيرة يا ترى؟
|