Monday 3rd May,200411540العددالأثنين 14 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نهارات أخرى نهارات أخرى
ترمل الزوجة الثانية
فاطمة العتيبي

* أم فلان..
امرأة جنوبية.. استيقظت ذات مساء على الحياة..
عرفتها متأخرة.. اكتشفت وجهها الآخر.. في لحظة فوات الأوان.. هي في الخامسة والثلاثين.. وأم لأربعة أيتام.. تركها زوجها لقارعة الطريق ورحل عن الحياة تحت عجلات السيارات في طريق الحجاز.
كانت الزوجة الثانية.. الصبية الجميلة.. المخبأة في بيت إيجار..
هي الملاذ الجميل لرحلة العمر الثانية.. يعبر فيها الرجل عن رغبته المستميتة في التجدد والدهشة والشعور بالعنفوان..
** تستعذب المرأة هذا الفرح وهذه الزيارات المفاجئة.. والاختلاسات من وقت الزوجة الأولى..
وتشعرها بلذة.. التميُّز.. وببهجة الوقت المستقطع من الزمن المقنن وتنسى في غمرة الشعور الطافح بالأنوثة.. أنها وأطفالها على قارعة الطريق.
لا أحد من أسرة زوجها الكبيرة يعرفهم.. لا أبناؤه ولا زوجته ولا إخوانه ولا أخواته..
هي فقط بيت مشروع لحياة أكثر عذوبة ونكهة وشباب ومسئوليات أقل..
** استيقظت أم فلان.. على صرير الحياة وهي تفتك بزوجها.. الذي رحل.. لديها أوراق رسمية وشهادات رسمية لأطفالها الذين يتابعون دراستهم في مراحل متفاوتة من المتوسط والابتدائي..
رأت لأول مرة أهل زوجها وأبناءه وزوجته الأولى في أيام العزاء.
** منذ ثمانية شهور وهي في مواعيد متكررة في المحكمة.. جلسات وحضور متكرر لحصر الورث والورثة..
ودون أن يكون هناك فائدة.
الزوجة الأولى وأبناؤها في البيت الكبير (المِلك) وهي وأطفالها يصارعون الحياة بين مصاريف الدراسة والأكل والكهرباء والهاتف والليموزين الذي يذهب بها إلى المحكمة.
دفعت إيجار الستة الشهور الماضية من بيع ذهبها وبعض الصدقات من الجيران والمحسنين.
** ومَن سيدفع لها الستة الشهور القادمة.. لمَ تتحول هذه الزوجة من أم وامرأة تجلب السعادة والبهجة في حياة الرجل إلى معوزة ضعيفة.. قليلة الحيلة.. في وطن يحفظ عهده مع أبنائه.
كيف تظل المحاكم في دوامة لا تنقضي.. دون أن تفكر في مصائر هؤلاء الناس الذين تؤجل جلساتهم والبت في قضاياهم..
** قبل قليل خرجت أم فلان من مكتبي..
وتركتني متألمة.. تبحث عن وظيفة (مستخدمة) وتحمل ملفاً كبيراً فيه أوراقها ومواعيد الجلسات المؤجلة وشهادة وفاة الزوج.
** الزوج الذي لم يسع إلى تأمين حياة زوجته وأبنائها الجدد.. لم يفكِّر بهم لو رحل فجأة كيف سيكون مصيرها ومصير أطفالها.. استلذ هو بتغييبها عن الناس وجعلها بيتاً سرياً يهرب فيه من الضجيج تركها ورحل..
** خرجت وتركت عطورها النفاذة جداً جداً.. وكنت قد سألتها من أوصلك إلى هنا.. وقالت سائق الليموزين..
كنت أريد أن أنبهها لهذه العطور القوية وأنها لا تليق بامرأة محترمة.. لكنني أحسست أن (الضرب في الميت حرام).
** فقد أوجعتها الدنيا فجأة واستيقظت على حزن مفاجئ.
** هؤلاء النسوة وأخطاؤهن في ذمة المحاكم التي لا تعطيهن حقوقهن وتحميهن وتنفِّذ شرع الله عاجلاً في توزيع الميراث ومعاقبة من يتسبب في التأخير.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved