قدَّم الدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي وزير العمل، رسالةً قصيرة طويلة، وقد تمثَّل ذلك في أول تصريح وخبر من وزارته الوليدة عقب تعيينه وزيراً لها، والذي نشر في كافة أو أغلب الصحف المحلية، وأسميتها قصيرة لأن أبا يارا عُرف عنه كتابة المقالة والقصة القصيرة، وإن قصرت كتاباته فهي تعطي المعنى ولا ينقصها الاختصار شيئاً، وأما أنها طويلة فبحكم اختصاص عملي وتخصص كتاباتي حول شؤون وشجون العمل والعمال، فهي لا بد أن تكون كذلك، لأنها كانت رسالة شاملة ووافية، ولامست العديد من القضايا العالقة والمستعصية لمعظم حالات العمل والعمال في البلاد، سواء ما يختص بالمواطن أو الوافد على حد سواء، لهذا لا بد أن تكون طويلة هذا إذا أجمعنا على ذلك، لقد كان لنشر تلك الرسالة وقع كبير في نفوس المواطنين، بل أصبحت محل تقدير واهتمام من لدن قادة البلاد، حينما رفعوا لمعاليه برقياتهم معبرين خلالها عن امتنانهم وثنائهم بما قرؤوه في ثنايا هذه الرسالة العظيمة، ولا شك أن بعضاً من أصحاب العمل لم يرق لهم ما ذهب إليه الوزير بكلمات هي ذلك دلالة وهدف واضحين، بدءاً من ما كان يقصده عن تجار التأشيرات، وانتهاءً بالمتلاعبين والمتحايلين على أنظمة التوظيف في البلاد مروراً بمن كان يعتقد أن فحوى رسالة الوزير قد تضر أكثر مما تنفع، وهذا الاعتقاد الأخير إن كان ذا صواب، فوزيرنا الحالي هو خير من يسمع ويتحدث مع الآخر حول وجهة النظر، لمعرفة موطن الخطأ رجوعاً إلى الصواب، ومما لا شك فيه أن الرجوع إلى الحق فضيلة، ولا أعتقد أن أحداً قد كتب لمعاليه أو كتب عنه أمراً من الأمور إلا وكان متجاوباً في الحال، ولهذا فليطمئن أولئك الصادقون الناشطون في أعمالهم، والذين يمتلكون الوعي وسمو الوطنية، فلا يجب أن يعتقد أحد أن هذا الوزير أتى لمضارة أحد في رزقه، أو أنه أتى بحماس عاطفي ربما يبدي معه إلى إضعاف اقتصاد البلاد، هذا إذا كان اعتقادنا مبنياً على أن من قرارات معاليه كلها أو البعض منها هو الهدف منها الحيلولة دون الاستقدام أو تقليصه بدرجة لا يقبلها الواقع الاجتماعي أو الاقتصادي، فرجل مثل الدكتور غازي القصيبي هو خير معين بعد الله لدعم ومؤازرة بلادنا في مجالات عديدة، فسيرته العملية الماضية هي خير دليل على ما نقول، وبالتالي فإن الاشتراك معه في طرح الرأي والمشورة أرى أنه الطريق السليم تجاه خطوات منهج سوف يثمر لنا منافع عدة إن شاء الله، كمواطنين قبل أن نكون أصحاب عمل، ولهذا لا يمكن أن نفسر توجه معاليه بأنه بداية لبناء حاجز منيع يضر ولن ينفع، ولهذا فإنني أرى أن التعاون مع معاليه هو بداية لبناء جسور علاقاتية سوف تثمر لنا نهضة اجتماعية واقتصادية مأمولة، من خلال تذليل العقبات تجاه قضية أضحت أصعب قضية اجتماعية معاشة، وهي قضية تطبيق عملية الإحلال التدريجي لتوظيف المواطنين محل الوافدين، ورسم سياسة واضحة ومنطقية تجاه تقدير احتياجات التوظيف من الوافدين، وكذا نحو تطوير أنظمة عمالية طالما انتظارنا إقرارها، مواجهة للمتغيِّرات المعاشة اقتصادياً واجتماعياً، فهلاَّ شدَّ كل منا أزر الآخر، ووضعنا أيدينا في أيدي بعض، لننهض بهذه البلاد الواعدة الأبية، ونؤمن معاً بالمشاركة في الرأي والمقترح وصولاً إلى إصدار قرارات وطنية محققة لتطلعات وآمال الجميع، والتي معها ندعو الله أن تتحقق، والله من وراء القصد.
(*) الباحث في شؤون الموارد البشرية
|