* دبلن - بقلم شذا إسلام -(د. ب. أ):
كانت الشمس ساطعة في الوقت الذي رفع فيه زعماء 25 دولة جديدة وقديمة في الاتحاد الأوروبي أعلامهم الوطنية في احتفال مهيب بمناسبة إعادة التوحيد التاريخية لقارتهم، بيد أنه حتى وهم يحتفلون بهذا الحدث التاريخي وهو النهاية الرسمية للحرب الباردة، بدا أن زعماء الاتحاد الأوروبي يعدون العدة لمواجهة أوقات عصيبة وقرارات صعبة تنتظرهم في المستقبل. ولعل هذا ما حدا برئيس الوزراء الايرلندي بيرتي أهيرن الذي يتولى أيضاً الرئاسة الحالية للاتحاد الأوروبي إلى استبعاد القضايا الشائكة من أجندة احتفالات يوم السبت، حيث أصر على أنه لا ينبغي أن يعكر أي شيء صفو هذه اللحظة النادرة للتناغم الأوروبي التام.
وبعدما أصبحت قبرص وجمهورية التشيك وإستونيا والمجر ولاتفيا وليتوانيا ومالطا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا أعضاء كاملي العضوية في الاتحاد الأوروبي ابتداء من الأول من أيار - مايو، قال أهيرن للصحفيين: هذا يوم الأمل والفرص.
والتزاماً بالقواعد التي حددها أهيرن أشاد رؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الأوروبي بظهور اتحاد جديد يضم 25 دولة مصرين على أنه سيصبح لاعباً أقوى على الساحة العالمية وقوة دافعة من أجل السلام. وقالت الرئيسة الايرلندية ماري ماكاليس: سنبني شراكات أوثق واتحاد أعمق وديمقراطية أقوى. وقال الرئيس البولندي ألكسندر كواسنويسكي (إني سعيد جداً. فقد حققنا الحلم أخيراً). وقال رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو (إننا الآن في أوروبا متحدة). وأضاف أن الخلافات بين الأوروبيين الجدد والقدامى وبين أوروبا الغربية والشرقية وبين شمال وجنوب القارة قد أضحت الآن في ذمة التاريخ. وقال أهيرن (يمثِّل اليوم انتصار الارادة والمثابرة على إرث التاريخ)، في إشارة إلى أن ثماني من الدول العشر المنضمة للاتحاد الأوروبي كانت ضمن الكتلة الشيوعية. لكن رئيس الوزراء الأيرلندي حذَّر أيضا من أن اتحاداً يضم 25 دولة سيحتاج إلى قواعد ونظم جديدة. وحذَّر من أن التحدي الرئيسي الأول الذي يواجه الاتحاد هو الانتهاء من وضع دستور جديد يهدف إلى تبسيط عملية صنع القرار في إطار الاتحاد الأوروبي الموسع. وقال (نحن في حاجة إلى إجراء تغييرات لكي يكون هناك نظام فعال لصنع القرارات). وحذَّر قائلاً (ستكون هناك صعوبات كبيرة إذا واصلنا ما نحن عليه).
واتفق معه في الرأي رومانو برودي رئيس المفوضية الأوروبية الذي قال (إذا أردتم اتخاذ قرارات فأنتم بحاجة إلى قاعدة الأغلبية.. هذه هي الحياة الديمقراطية)، مضيفاً أن (عواقب الإجماع قد تكون عدم اتخاذ قرارات).
يذكر أن المفاوضات حول معاهدة جديدة للاتحاد الأوروبي انهارت في كانون الأول - ديسمبر الماضي بعدما رفضت أسبانيا وبولندا أي انتقاص من حقوقهما في التصويت.
وتحاول أيرلندا إحياء المحادثات ومن المقرر أن تستأنف المفاوضات على مستوى وزراء الخارجية في 17 أيار - مايو الجاري في بروكسل.
وأعرب أهيرن عن رغبته في الاتفاق بشأن المعاهدة خلال قمة الاتحاد الأوروبي المزمعة في منتصف حزيران - يونيو المقبل.. وقال (يمكن إيجاد سبيل للمضي قدماً بالإرادة السياسية اللازمة).
وتشجع صناع السياسة في الاتحاد الأوروبي بوعد ثاباتيرو بشأن تبني موقف أكثر مرونة حيال حقوق التصويت من ذلك الذي كان يتبناه سلفه خوسيه ماريا أثنار.
كما أكَّد الرئيس البولندي كواسنويسكي أن بلاده لا تريد أن تكون (مثيرة للمتاعب).
ومن المقرر أن يبدأ رئيس الوزراء الايرلندي جولة في عواصم دول الاتحاد الأوروبي لإجراء محادثات حول المعاهدة بعد الانتهاء من احتفالات التوسيع. غير أنه بالاضافة إلى مشكلات اقتسام السلطة يواجه زعماء الاتحاد الأوروبي أيضاً مشكلات حاسمة أخرى. فالاتحاد الأوروبي الموسع ما زال منقسماً على نفسه بشأن الحرب في العراق، حيث لا تزال بريطانيا وإيطاليا وبولندا مرتبطة بتحالف وثيق مع الولايات المتحدة وسياستها في هذا البلد في حين عارضت ألمانيا وفرنسا، اللتان انضمت إليهما أسبانيا الآن في ظل حكم زعمائها الاشتراكيين الجدد، هذه الحرب بشدة.
أما روسيا فإنها ما زالت حذرة إزاء عملية توسيع الاتحاد الأوروبي كما أنه على الرغم من تأييد واشنطن لتوسيع الاتحاد، فإن صنَّاع السياسة الأمريكيين من أمثال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد كثيراً ما يفرقون في المعاملة بين حكومات دول الاتحاد. كما أن الخطب الرنانة المتفائلة التي ألقاها الزعماء تخفي وراءها مخاوف مستمرة بين الأوروبيين (القدامى) إزاء التوسيع.
وركزت وسائل الإعلام البريطانية على مخاوف من أن غرب أوروبا سيواجه طوفانا من الأوروبيين الشرقيين الأكثر فقراً من الباحثين عن وظائف وحياة أفضل.
وقال المستشار الألماني جيرهارد شرودر إنه سيقاوم أي نظم ضرائب غير عادلة والمنافسة التجارية غير الشريفة من جانب الأعضاء الشرقيين الجدد في الاتحاد الأوروبي.
|