* البحرين - جمال الياقوت:
تحت رعاية صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين تستضيف مملكة البحرين يوم 24 أبريل الجاري حدثا ثقافياً مهماً بالتعاون مع المغرب، وهو ملتقى البحرين (أصيلة للثقافة والفنون) الذي يقام بهدف توطيد التعاون الثقافي بين البلدين بمشاركة فنانين ومثقفين من أكثر من 20 دولة عربية وأجنبية.
وتتسم العلاقات الثقافية بين مملكة البحرين والمملكة المغربية الشقيقة بوجود تجانس في المكونات الثقافية والفكرية، فيما بين أبناء الشعبين البحريني والمغربي، وقد تخطى هذا التجانس الفكري والثقافي الحدود والمسافات التي تفصل بين البلدين، وتشكلت حالة من التلاقي في الأفكار والرؤى ليس على صعيد العلاقات البحرينية المغربية فقط، وإنما على الصعيد العربي ككل.
إن فكرة التلاقي بين البحرين وأصيلة التي تملك اليوم رصيد ربع قرن من العطاء المتميز على مستوى العالم مغاربيا وعربياً ودوليا.. هذه الفكرة للأمانة وليدة عهد الإصلاح الشامل بمملكة البحرين، وبتوجيه قائدها الذي يؤمن بأن البعد الثقافي بعد أصيل في مشروع الإصلاح الوطني، وقد بادر إلى مخاطبة أخيه جلالة ملك المغرب الشقيق لتفعيل هذا اللقاء بين البحرين وأصيلة، فلقيت الفكرة كل الرعاية والتشجيع.
وتأتي إقامة هذا الفعالية الثقافية المهمة لتوأمة العمل الثقافي بين البحرين والمغرب بالشكل الذي يعبرعن ريادة البحرين الثقافية والتراثية، وبما يواكب مشروع الإصلاح والتحديث الشامل الذي تشهده البحرين.
وقد جاء تبني مملكة البحرين لمفهوم التوأمة الثقافية مع أصيلة المغربية بهدف الاستفادة والتفاعل مع حدث ثقافي عربي راكم خبرات متعددة، وأصبح علامة ذات مغزى في توظيف الثقافة لخدمة التنمية.
وبتدشين هذه التوأمة الثقافية بين البحرين والمغرب تكون مدينة (أصيلة) المغربية الصيفية التي تمتلك اليوم رصيد ربع قرن من العطاء المتميز على مستوى العالم مغاربياً وعربياً ودولياً.. تكون (أصيلة) قد وجدت توأماً لها في الشتاء على الطرف الآخر من الشرق العربي.
إن هذه التوأمة الثقافية بين البحرين والمغرب ترتكز في تفاعلها الخلاق على ما يملكه البلدان من تراث حضاري وتاريخ ثقافي وتمايز إبداعي عززه موقعها الجغرافي كنقطة اتصال بين الشرق والغرب.. وكون كلا البلدين يمتلكان مساحة واسعة من التسامح والأفق الفكري الرحب.
ومن هذا المنطلق سيكون مهرجان البحرين أصيلة تعبيراً ثقافياً عربياً عن التواصل والحوار بين المشرق والمغرب بين جناحي الأمة العربية بالإضافة إلى أن نجاح هذه التجربة المغربية يشجع على الاستفادة منها وفق صياغة بحرينية يحددها واقع وإمكانات المثقف في البحرين، ومستوى العلاقة الأخوية الحميمة بين البلدين البحرين والمغرب.
إن تنظيم ملتقى البحرين أصيلة للثقافة والفنون يعبر عن رغبة أكيدة في تفعيل دور الثقافة في البحرين ورغبة في الاستفادة من تجارب الآخرين من خلال تبادل الخبرات والاحتكاك بين فنانين ومثقفين من البحرين، ومن المغرب ومن أكثر من عشرين بلداً من مختلف القارات، وهذا في حد ذاته مكسب للبحرين على جميع المستويات وتسويق لها ثقافياً وسياحياً.
ومن جانب آخر، فإن ملتقى البحرين أصيلة للثقافة والفنون يأتي في إطار التكامل والتعاون والترابط بين بلدين وشعبين عربيين تجمع بينهما أواصر الصداقة والتعاون منذ سنوات بعيدة، وعلى المستوى الشعبي يتفق الشعبان البحريني والمغربي في حبهم للمعرفة وتميزهما بتقاليد ثقافية عريقة ما جعل الكثير من المفكرين والمثقفين العرب يعتبرون مملكة البحرين فنارا للمشرق العربي والمملكة المغربية فنارا للمغرب العربي.
وتحظى تجربة إقامة ملتقى البحرين أصيلة باهتمام كبير في البحرين، وقد تم تقديم جميع التسهيلات والمتطلبات الإعلامية والثقافية التي ستسهم في إنجاح هذه الفعالية المتميزة وإبرازها كحدث ثقافي كبير يسهم في إغناء حركة الثقافة والفنون الراقية في البحرين ما يعزز إقامة حوار وتفاعل دائم بين مثقفي البحرين ومثقفي العالم.
وفي هذا الإطار أعدت اللجنة التنظيمية للملتقى برنامجاً ثقافياً متنوعاً يشتمل على الكثير من الأنشطة الثقافية والفكرية التي ستتوزع على مختلف المناطق في البحرين بمشاركة نخبة من الفنانين والمفكرين من مختلف دول العالم، فقد تمت دعوة مفكرين وتشكيليين ومسرحيين وموسيقيين وشعراء وأساتذة في الفنون من عشرين دولة من دول العالم لإحياء ما يقرب من ست عشرة فعالية ثقافية تشمل تأسيس ورشة لفن (الجرافيك) بمعدات حديثة وأعمال رسم الجداريات في خمسة مواقع مختلفة في البلاد وفنون الشارع المسرحية والحفلات الموسيقية لفرق من الداخل والخارج واحتفالية للفنون الشعبية وندوات فكرية وفنية وأمسيات شعرية وتدشين مجسم على أرض بكر تدخل خارطة العمل الثقافي لأول مرة في البحرين، ويهدف البرنامج إلى إبراز مملكة البحرين مرتكزاً إبداعياً ونقطة إشعاع حضاري لتعزيز مكانة الفنون في حياة الإنسان وخلق فرص حوار عالمي بين فئات مجتمعية مختلفة تأكيداً على قدرة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على فتح أفق الديمقراطية ولفت النظر إلى قدرة العمل الثقافي على الإسهام في التنمية.
ولأن الطفل هو الأنموذج الأصلي للفنان فإن رغبة (ملتقى البحرين أصيلة للثقافة والفنون) في مشاركة الأطفال كبيرة جداً حيث يكون أعدادهم ليصبحوا فنانين ذواقين قريبين من مجتمعاتهم غير منعزلين عن هموم الناس والشارع.
وعندما يجتمع الأطفال على حس اللون تنمو صداقات جديدة وتتجدد لهم وسائل التعبير وتتطور، ويصبحوا قادرين على التعبير عن مواضيع مختلفة، وعن مشاعرهم تجاه وطنهم وذواتهم والمحيطين بهم، ويشبعوا رغباتهم في حب الاستطلاع.
ويتضمن فعاليات مهرجان (ملتقى البحرين أصيلة للثقافة والفنون) العديد من الفقرات التي ترتبط بأصل تجربة أصيلة مثل الاهتمام بالجداريات والتلوين والحفر، كما سيتضمن جوانب عديدة من ألوان الثقافة والفكر والفنون بمشاركات بحرينية متميزة وبحضورعربي ودولي نوعي، وفيما يلي أبرز فعاليات برنامج المهرجان...
1- صباغة الجدران وإعداد الجداريات الفنية، حيث سيقوم ثمانية فنانين من المغرب والبحرين بإعداد هذا النشاط الفني، وقد تم اختيار المحرق وقرية الجسرة لهذه الفعالية.
2- الحفري وسوف يشارك في هذا النشاط الفني عدد من فناني الحفر من البحرين وإسبانيا والمغرب.
3- احتفالية فنون مسرح الشارع، وهي تتضمن العديد من العروض المسرحية الحية التي تعرض في الشارع على الجمهور، وبالإضافة إلى هذه الفعاليات سيتم تنظيم أمسية شعرية بعنوان (من المحيط إلى الخليج).
يشارك فيها شاعر وشاعرة من المغرب وشاعر وشاعرة من البحرين، كما سيتم تنظيم عدد من الندوات الثقافية والفكرية من أهمها ندوة بعنوان (أصيلة التجربة والمدى) وهي عبارة عن عرض لتجربة منتدى أصيلة المغربي يتحدث فيها الفنان محمد بن عيسى، والفنان محمد المليحي والدكتور محمد جابر الأنصاري، وندوة فكرية تتم على مدار يومين حول (الديمقراطية والتنمية) يحاضر فيها كل من الدكتور محمد جابر الأنصاري المستشار الثقافي لملك البحرين، والفنان محمد بن عيسى وزير خارجية المغرب، والدكتور تركي الحمد، والدكتور مصطفى الفقي عضو مجلس الشعب المصري، وترجع أهمية هذه الندوة لكونها تربط بين البعد الثقافي والفني للمهرجان، والبعد التنموي وهذا أحد أهداف الملتقى البارزة بحيث لا تكون الثقافة مجردة من الأبعاد الأخرى التي تسجلها وتؤطرها بكل المعاني.
|