للأديب الجزائري الراحل (العربي باطما)- رحمه الله- كتاب مهم في موضوعه ورسالته الإنسانية المعبرة، وهو بعنوان (الألم).. نحن هنا لانروج لهذا الكتاب وإنما نذكر الشاهد الاجتماعي الأليم الذي يعيشه الإنسان العربي حينما تدهمه المصائب ويسجل رأيه الرائع بكل اقتدار.
الشاهد المؤثر في هذا الكتاب أنه كتب على سرير المرض، ليصف المؤلف حجم مأساة الإنسان وصراعه مع المرض الخبيث وقانا الله وإياكم شر فتكه، فالعربي باطما- رحمه الله- مثقف وأديب وفنان لاشك أنه يحب الحياة، وإلا ما كتب فصول هذا الكتاب، وهو يحتضر، فقد ذكر في آخر صفحات كتابه الجديرة بالقراءة حقا أنه في الرمق الأخير من حياته التي يفترسها هذا الغول الكريه والمرض الغادر..
يذكر مؤلف (الألم) أن العالم يقف حقيقة متفرجاً على هذا المرض، فلم يقدم إلا الشيء البسيط، فهو يدرك أن ما بوسع أحد أن يجعل هذا الوحش الغادر يفترس ضحاياه، لكنه يدرك وفي نوبات مرضه وكتابته إن العالم مشغول في التسلح وقمع المناوئين والمعارضين والخصوم وغير الخصوم في وقت بات من غير اللائق أن تفاتح زعامات العالم في أمر هذا الخطر المحدق بالبشرية. .العربي باطما- رحمه الله- كان يذكّر العالم بخطورة المرض، وهو يصارعه بالأمل.. حتى رحيله كان معبراً، إذ صدر الكتاب في أيام العزاء وحمل في تضاعيفه صورة الرفاق والأحبة، وهم يقرؤون الفاتحة على روحه بجوار قبره ويترحمون عليه ويتذكرون ويذكّرون بأن غول السرطان المخيف لايزال ينمو دون مكافحة مضاعفة، وحلول ناجعة.. في وقت يسهر الباحثون والمصنعون على أمر تطوير دبابة هجومية دفاعية ذكية فتاكة غادرة تقتل الأعداء وغيرهم.
|