بسم الله، والحمدُ لله، والصّلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف يدٌ بيضاءُ من رجل الأيادي البيضاء خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - أثابه الله، وجزاه عما قدّم للإسلام والمسلمين خير الجزاء - وهو جهد من جهود المملكة العربية السعودية في خدمة كتاب الله والدعوة إلى الله. وشكر الله جهد كل من بذل جهداً في إنشائه ونجاح أعماله، ابتداءً من الشيخ حبيب أحمد محمود - رحمه الله - ومعالي الشيخ عبد الوهاب عبد الواسع ومعالي د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، وأخيراً معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ وفضيلة د. محمد بن سالم بن شديد العوفي الأمين العام للمجمع، والإخوة الفضلاء أعضاء الهيئة العليا للمجمع واللجان المختصة والجهات الأخرى التي كانت عوناً لهذا المجمع على أداء مهامه، وعلى رأسها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
القرآن الكريم هو كتاب الله - عز وجل - وهو رسالة الخالق للخلق وبيان حياة العبد تجاه المعبود بحق، ومنهج حياة الفرد تجاه المجتمع وهو كتاب {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} تعهد الله بحفظه يقول - سبحانه وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف هو المؤسسة الإسلامية الأولى التي أخذت على عاتقها الاهتمام بهذا الكتاب طبعاً ونشرا وتوزيعاً وحفظا، وأبلت فيه بلاءً حسناً؛ فعمل المجمع دعوة إلى الله وتبليغ لرسالة الله - عز وجل - للعالمين، وقد خاطب الله نبيه من خلاله بقوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسَِ}.
ويقول فيه مخاطباً نبيه وأمته: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}؛ فهو تبليغ للرسالة؛ من حيث طبعه ونشره، ومن حيث تفسيره وترجمة معانيه، ومن حيث بيعه وتوزيعه، ومن حيث خدمته ونشر علومه، وتأمل بيانه ومعانيه، ومن خلال تعليمه وتحفيظه، بالإضافة إلى الامتداد إلى خدمة السنة النبوية وعلوم اللغة العربية، وما يتعلق بالخط والرسم من نتاج الحضارة الإسلامية. والتوسع في الخدمات اللغوية والعلمية، ولا شك أن ما قام به المجمع - من خلال إيجاد موقع على الشبكة العنكبوتية، وما يتميز به هذا الموقع من الدقة في التصميم والشمول في المعلومات وتيسير الوصول إلى المعلومة - ما هو إلا مثال على قدرة هذا المجمع على مواكبة التقدم التقني في نشر كتاب الله - عز وجل - وتيسير الوصول إليه للراغبين.
أسأل الله - عز وجل - أن يكلل بالتوفيق والنجاح والسداد أعمال هذا المجمع العظيم؛ فما هذا العمل ألا من الخيرية التي أنعم الله بها على من خدم هذا الكتاب كما جاء في خبر المصطفى - عليه أفضل الصلاة والسلام -: (خيرُكم مَن تعلّم القرآنَ وعلّمه). وما العمل في هذا المجال والإسهام فيه إلا شرف كبير، وطمع في جانب الله عظيم.
وكم شرفني أن أكون من أوائل مَن عمل مع هذا المجمع منذ فكرة إنشائه واختيار أولى لبناته وتطور بنائه ومتابعة نمائه وعطائه.
وأسأل الله أن يشملني ومَن شارك في هذا العمل بواسع رحمته وعفوه وغفرانه، وصلى الله وسلم على خير رسله وأنبيائه.
|