إن من نعم الله وآلائه على هذه البلاد الطيبة، أن قيض لها حكومة رشيدة، وقيادة حكيمة، أولت القرآن الكريم عناية عظيمة، ورعاية كريمة، وجهوداً مشكورة، وأعمالاً مبررة، فهو درستورها الخالد ونبراسها في شؤون الحياة.
وإن الاهتمام بالقرآن الكريم، والعناية به، والعمل على نشره وتعليمه والحرص على مدارسته وتطبيقه، وبذل الجهد من أجله، من أفضل الأعمال، وأجل القربات، وأعظم الطاعات وخير العبادات عند الله عز وجل، وهو دستور هذه الأمة ومنهاج حياتها ومصدر عزتها وسيادتها، وهذا ما تفخر به وتعتز به بلاد الحرمين الشريفين، هذه البلاد التي لا يألو قادتها جهداً في خدمة كتاب الله عز وجل، والعناية به والاهتمام بتعلمه وتعليمه وتحكيمه في كل شؤون الحياة.. فالعناية بكتاب الله وتطبيق شرعه، والعمل على نشره، والقيام بخدمته سمة من سماتها منذ عهد مؤسسها الأول الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - إلى هذ العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله.
وترسيخاً لهذا المنهج القويم والمسلك السديد واستمراراً لجهود ولاة الأمر في هذه البلاد وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني- حفظهم الله - في خدمة القرآن الكريم والعمل على نشره، واستكمالاً لهذه المسيرة الخيرة، فقد حرص صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض حفظه الله على تشجيع الشباب والناشئة من البنين والبنات في هذا البلد المعطاء للعناية بكتاب الله عز وجل وإتقان حفظه الله وتصحيح تلاوته وفهم معانيه، فتولى - حفظه الله - رعاية المسابقة المحلية وخصص لها جائزة سنوية تحمل اسمه الكريم، حيث رصد لها أكثر من مليون ونصف المليون ريال جوائز مالية، بالإضافة إلى الجوائز والهدايا التقديرية والتشجيعية لحفظة كتاب الله من أبناء وبنات المملكة, الفائزين في مسابقة القرآن الكريم التي تعقد سنوياً لهذه الغاية.
إن مسابقة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لدليل واضح وبرهان صادق على عناية سموه الكريم بالقرآن الكريم وأهله، وهي امتداد لأعمال سموه الخيرة وعطاءاته المتتالية.
فقد عرف سموه وأدرك أن أفضل سبيل لحماية الشباب وحفظهم هو تحصينهم بالقرآن الكريم وأن أعظم الأساليب التربوية لحث الشباب والناشئة على حفظ كتاب الله وتعليمه ومدارسته وفهم معانيه هو بث روح التنافس بينهم وإذكاء معاني التسابق تشجيعاً لهم، ومما لا شك فيه أن النفس البشرية تتطلع دائماً إلى حيازة السبق والتفوق في مجالات الخير وأعمال البر وميادين الشرف والسمو.
وكلما وجد المرء من ينافسه ويسابقه ويتقدم عليه في فعل شيء شريف ونبيل فإن ذلك يكون دافعاً له إلى الإكثار وحافزاً له إلى المزيد.
ومما لا شك فيه أن خير ما صرفت فيه الهمم وأفضل ما بذلت فيه الأموال، وأعظم ما شغلت فيه الأوقات هو التنافس والتسابق في أعمال البر والخير، قال تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} وأخص هذه الميادين ميدان التنافس في تعلم كتاب الله، فهو أشرف المنافسات وأجلها، لأن شرف الشيء ومكانته إنما يكون حسب موضوعه ومادته وليس هناك أعظم ولا أشرف من كتاب الله، قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
إن لمسابقة القرآنية على جائزة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز والجوائز والسخية التي رصدت للفائزين بها دوراً بارزاً وأثراً واضحاً وفائدة ملموسة في حفز الهمم وشحذ النفوس وبذل الجهود لدى الشباب والناشئة من الفتيان والفتيات وحثهم على التنافس الشريف وتشجيعهم على التسابق في حفظ كتاب الله وتلاوته وتجويده وفهم معانيه.
لقد حققت هذه المسابقة أهدافها، وآتت ثمارها اليانعة إذ هي رافد قوي وحافز مشجع على حفظ كتاب الله.
وما نراه ونسمعه من إقبال الطلاب والشباب على الحلقات، وتسابقهم على الالتحاق بها لخير دليل وبرهان على أهمية هذه المسابقة.. بل إن الأسر لتحث أبناءها وبناتها على الالتحاق بالحلقات والمشاركة في هذه المسابقة والتقدم لها، لأنها تعد الحصول عليها والفوز فيها مفخرة وشرفاً لها ولأبنائها فهي حوافز معنوية قبل أن تكون مادية.
ويطيب لي في هذه المناسبة، وقد دخلت الجائزة عامها السادس أن أشيد بالجهود الطيبة التي تبذلها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وعلى رأسها معالي الوزير فضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ- حفظه الله-، من حسن تنظيمها للمسابقة وكريم رعايتها واحتضانها لها وإظهارها بالمستوى اللائق الذي يتناسب مع أهميتها ومكانتها.
وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يجزي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز خير الجزاء على ما قدمه - ويقدمه - من عطاءات متتالية، وجهود خيرة، وأن يكتب ذلك في ميزان حسناته.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
( * ) رئيس محاكم منطقة تبوك
ورئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة |