* أما من هلك من الشرذمة الباغية؛ التي استحلت الدماء الزكية؛ وأزهقت الأرواح المعصومة؛ فمآله إلى الله ربنا وربه؛ ورب الناس أجمعين، فهو بلا شك؛ من الذين طغوا في البلاد؛ فأكثروا فيها الفساد؛ واجترحوا حرمات العباد.
* إن كافة الخوارج الإرهابيين المفتنين؛ هو بمنطوق أقوالهم في خطابهم؛ وبدلائل أعمالهم وأفعالهم؛ قد فسقوا كثيراً؛ وأجرموا كثيراً، وحسابهم على الله وحده؛ الذي لا يدع صغيرة ولا كبيرة؛ إلا أحصاها عنده في كتاب، فجازى بها أصحابها؛ إن خيراً فخير؛ وإن شراً فشر. فهو وحده القائل في كتابه العزيز.. بسم الله الرحمن الرحيم {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء.
* وهم.. هم - والله حسيبنا وحسيبهم - قد زادوا على الظلم؛ ظلماً آخر؛ بأن قتلوا أنفسهم؛ مخالفين أمر الله؛ الذي نهى عن قتل النفس. قال تعالى {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (29) سورة النساء.
* اللهم إن أولئك الهالكين في تلك النيران التي أضرموها، والتفجيرات التي فجروها، والحوادث التي ارتكبوها؛ بحق البلاد والعباد؛ عامدين متعمدين، راصدين متقصدين، فلا تدع لنا في وطننا هذا حقاً على واحد منهم؛ إلا أخذته، ولا دمعة حَرَّى؛ أو زفرة ثكلى؛ إلا اقتصصت لصاحبها من المتسبب فيها؛ فأنت من وعد بالقصاص للمظلوم من الظالم؛ ومن أعد جنة عرضها السماوات والأرض؛ لمن آمن وأصلح واتقى، وأعد ناراً حارقة تتلظى، لكل من تجبر وطغى.
* أما من ظل من هؤلاء الزمر والشراذم؛ يتربص بالناس، ويخطط للغدر بهم في أسواقهم؛ أو في دورهم ومكاتبهم ومدارسهم؛ فأقول له: أيها الغادر؛ يا من تضمر الشر لكل غار آمن: ويلك آمن..!
* اتق الله وتجنب غضباته ولعناته.
* تذكر قولة محمد عليه أفضل الصلوات والتسليم؛ من رواية عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عند مسلم والترمذي والنسائي: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم).. وقوله: (ولا يزال المسلم في فسحة في دينه؛ ما لم يصب دماً حراماً).
* أيها الإنسان..
* إن كان فيك بقية من إيمان..
* تذكر العاقبة بعد الموت..
ًتذكر أنك مهما قيل لك وزُيِّن ، فإنك عند الله قاتل . ليس نفساً واحدة؛ بل أنفس كثيرة؛ فقاتل النفس الواحدة عند من خلقها؛ هو قاتل للناس أجمعين.
* انظر قول الله عز وجل: {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (32) سورة المائدة.
* حتى الأنفس غير المسلمة؛ من المعاهدين والمعاقدين؛ لها عند الله قيمة؛ ولها صونة وجرمة. قال تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} سورة المائدة (1) {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} (34) سورة الإسراء. {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ} (91) سورة النحل. وقال رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ من رواية عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: (من قتل معاهداً؛ لم يُرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً).
* أين كان أولئك من عظيم التحذير؛ وتشديد التحريم؛ الذي فرضه الله سبحانه وتعالى؛ حفاظاً على الأنفس المخلوقة، وحقناً لدماء البشر؛ فجعل أمر قتل النفس هذا؛ في موازاة الشرك به جل وعلا، وجعل تحذيره من قتل النفس؛ مقروناً بالعقل، الذي هو أعلى قيمة في المخلوق؛ يعرف به ربه، ويدرك به أسباب خلقه ووجوده على الأرض. قال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (151) سورة الأنعام.
* وفي مكان آخر؛ يتساوى عند الله سبحانه؛ الإيمان به؛ مع حفظ النفس التي حرم قتلها. قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (68) سورة الفرقان.
* أين كان هؤلاء القوم، الذين يدّعون التقوى والصلاح، ويضفون على أنفسهم صفة الجهاد؛ من قول الحبيب المصطفى؛ صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين؛ وهو أمير كل المجاهدين؛ يحرم التقاتل بين المسلمين. وأن عقوبة ذلك؛ هي دخول جهنم. عن أبي بكر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار) أخرجه الشيخان. وتتمته في رواية أخرى.. (قيل يارسول الله؛ هذا القاتل؛ فما بال المقتول..؟ قال: إنه قد أراد قتل صاحبه).
* أين يذهب أولئك الذين يفسدون في الأرض؛ ويؤذون الخلق؛ من عدالة السماء؛ التي ضمنت حقوق البشر كافة؛ هل مروا - أو مرّ بهم - قول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه؛ من رواية أبي هريرة رضي الله عنه عند الترمذي: (كل المسلم على المسلم حرام؛ عرضه وماله ودمه)..؟!
* وهل وعى هؤلاء وأمثالهم؛ آداب الإسلام، التي تمنع الإيذاء والإضرار مهما كبر أو صغر.. عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مَرَّ في شيء من مساجدنا أو أسواقنا؛ ومعه نبل - سهم - فليمسك أو ليقبض على نصالها - حدايدها - بكفه؛ أن يصيب أحداً من المسلمين منها بشيء). أخرجه الشيخان وأبو داود. يا لعظمة هذا الدين..! التحذير من أذى غير متعمد؛ من سهم يحمله صاحبه في مسجد أو سوق...! فما بالك بأفواه الرشاشات؛ وشظايا القنابل؛ وعجائن المتفجرات؛ وهي تدك الدور المليئة بالأبرياء؛ والعائلات في الأحياء..؟!!
* أيها الهارب من العدالة؛ المتخفي عن عيون الأمن الساهرة، المتستر بلبوس الأفغان والنساء.. ويلك.. آمن. ماذا تفعل..؟! ماذا تنوي عمله بعد ما رأيت..؟! قف وحاسب نفسك؛ فما زال هناك وقت للمحاسبة؛ ومتسع للمراجعة والتوبة؛ وفرصة للعودة إلى حياض العقل والمنطق.
* يا من تحرض..
* يا من تفتي وتنظر..
* يا من تشجع وتدعم..
* يا من تصمت وتسكت..
* يا من تتعامى عن الحق الأبلج..
* قف عندك. يكفي هذا..
* آمن ويلك.. آمن.. وتذكر..
* أنك شريك في التدمير..
* ضليع في التفجير..
* قسيم في دماء الأبرياء؛ من أطفال ورجال ونساء..
* الدماء المستباحة في كل عمل عنف..
* جميعها في رقبتك أنت..
* أنت ومن نفذ رغبتك؛ فلا براء من هذا الجرم المبين؛ إلا بالتوبة والعودة إلى الحق. عد إلى الحق قبل أن تلحق بمن سبق في هاوية الضلال.
* ألا ما أعظم الدماء، وما أعظم حرمتها عند بارئها.
* عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة؛ في الدماء). أخرجه البخاري ومسلم
والترمذي والنسائي وابن ماجة.
|