يوم أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية جيوشها إلى العراق، ظن العديد ممن أيدوا حربها ضد العراق أن الجيش الأمريكي قدم للعراق لتحرير العراقيين من تسلط نظام صدام حسين الدكتاتوري الذي أوصل بلاده إلى الحالة التي أصبح فيها من الصعب تخليصه من الواقع المأساوي إلا بتدخل القوى الأجنبية.
من هذا المنطلق حظي التدخل الأمريكي بتأييد ومساندة الكثيرين من أبناء المنطقة ومن العراقيين بالذات، رغم أن الأمريكيين ليسوا إلا محتلين مهما كانت أهدافهم.
هذه الأهداف كانت ستلغي التحفظات والرفض الذي يصاحب احتلال الجيوش الأجنبية للبلدان الأخرى خاصة أن الأمريكيين قد بشروا باشاعة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والرخاء والسلام في العراق.
هذه الأهداف التي استبشر بها العراقيون غابت بعد أن سيطر هاجس فرض الأمن وانتهاج القوات الأمريكية إجراءات قمعية قاسية ضد معارضي الاحتلال الذين تزايدوا بسبب ارتكاب الأمريكيين جملة أغلاط من أهمها تشريد الملايين من العراقيين وحرمانهم من مصدر رزقهم بعد عمليات الإلغاء والإقصاء نتيجة حل الجيش العراقي وإغلاق وزارات مهمة وفصل موظفيها مما حرم الملايين من العراقيين من رواتبهم التي كانت تمثل المصدر الوحيد لإعالة أسرهم، وهذا ما دفع العديد منهم للعمل ضد قوات الاحتلال وانخراطهم في صفوف المقاومة خاصة أفراد الجيش العراقي وعناصر الأمن والمخابرات وكان من الممكن أن تعالج قوات الاحتلال والمتعاونون معها من أعضاء مجلس الحكم والمؤسسات الأخرى التي أنشأت بعد ذلك هذه المشكلة باستيعاب المبعدين دون استعمال أساليب الإبعاد والإقصاء والقمع والحلول العسكرية، إلا أنه لا قوات الاحتلال ولا سلطته المدنية ولا المؤسسات العراقية الناشئة استوعبت الخطأ، ولكن على العكس من ذلك تمادت كل هذه الأطراف في الاعتماد على الحلول العسكرية التي ثبت فشلها، كما نشاهد الآن في الفلوجة والنجف والكوفة وكربلاء والرمادي وبعقوبة والبصرة وحتى في بغداد.
|