في جنَّةِ الخُلْد يرْوَى باسمكَ الصَّدَرُ
يا مَن تجلَّت به الآمال والسِّيَرُ
أنت الشهيد الذي راقت موارِدُهُ
واستلْهمتْ مِنْ خُطاهُ البيد والشَّجَرُ
قاسَيْتَ حدًّا من الآلامِ مُرْتفعَا
فيهِ لك الصبرُ والإيمانُ والخِيَرُ
أنت الأبيُّ الَّذي زانتْ مَعالِمُهُ
كما يشاءُ وأَطْرَى نُوْرَه البَشَرُ
منك الهُدَى ولديك العِزُّ يمنحُهُ
ربُّ الهُدى وعليك الورد ينتشرُ
يا مَنْ له في ركاب المجْدِ ألْويةٌ
رقَّتْ وراقتْ كَمَا يَهْوَى ويَعْتَبِرُ
لقد فَجعتَ قلوباً لا يفارقها
دَمْع المآقي ولا يَجتازُها السَّهَرُ
فأنْتَ يا مَشْرِقَ الدُّنيا وزِينَتَهَا
منك الوَلاءُ وفيْكَ الحُبُّ يزْدَهِرُ
لولا نَداك لمَا كانتْ لَنَا غُرَرٌ
ولا استباحتْ نُهانا القُورُ والغِيَرُ
لكنَّ نوْرَكَ يروينا (أبا حمدٍ)
فأنتَ فينا كَمَا أسْقيْتنا الأَثَرُ
غادرْتَنا ورِياحُ البيْنِ تَعْصِفُنَا
والحُزْنُ فينا ظَلامٌ نَفْحُهُ سَقَرُ
يا وارثَ الدِّين والأخلاق عَنْ كَثَبٍ
أسرارُك البيضُ يُدْنِيها لنا وَطَرُ
نجَْواكَ يا مَنْ له النَّجوى تُرَنِّقُنَا
مَوْجاً من الشَّهد تروي ذَوْبَهُ الذِّكَرُ
سنَذْكُرُ الأُنْسَ والأفراحُ تَجمعنا
بِنُوركَ السَّمح حيثُ الشمسُ والقَمَرُ
فأنتَ فينا بلا ريبٍ ولا جَدَلٍ
نفحٌ ورَوْحُ وريحانٌ ومُنْتَصَرُ
وما جوارك للرحمن يُؤسفنا
فأنت منه امتدادٌ نافلٌ عَطِرُ
أدناك للخلد في عِز ومكرمةٍ
كما يشاءُ ويُرْضِي قَدْرَهُ الْقَدَرُ
فكنتَ منه حفيًّا مُلْهَماً طَرِباً
يُجيرك الأمنُ والإيمانُ والظَّفَرُ
وقد هجرْتَ من الدنيا وزِينَتِهَا
زخارفَ الزَّيْفِ فَهْيَ الشرُّ والشَّرَرُ
ورُحْتَ خلواً من الآثام في دَعَةٍ
يسمو بها في سُراك السمعُ والْبَصَرُ
إنَّا على دربك الساري مَوَارِدُنَا
تدنو إليك بلا شكٍّ وَتَبْتَدِرُ
وفي قِراك الذي قدَّمْتَهُ مَدَدٌ
من الإله اجْتَبَتْهُ الآيُ والسُّوَرُ
وكُلُّنا في خُطاك البَيْنُ يَدْفَعُنَا
فلا غَرَابةَ فيما يَجْتَلِي النَّظَرُ
فلِلفِراق امتِدادٌ لا يُبادرُهُ
جهدٌ ولا تَحتمي مِن وِزْرِهِ الْمِرَرُ