مما يطمئن نفوسنا ويسكب اليقين في قلوبنا في زوال الآثار والمخاوف التي أنتجتها التحديات الإرهابية.. التي واجهتها بلادنا، تلك الانتصارات الأمنية التي نراها يوماً بعد آخر في مشهدنا الأمني..!
إننا ما بين آونة وأخرى نرى ملاحقات جادة وناجحة لتتبع فلول الإرهاب والوصول إليها، والقضاء والقبض على أصحابها، وإن كان هناك بعض التضحيات فتلك سنة الله، وكل انتصار في السلم والحرب لا بد أن تكون له ومن أجله تضحيات.
إن حرية هذا الوطن، وإخراجه من نفق الإرهاب الذي يريد هؤلاء المجرمون أن نعيش في ظلامه وخوفه غاية من أسمى الغايات، ومن أجلها، ومن أجله ترخص التضحيات.
وكم طمأن قلوبنا سمو النائب الثاني عندما قال في تصريح له خلال الفترة الماضية: (لقد قضينا على 80% من الإرهابيين والبقية بالطريق بحول الله).
إن آثار الإرهاب هي - بحول الله - سُحب سوف تزول وتنقشع عما قريب، وها هو رجل الأمن سمو الأمير نايف يرش الراحة في نفوسنا من منطلق رؤية السؤال عندما قال في تصريح له: (إن يد العدالة سوف تصل إلى كل الفئات الضالة).
وهذا ما أكده سمو الأمير أحمد نائب وزير الداخلية في إجابته ضمن حوار أجرته مع سموه صحيفة (عكاظ) قبل فترة، حيث طرحت عليه الصحيفة هذا السؤال: هل يمكن القول: إن وزارة الداخلية قطعت شوطا كبيرا في سبيل القضاء على الإرهاب وملاحقة الفئات الضالة؟ فأجاب سموه: (الحمد لله، هذا صحيح وقد قطعنا شوطا كبيرا في هذا بفضل من الله، ثم توجيهات ولاة الأمر، ومتابعتهم، وعلى رأسنا جميعا سمو وزير الداخلية، وجهود رجال الأمن ومثابرتهم، واستمراريتهم في أعمالهم، وباهتمام ومتابعة شخصية من سمو مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية يشكر عليها، وعملنا على مدار الساعة، وهذا حقق جهودا طيبة نأمل - إن شاء الله - أن يحقق جهودا أفضل في المستقبل المنظور، وتنتهي هذه المشكلات، وأحب التأكيد هنا على أنه ليس هناك حرب دائرة رحاها، وإنما حوادث تقع بين وقت وآخر، ونأمل أن لا يكون لها وجود مستقبلا).
***
** إن ما يريح المواطن، أنه كل يوم تنكشف دلائل على أن دوافع الإرهاب في مجملها نتاج طروحات خارجية، أكثر من كونها جاءت من جهات داخلية، ومن قبض عليه من هؤلاء الإرهابيين أكدوا فيما طرح معهم من أحاديث (ان أكثر ما أثر فيهم هو فكر خارجي يتزعمه المقدسي وابن لادن والظواهري وأمثالهم)، وبالطبع فقد كان لأصحاب الفتاوى الخاطئة تأثير عليهم، لكنه لا يرقى إلى تأثير الفكر والفتاوى الخارجية، والدليل استمرار هؤلاء المجرمين في إجرامهم وإرهابهم، حتى بعد تراجع مفتيهم في الداخل عن فتاويهم الضالة.
بل إن هؤلاء الإرهابيين لا يعتبرون بالمرجعية الدينية.. فضلا عن السياسية في هذا الوطن، فهم في طروحاتهم لم يروا اعتباراً - مع الأسف - لفتاوى وعلم وآراء رمزين من رموز المرجعية الدينية في بلادنا ألا وهما العالمان الراحلان الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين - رحمهما الله..!
إنهم - ويا للسخرية - لا يعتبرون الشيخ ابن باز - رحمه الله - مرجعا لهم - كما يقولون - (لأنه كان على كرسيه لم يذهب إلى الجهاد مثلهم)، ولهذا يعتبرون من يحرضونهم بالخارج ممن التقوا بهم ممن يدعون العلم هم المرجعية التي يستندون إليها، ويعتدون بفكرها وفتاويها، بل إنهم أسقطوا الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - من حسابهم بسبب أنه أبدى رأيا يدين الله به في مسألة الجهاد عندما أفتى: (بأن الجهاد واجب ولكنه كغيره من الواجبات لا بد فيه من القدرة، والأمة الإسلامية اليوم عاجزة لا شك عاجزة، ليس عندها قوة معنوية، ولا قوة مادية، إذن يسقط الوجوب لعدم القدرة، فاتقوا الله ما استطعتم) أ.هـ.
والسؤال: تُرى أي دين يعتنقون؟! وأي جهاد يريدون؟
هل يقصدون بالجهاد قتل الأنفس البريئة، وترويع البشر والقضاء على مكتسبات الأمة، ومقاتلة من لم يقاتلنا من مستأمنين أو غيرهم، والله يقول: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ} (190) سورة البقرة.
حفظ الله عقيدتنا من هؤلاء المغالين، وحفظ الله وطننا من هؤلاء المجرمين.
و: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً}.
***
هذا الوطن ..ومشهدان مؤثران.!
** هذان المشهدان لا يزالان عالقين في قلبي منذ رأيتهما بالتلفزيون:
* مشهد سمو الأمير نايف وهو يزور أسر وأطفال الشهداء، ويتبادل الحديث معهم في زيارة امتزج فيها الحزن والفرح: الحزن على الفقيد.. والفرح بفداء الوطن، واختلط فيها النشيج والنشيد معا، النشيج على ذلك الأب الذي فقد فلذات كبده ووطنه، والنشيد ببقاء الوطن شامخا منصورا بحول الله. وكم كانت كلمات الأمير نايف - بكل ما يحمله من مسؤولية وإنسانية - وهو يتحدث إلى هذه الأسر وأطفالهم بحنان غامر، وألم لا يخفى.
* أما المشهد الثاني البالغ التأثير: فهو ذلك المشهد الذي لم أملك دمعة فرت من قلبي وأنا أشاهده، ألا وهو مشهد وحديث أم (وجدان) المكلومة - جبر الله مصيبتها - وهي تروي مشاهد مأساة رحيل طفلتها وفلذة كبدها، (وجدان) تلك التي دخلت منزلها بعد عودتها من الدراسة وردة ملؤها الحياة وخرجت منه جثة هامدة.. وكم كن صبر هذه الأم وإيمانها بالله قوياً، كانت تتكلم بجلَد، مع أن هذا الموقف يهد أعتى الجبال والرجال، لقد أبكتنا - وإن لم تبك - لقد منحها الله إيمانا خفف عليها مصابها، بل كان أقوى من أحزانها.
***
وبعد:
أجزم - حد اليقين - أن هذه المشاهد التي أطالب التلفزيون بتكرارها أبلغ من أي حديث أو ندوة أو برنامج.. حيث مللنا من الكلام المكرر فيها.
إن هذه المشاهد مشاهد الأطفال والموت والفقد أبلغ رسالة تكشف مآسي الإرهاب وبشاعة هؤلاء الإرهابيين البعيدين عن الإسلام بُعد إبليس من الجنة، هؤلاء الإرهابيون قتلة الأطفال، ومثكّلو الأمهات، ومروّعو المسلمين والآمنين ومهدّمو بيوت الله.
يا لفداحة الجرائم..!
و{حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}. كما قالت ورددت تلك الأم الصابرة.!
***
آخر الجداول
** من آخر قصيدة للشاعر الأمير خالد الفيصل يجسد فيها إحساس كل مواطن نحو هذا الوطن الأغلى - حماه الله :
(أسلافنا للدار حطوا قواعد
وحنا بنينا فوق جدرانها سقف
ما نهرب من الموت، عنده نواعدْ
أمّا لنا والا المنايا لنا شف)
ف: 014766464 |