Friday 30th April,200411537العددالجمعة 11 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

11 - 6 - 1391هـ الموافق 3 - 8 - 1971م العدد 354 11 - 6 - 1391هـ الموافق 3 - 8 - 1971م العدد 354
رأي سياسي
الذين يزرعون الشوك
ناصر السليمان العُمري

أنا لا أشك بأن هناك تخطيطاً متسلطاً على أجهزة الحكم في كثير من البلدان العربية، أو قل تخطيطات مسلطة على أجهزة الحكم! هناك الصهيونية، تعمل جاهدة مستميتة في تفريق شمل العرب والمسلمين وإضعاف قوتهم.
وهناك الاستعمار بشراسته وألوانه وحيله ومكره، وهناك الشيوعية تنشر دسائسها ومفاسدها وإلحادها في الأرض غير الصالحة لاستنبات بذرتها، والتي أثبتت التجارب فسادها حتى في الأرض التي وجدت فيها نباتاً طفيلياً؟ لقد قامت فئة في المغرب بالتحرك لنهب السلطة من ملك المغرب، فكانت حركة فاشلة لا يشك المتتبع لأحوال المغرب أنها حركة صبيانية، وإن كان في الذين اشتركوا فيها رجال كبار السن، كبار الرتب، فسارعت أجهزة الحكم في ليبيا بتأييد الحركة، وانتصر ملك المغرب وأنصاره، فحصلت الوحشة، والقطيعة بين المغرب وليبيا! وتحرك الشيوعيون في السودان للاستيلاء على الحكم، فقامت حكومة العراق بتأييد الحركة فوراً، واستعاد جعفر النميري وأنصاره السلطة بعد أن أفلتت من أيديهم وبعد أن بقى النميري محبوساً ثلاثة أيام، وحصلت القطيعة بين النميري وحكومته من جانب وحكومة العراق من جانب آخر، وجاءت أنباء الخسائر في الأرواح في المغرب وفي السودان تدل على أن قتالاً عنيفاً قد دار في المغرب، وأن قتالاً أعنف منه قد دار في السودان وطار شرر الشر إلى العراق، حيث سقطت طائرة وفد العراق وهي في طريقها مرتدة إلى قاعدتها في العراق ولكنها لم تصل سالمة، بل تحطمت وأرغمت طائرة بريطانية على الهبوط في ليبيا فهبطت واقتيد منها سودانيان إلى السجن ثم سلما إلى حكومة السودان فقتلا، وشُوهدت زوجة أحدهما تبكي في مطار (هيثرو) في لندن، وأعلنت حكومة النميري أن الذين استولوا على الحكم في السودان كانوا شيوعيين!!
وقالت الإذاعات بأن الحكومة المصرية على لسان رئيسها قد أوصت النميري بالقضاء على الشيوعيين في السودان! وأعدم رئيس الحزب الشيوعي في السودان، فطلع علينا هيكل في الأهرام يقول: لقد نصح الرئيس جمال عبدالناصر (محجوباً) رئيس الحزب الشيوعي في السودان بأن الشيوعية لا مكان لها في السودان، وطورد الشيوعيون في السودان، بعد أن قتلوا قادة جيش السودان في معتقلهم بدار الضيافة بطريقة قال عنها النميري بأنها غادرة! وهؤلاء القادة لا يشك بأنهم جميعاً أو بعضهم قد طاردوا السودانيين المسلمين (الهادي المهدي) وأنصاره العزل الذين دافعوا عن أنفسهم بالحجارة والعصى والقاتل مقتول، وصدق الله العظيم {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} وبحثت بريطانيا الاعتداء على طائرتها في ليبيا، وأمر علاقاتها معها، وبقاء علاقات بريطانيا مع ليبيا حسنة أو قطعها أمر يهم البريطانيين أكثر مما يهمنا نحن العرب! وقد لا يهم ليبيا نفسها لو كانت ليبيا غنية في صناعتها وإنتاجها عن بريطانيا، ولكن ليبيا لها مع بريطانيا عرض شراء أسلحة ربما جمد! وقامت ليبيا بدعوة ملوك ورؤساء العرب لعقد مؤتمر قمة في ليبيا! وكان الوقت غير مناسب! لقد نسي القذافي أن يتطلع إلى الأفق السياسي حوله فيرى الغيوم تحجب الرؤية لما حوله لو أن الرئيس الليبي اختار القاهرة مكاناً للاجتماع كان وفق بعض التوفيق! ولو أن الاختيار لعقد المؤتمر كان في المملكة العربية السعودية كان أصوب! لقد حضر إلى المؤتمر في ليبيا وفد مصر، ووفد اليمن، ووفد سوريا، ووفد عدن، مع ليبيا! وليس في المؤتمر جديد، كل ما فيه الترديد لمقترحات سابقة من حكومة ليبيا بشأن الموقف في الأردن؟ وليس في البلدان العربية رجل واحد يرضى بتصفية العمل الفدائي والقضاء عليه، فنحن هنا في المملكة العربية السعودية، نتبرع للعمل الفدائي بصورة مستمرة، إننا نؤيد العمل الفدائي بكل ما تعني كلمة التأييد، والدول العربية ذات الموارد النفطية تعطي حكومة الأردن المساعدات للصمود أمام العدو الصهيوني في الأرض المحتلة! ولكن كيف نوفق بين تأييد العمل الفدائي وتقويته وبين دعم السلطة في الأردن لمواجهة العدو الصهيوني، لقد كان يجب أن يتم التعاون بين الفدائيين - قادتهم - وبين حكومة الأردن لمحاربة العدو المشترك، وأن يدركوا وحدهم مسؤوليتهم أمام الله، ثم أمام العرب مصير أمتهم، بل مصير وجودهم هم على الأرض العربية التي يحدق فيها العدو بأطماعه، وجنون أطماعه! وهكذا ترى انشطار العرب! ترى انقسام العرب الذي يؤدي إلى ضعفهم، وابتلاع أراضيهم من قبل العدو الصهيوني! لقد قالت إذاعة لندن تصف العرب في الأوضاع السائدة الأخيرة، لقد سرى الشلل إلى الجسم العربي، وسار الشلل حتى شمل الجسم! ويصدق هذا تغيب المملكة العربية السعودية، والكويت، وتونس، والمغرب والجزائر والسودان والأردن عن مؤتمر ليبيا الذي دعا إليه معمر القذافي! وأخشى أن يقف القذافي يوماً من الأيام وحده في قاعة المؤتمر، كل ذلك نتيجة الطمع في الحكم، فالنميري قيل عنه بأنه دكتاتور، هكذا، وقال عمن استعاد الحكم منهم بأنهم عملاء، وكل من وصل إلى الإذاعة بالقوة لعن الأول {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا} نعوذ بالله، إن على العسكري واجبات منوطة به، ولكن يوم يترك واجباته وينصرف بحواسه وجوارحه إلى نهب الحكم عليه أن يدرك أن في الطابور أناساً يريدون الحكم مثله، فعلى العسكريين أن يتجنبوا زراعة الشوك في مسيرة الأمة العربية، وإلا فان الأمة العربية قادرة على سحق الشوك بأقدام فولاذية (أقوى من الشوك) وعليهم أن يتدبروا وضع الأمة العربية خلال العشرين سنة الماضية التي تمخضت فيها أحداث الانقلابات وما جرته على العرب من نكبات وويلات من سفك الدماء ونهب الأموال وتفريق للصفوف ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved