Friday 30th April,200411537العددالجمعة 11 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

عبدالرحمن المفيريج رئيس نادي الرياض (سابقاً) يكشف لـ( الجزيرة ) آخر التفاصيل عن حياة الشهيد إبراهيم: عبدالرحمن المفيريج رئيس نادي الرياض (سابقاً) يكشف لـ( الجزيرة ) آخر التفاصيل عن حياة الشهيد إبراهيم:
بعد (4 ساعات) من الهلع وجدت جثمانه في الشميسي!

* أجرى اللقاء - خالد الدوس:
ثمة أسماء ترحل عن هذه الدنيا الفانية ولكن تبقى سيرتها النيرة وسمعتها الطيبة حاضرة في الأذهان والوجدان ردحاً من الزمن نجحت في تدعيم أرصدتها في بورصة الحسابات التعاملية في بنك العلاقات العامة بأخلاقها العالية وسلوكها الراقي.
وبالتأكيد يمثل فقيد الرياضة والإعلام الزميل إبراهيم المفيريج - رحمه الله - مهاجم فريق الرياض في الثمانينيات الميلادية والصحفي الرياضي (سابقاً).. الذي طالته يد الإرهاب واغتالته وهو يؤدي عمله بصورة بشعة لا تمت للإسلام بصلة.. يمثل أحد هذه النماذج التي لا يمكن بأية حال من الأحوال أن تغيب عن الذاكرة أو تدلف الى عالم النسيان لأنه وبكل بساطة كان متميزاً في كل شيء (مهنياً وخلقياً وتعاملاً) وإزاء ذلك أضحى مثالاً يحتذى به تغمده الله بواسع رحمته.
ولأن الفقد عظيم والمصاب جلل فقد حرصنا في (الجزيرة) على تسليط الضوء على أبرز تفاصيل الحادث الإجرامي الذي سقط فيه الزميل أبو عبدالرحمن شهيداً بإذن الله حيث يروي لنا شقيقه عبدالرحمن المفيريج رئيس نادي الرياض (سابقاً) وعضو شرفه الحالي أبرز ملامح ما شاهده لحظة تلقيه الخبر المؤلم.. في اليوم الأخير للفقيد.
*****
خبر مؤلم
في البداية أقول : الحمد لله على قضائه وقدره ولا راد لقضائه، لا شك أن خبر وفاة شقيقي إبراهيم - رحمه الله - خبر مؤلم بعدما طالته يد الإرهاب التي استهدفت المواطن والممتلكات ولكن إن شاء الله ستستأصل يد العدالة هذا الداء الدخيل على وطننا وعلى مجتمعنا المتماسك والمحافظ، طبعا عرفت ان الفقيد كان داخل المبنى لحظة وقوع الانفجار لأنني تلقيت منه اتصالا وهو بمكتبه في الساعة الواحدة ظهراً والأخ إبراهيم كان بيني وبينه أكثر من العلاقة الاخوية.. وبعد وقوع هذا العمل الإجرامي جاءني اتصال من (ابنتي) حيث أخبرتني بأن انفجارا وقع في شارع الوشم بالقرب من الدفاع المدني، فقمت بالاتصال على جوال الفقيد وكان مغلقا.. وهنا بدأ يساورني شعور غريب لا يمكن وصفه.. ركبت سيارتي واتجهت للموقع وشاهدت مجموعة كبيرة من رجال الأمن وقد طوقوا الموقع وللأسف وجدت كثيرا من المواطنين الفضوليين قد أعاقوا عملية الانقاذ واسعاف المصابين.
ضغط نفسي
* اضطررت الى ايقاف السيارة على بعد كيلو واحد من مكان التفجير لصعوبة الوقوف قريباً.. وعندما وصلت مبنى المرور هذا المبنى الذي كنت يوما من الأيام موظفا به وجدت بعض المواطنين والعاملين وسألتهم عن المصابين وأفادوا بأنهم قد تم اسعافهم وتوزيعهم على عدد من المستشفيات فقمت بالاتصال على الاخوان وتوزيعهم على المستشفيات بحثا عن شقيقنا المفقود وبحكم المسافة القريبة توجهت لمستشفى قوى الأمن وكان ذلك في الثالثة عصرا وحاولت الاطلاع على أسماء المصابين ولكن دون جدوى ثم اتجهت إلى مستشفى الايمان ونفس الكلام جدث فلم نحصل على اسماء المصابين أو المتوفين.. اضطررت الى الاتصال على أحد المسؤولين بالأمن العام وابلغني بأن إبراهيم بصحة جيدة وانه شاهده بالمستشفى بعد اسعافه وان وضعه يبشر بالخير وعلى ضوء هذا الكلام شعرت براحة وتبدد القلق شيئاً بسيطاً فذهبت إلى مستشفى الشميسي ومعي عدد من زملائه وبعض الاخوان واطلعنا على أسماء المصابين ولم أجد اسمه طبعا هذا الكلام كان في الخامسة والنصف ولم يدب اليأس والقنوط في نفسي حيث ذكر أن هناك 4 حالات وصلت للمستشفى اثنتين في قسم العظام وحالة واحدة بقسم الباطنة والرابعة لمتوف مجهول بالثلاجة.
الملامح كشفت وفاته
* سألت أحد مساعدي الأطباء هناك عن الشخص الموجود في الثلاجة لكي ارتاح نفسيا قبل مغادرة المستشفى والانتقال لمستشفى آخر لأنني كان لدي أمل قوي بأنه على قيد الحياة بناء على ما ذكره لي أحد الزملاء!! حيث اخبرني بملامح المتوفى وانه ابيض ويرتدي ثوبا وذا لحية طويلة وبصراحة بدأ يساورني الشك والخوف من جديد فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون .. حسبنا الله ونعم الوكيل، طبعا بعض الاخوان وصلهم الخبر ، قيل انه متوف ولم يودوا ازعاجي وافجاعي بخبر وفاته وكان معي ابن اخي (العميد عبدالرحمن المفيريج) ورمزي العصيمي وبعض زملائه فدخلوا وشاهدوا جثته - رحمه الله - في الثلاجة طبعاً لم أقو على أن أتمالك نفسي لمشاهدته لأن علاقتي بإبراهيم كانت أكبر مما تتصور.. فلا يمكن أن أصف لك علاقتي به - رحمه الله - حيث اعتبره مثل ابني، صحيح انه اخي وانه كان بالنسبة لي شيئا اكبر فقد كنت المسؤول عن تربيته بعد وفاة والدنا - رحمه الله - حيث توفى وعمر ابراهيم (10) سنوات وتوليت رعايته وتربيته واعتبره أحد أبنائي وتعرف ما هو شعور الاب عندما يفقد ابنه.
أصعب اللحظات
* من أصعب اللحظات التي عشناها عند نقلنا خبر استشهاده للوالدة وزوجته وكان بالفعل موقف مؤثر وصعب وتعرف مشاعر الأم والزوجة في مثل تلك المواقف حيث وصل الخبر إليهما عن طريق الاخوان والحمد لله على قضائه وقدره، كانت بالفعل فاجعة كبيرة للأسرة وبحكم ايمان الوالدة وزوجته كان الصبر هو عنوان ايمانهما والحمد لله على كل حال.
لفتة رائعة
* بلا شك أن تلك اللفتة الطيبة من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز المتمثلة في زيارته - حفظه الله - لمنزل الفقيد ومواساتنا ليست غريبة على ولاة أمرنا - حفظهم الله - وعلى الأمير نايف خاصة الذي عودنا دائما الوقوف مع أبنائه واشقائه في أحلك الظروف وبصراحة من الصعب ان أعبر عن هذه اللمسة الحانية والزيارة الكريمة حيث ساهمت هذه الزيارة الميمونة في تخفيف مرارة الفقد ولا أنسى أن أشكر سموه الكريم عندما تكفل - حفظه الله - ببناء مسجد باسم الشهيد إبراهيم المفيريج بجوار منزله - رحمه الله - وأسأل المولى عز وجل ان يجعل هذا العمل في موازين حسناته - حفظه الله - وان يحفظ ولاة أمرنا جميعا وان يرد كيد الكائدين في نحورهم وان يتغمد الشهداء بواسع رحمته وغفرانه.
أمنية الفقيد
* قبل وفاته - رحمه الله - كان همه بناء مسجد في الحي الذي انتقل إليه حديثاً في إحدى الأراضي القريبة من منزله وأتذكر أنه كان يحدثني عن هذا الموضوع كثيرا بحكم انني كنت الأقرب إليه وبعد استشهاده ومعرفتي بزيارة سمو وزير الداخلية - حفظه الله - فكرت في عرض الموضوع على سموه الكريم وتحقيق أمنية شقيقي الراحل الذي كان قلبه معلقا بالمساجد منذ صغره طبعا طلبت من أحد الأقارب طرح الموضوع على سموه لأنني سأكون مشغولاً معه - حفظه الله - وبالفعل عرضت الموضوع على الأمير وكان هو كما هو ديدنه متواضعا وشهما في مثل تلك المواقف مع أبنائه وأشقائه من أبناء هذا الوطن.. وأعلن - حفظه الله - بناء المسجد واطلاق اسم الشهيد إبراهيم المفيريج عليه وهذا خبر فرحنا كثيرا والحمد لله ان أهل الخير وعلى رأسهم ولاة أمرنا دأبوا على حب الأعمال الخيرية والمواقف الإنسانية جزاهم الله كل خير وسدد خطاهم.
استقامة إبراهيم
* اهتمام الفقيد بالجانب الإنساني كان يمثل جزءا من شخصيته المستقيمة الملتزمة بأمور دينها والسلوك الفطري الذي جبل عليه - رحمه الله - طبعا من الصعب أن اتحدث عن مواقفه في هذا الجانب واذكر شيئا منها لأن ما قام به من أعمال إنسانية مثل الصدقة لا تعلم شمالك بما تنفق يمينك وأسأل المولى عز وجل ان يجعل ما قام به في حياته من أعمال خيرية وإنسانية في موازين حسناته وتكون إن شاء الله نوراً له يوم القيامة.
إنسان اجتماعي
* كان شقيقي الراحل إبراهيم إنسانا اجتماعيا محبوبا لدى الجميع لدرجة انه كان يستقبل زملاءه الرياضيين والصحفيين في خيمته المعروفة لدى زملائه في الصحافة والإعلام وكنت أحرص على الالتقاء به وبزملائه على بساط المحبة والاحترام المتبادل داخل خيمته بعد صلاة المغرب حتى العشاء فقد كان الجميع يرتع وينعم بكرمه ولطف تعامله ويستقبلهم بابتسامته وبشاشته التي كانت عنوان سلوكه الجم ومهما اتحدث عنه - رحمه الله - شخصيا فشهادتي فيه مجروحة دائما وقريبا سأنتقل بجوار سكنه في فيلتي الجديدة لأكون موجودا دائما في هذه الخيمة كما اتمنى تسمية الخيمة ب(مقهى إبراهيم) وسيكون مفتوحا يوميا بعد المغرب حتى الفترة التي يغادر فيها آخر شخص وذلك لإحياء ذكراه الطيبة وسمعته النيرة.
أولاد (إبراهيم) أحفادي
لا ريب أن رحيله ضعّف حجم المسؤولية تجاه أبنائه - رحمه الله - وهذا واجب فإذا كان ابراهيم واخوانه في السابق مثل اولادي لانني توليت تربيتهم بعد وفاة والدنا - رحمه الله - وهم صغارا فما بالك بأولاد الفقيد الذين هم مثل أحفادي طبعا أولاد إبراهيم لهم مكانة خاصة وسيظلوا معززين ومكرمين إن شاء الله ما دمت أنا على قيد الحياة.
ابن بار
* في يوم الخميس وبعد تغسيل جثمان الفقيد كانت الوالدة وزوجته موجودتين بمغسلة الأموات بالديهمة وبعد الانتهاء من تغسيله وتكفينه أديت صلاة الميت عليه فبعد مشاهدته تحول الحزن إلى فرح واختلطت المشاعر في ظل العلاقات والكرامات التي شاهدناها في المغسلة فقد كان وجهه مضيئا وعلامات البشر بالخير تعلوه علاوة على مشاعر المواطنين وكثرة المعزين وكل هذه الأمور تدل على انه ابن بار صالح وإن شاء الله من الشهداء.. وهذا ما يثلج الصدر ويخفف مرارة الفقد.
فئة ضالة
* الكلمة التي اقولها لتلك الفئة الضالة التي سلكت طريق الشيطان: انتم مدحورون جميعا، وإن شاء الله كل أبناء المملكة وعلى رأسها قيادتها وأبنائهم واخوانهم رجال الأمن سيعملون على اجتثاث هذه الفئة الشاذة التي انكشفت حجتهم وأهدافهم الباطلة وانكشف الغطاء الذي يتخفون تحته واتمنى وكما قال سمو سيدي وزير الداخلية ان نكون يدا واحدة حتى تقع هذه الشرذمة في يد العدالة وتنال جزاءها - بإذن الله.
سأكون عضواً في جمعية الشهداء
ثمة اقتراح بسيط أتمنى تفعيله يتمثل في إنشاء
جمعية خيرية باسم جمعية الشهداء خاصة وأننا قد وصلنا الى مرحلة زادت فيها أعداد الشهداء ولا شك ان فكرة إنشاء جمعية ترعى شؤون أبناء الشهداء وتتابع أحوالهم الاجتماعية والمادية والصحية ستتبناها الدولة وترعاها وأنها لم ولن تقصر في دعم هؤلاء واعتقد أنه لو تم تفعيل الفكرة في ظل وجود أهل الخير ساكون أحد أعضائها ادعمها بكل ما أملك من امكانات ومن وقتي كما أنني لا أنسى أن اشكر كل من قام بتقديم التعازي لنا ومشاركتنا مصابنا الجلل من الأسرة المالكة وأصحاب السمو الأمراء والمواطنين وكل من هاتفنا أو زارنا معزياً سائلا المولى عز وجل ان يجعل هذا العمل في موازين حسناتهم والا يريهم مكروها في عزيز لديهم.
*****
الخيمة لا تزال باقية!
من داخل الخيمة التي كان قبل وفاته - رحمه الله - يحرص على جمع الرياضيين والصحفيين بمختلف الميول والانتماءات فيها فهناك النصراوي والهلالي والشبابي والرياضي والكل كان يرتع وسط هذا الحيز بأريحية وشفافية الخلوق إبراهيم المفيريج - رحمه الله - الذي كان قبل رحيله يقابل كل زملائه بابتسامته المعهودة وكرمه اللا محدود وتبعا لذلك بقي قلبه مفتوحا لكل مرتادي هذا المكان.
وبعد استشهاد الزميل أبي عبدالرحمن حرص شقيقه الأكبر عبدالرحمن على اعطاء المفاتيح لأبرز أعمدة الخيمة وطالب الجميع بالحضور وتعهد بأن يكون مكان شقيقه (إبراهيم) مؤكدا أن باب الخيمة مازال وسيظل مفتوحا لكل أحباب وأصحاب الفقيد تغمده الله بواسع رحمته.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved