من ضمن المواضيع الكثيرة التي قرأتها في أعداد مختلفة من جريدة الجزيرة معاناة أهل مدينتي جازان من آثار السيول التي نجمت عن الأمطار في الفترة الأخيرة.. كان هناك موضوع للأخ ابراهيم بكري في عدد الجزيرة 11525 وتاريخ 28 صفر 1425هـ.. فماذا عساني قرأت وماذا عساني شاهدت من صور مأساوية وكارثة انسانية حقيقة.. بكاء وعويل، صياح ودموع، غرق وانجراف، وهدم للمنازل، فقر وجوع وفاقة، رائحة الموت في كل مكان، شيخ جليل يرفع يديه إلى السماء متضرعاً إلى الله أن ينجيه وعائلته من الكرب العظيم بعد أن عجزت كل الوسائل الأرضية عن انقاذه.. امرأة عجوز يتساقط الدمع من عينيها جمراً خارجة لا تلوي على شيء تبحث عن طعام لفلذات كبدها، شاب في ريعان الشباب والصبا ملقى ميتاً على قارعة الطريق، نساء وأطفال وشيوخ في العراء دون مأوى.. أسر محاصرة.. كل هذا وغيره وهم صابرون محتملون.. لك الله يا جازان لابد وان يكون لك كل عام شهداء وكل سنة ضحايا وكل موسم غرقى.. لابد وان تهدم المنازل وتموت المواشي وتجوع الأطفال.. وتترمل النساء.. لابد من كارثة سنوية تذهب بشبابك وتيتم أطفالك وتقضي على شيوخك.. المأساة قضت على كل شيء جميل.. رائحة الموت في كل مكان بعد أن كانت رائحة الفل والكادي والياسمين تعطر المكان.. لغة الموت تغلبت على لغة العلم والثقافة والأدب وحل محلها الوباء والمرض والفقر.. اختلط نبات الدخن والحنطة وقصب السكر بطحالب الأرض ومستنقع الوحل.. فافترس الجوع بأنيابه كل شيء.. ولكن صدقوني مهما علت رائحة الموت فستبقى الغلبة لرائحة الفل والكادي والبعيثران وان غرق العلم والأدب فسيبقى في العقول والقلوب.. اصبروا ولا عليكم فليس بعد الظلام الا النور وما بعد المعاناة الا الفرج تضرعوا إلى ربكم وادعوه ولن يخيب رجاؤكم.. واعلموا ان الله اذا احب قوماً ابتلاهم.. وتأكدوا أن بعد العسر يسرا وان مع العسر يسيرا قلوبنا معكم، مشاعرنا معكم، دعواتنا لكم بأن
يحفظكم المولى ويحفظ كل شبر من وطننا الغالي.
عبدالرحمن عقيل حمود المساوي /الرياض |