ثقافة المجتمع هي أحد أهم المحددات لمستوى معيشة ذلك المجتمع.. وهي التي تدفعه أو تحد من انطلاقته.. والثابت أن الشعوب والمجتمعات التي لديها وعي ثقافي حضاري عصري.. تتمتع بمستوى معيشي مرفه يفوق كثيراً المجتمعات التي حباها الله بالموارد الطبيعية لكنها محدودة الوعي الثقافي.. وتتقاذفها أنواء سوء الإدارة أو سوء التفكير أو سوء السلوكيات.
من المؤسف أن كثيراً من القرارات تساعد أحياناً ودون قصد على تأصيل مفاهيم، وقيم ليست في الصالح العام للوطن والمواطن.. وهذه القرارات تنطلق من أن تلك المفاهيم والقِيم هي مفاهيم وقِيم دينية وليست اجتماعية.. وأنها تحمل قدسية الأمر القطعي.. بينما هي نتائج البيئة الاجتماعية.
ولو أخذنا موضوع المرأة كمثال.. وكثير من علمائنا يقولون إن وضع المرأة حالياً ليس نتيجة أوامر دينية بل تقاليد اجتماعية، ومع هذا انظروا ماذا حصل لها.. انظروا كيف صار وضعها نتيجة ذلك الخلط بين الأمر الديني والرأي الاجتماعي.. لقد تم تهميش نصف المجتمع حتى اقتصرت فائدته على مساحة صغيرة وهي المنزل واختل بذلك مستوى قيمتها الإنتاجية أمام ميزان قيمتها الاستهلاكية.
وكمثال على القرارات المؤصلة لهذا الفكر صرح مسؤول حكومي كبير في وزارة الصناعة أنه سوف يكون هناك منطقة صناعية نسائية؟!.. وبذلك تكون المملكة أول بلد في العالم وفي تاريخ البشرية يقيم منطقة صناعية خاصة بالنساء!.. لماذا؟... وما الداعي إلى ذلك؟ وما الحاجة إليه؟..
وعي المجتمع لا يكون إلا بعقل متسائل.. والتساؤل للأسف يثير المشاكل الاجتماعية والسياسية ليس لعدم وجود الإجابة.. بل لضيق النفس والفكر.. وتسلط غريزة الخمول والاستكانة السائدة لدى بعض الناس.. واحتكار المعرفة والمنفعة لدى البعض الآخر.
أرجو أن تعمل جهات الاختصاص في الدولة على الإجابة على كثير من الأسئلة على هذه المواضيع وغيرها من خلال مراكز الدراسات والبحوث المتخصصة.. والاطلاع على التجارب العالمية الناجحة.. لوضع خطة إستراتيجية توجه وتشارك في قيادة الحراك الثقافي والاجتماعي في البلاد.. وعدم تركه للظروف والصدف.
|