عام جديد نشهد فيه انطلاق الدورة السادسة من المسابقة المحلية عن جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات وقد تحفز أبناؤنا وبناتنا من حفظة كتاب الله الكريم للتسابق في الحصول على المراكز الأولى وهو شرف وفخر للفائزين لإتقانهم الحفظ والتلاوة والتجويد وكسبهم هذا الشرف الدنيوي والذي يمثل دلالة على حسن العمل وعلى جزيل الأجر من الله وهذه المسابقة فرصة سانحة للتواصل مع القرآن الكريم ولتحقيق الريادة فيها فإن الطلاب مكلفون بالاجتهاد والمدارسة والعناية بالحفظ والمراجعة طوال العام فالاستعداد لها يستمر طوال العام خاصة مع وجود هذه النخبة الممتازة من الطلاب الموجودين والمتقنين للحفظ.
إن تربية الناشئة على كتاب الله الكريم مهمة ليست باليسيرة فهي تتطلب تعاوناً وتكاتفاً من الأسرة والمدرسة والمسجد بقوله تعالى {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} سورة الكهف (28) فالعبادة والطاعة وتدارس القرآن الكريم بحاجة إلى التصبر والاجتهاد وترويض النفس على الاستمرار فيها مع وجود الملهيات الكثيرة والمشاغل التي لا تكاد تتوقف ومتطلبات الحياة فالمرء بحاجة إلى التصميم على اقتطاع جزء من وقته للعبادة والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ومتابعة تقوية همته لأن النفس البشرية صعبة المراس نوعاً ما لكنها في المحصلة قابلة للتطويع والتأقلم شرط وجود النية والتصميم لدى المرء والعزم والرغبة في تحقيق هدف معين يؤمن في قرارة نفسه بأهميته وفائدته عاجلاً وآجلاً ولذلك فإن صغار السن بحكم أنهم في مدارج الصبا ومقتبل العمر فهم أكثر حاجة إلى من يوعيهم بمواطن الخير ومصادر الأخلاق والآداب في السلوك والمعاملة ألا وهو كتاب الله الكريم والسنة النبوية المطهرة ويرسم لهم برنامجاً لتدارس القرآن الكريم وحفظه بحيث يبعد عنهم الضجر والملل وأن يشمل البرنامج عوامل لتقوية العزائم وتجديد النشاط ولعل هذه المسابقة التي قدمها الأمير سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لأبناء وبنات هذا البلد المبارك أقرب مثال على طرق التشويق والحفز للناشئة على تدارس القرآن الكريم فهي وسيلة فاعلة مشوقة لتحقيق غاية سامية مباركة ولا شك أن فيها من المميزات والمغريات ما يدفع الطلاب وأولياء الأمور وجمعيات القرآن الكريم إلى زيادة الجهد المبذول في التحفيظ ليس فقط من أجل الفوز بالجائزة المادية وإنما لكون المسابقة تمثل تتويجاً وشهادة على حسن الأداء وامتياز الخريجين وفرحة بنجاح الجهود المبذولة طيلة العام.
هذه البادرة الحسنة من الأمير سلمان هي امتداد لما عرفناه عن قادتنا وفقهم الله ولمسناه من حبهم للقرآن الكريم والعناية به وبذل المال والوقت وتسخير الإمكانيات لتقديم خدمة تليق بمكانة الكتاب الكريم من طباعة ونشر وتوزيع وتقريره في المناهج الدراسية والتحاكم إليه والحكم بين الناس وهذا من فضل الله على الناس وصدق الله القائل {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } فنعم من كان خلقه القرآن، أسأل الله عز وجل أن يجعلنا من العاملين المتعلمين المنتفعين بالقرآن الكريم.
( * ) رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة |