تلقيت في الأسبوع الماضي.. رسالة من مدرسة لمادة التعبير واللغة العربية.. في إحدى المدارس المتوسطة للبنات.. عبرت فيها عن مفاجأة طلابية.. حدثت لها.. عندما طلبت من طالباتها في مادة التعبير.. إعداد حوار في لقاء وهمي.. مع شخصية تعتز بها، ونعتبرها نموذجا وقدوة لبنات اليوم، وأمهات المستقبل. تقول المدرسة في رسالتها:
عندما بدأت بجمع الإجابات من الطالبات.. فوجئت.. بأن أكثر الطالبات اخترن اللقاء مع والدة الشهيدة (وجدان) فحاولت التعرف عما إذا كان هذا حصل بالتفاهم فيما بينهن.. أم هو من قبيل التلاقي في الأفكار.. والتوافق في الأحاسيس والمشاعر.. تجاه زميلتهن الشهيدة (وجدان) فعرفت أن الحادث الأليم والجريمة النكراء.. التي أقدم عليها هؤلاء المفسدون في الأرض.. بتفجير مبنى المديرية العامة للمرور واستشهدت فيها (وجدان) مع من استشهد من أبناء وطننا العزيز.. ومنسوبي أمننا الغالي.. قد أثرت كثيرا على الطالبات.. وهزت مشاعرهن وزرعت الرعب في قلوبهن والهلع والخوف في نفوسهن.. كما فتحت عيونهن.. ونورت بصائرهن بأن هؤلاء الإرهابيين القتلة المجرمين ليس لديهم فكر ينشرونه ولا هدف يسعون ويعملون من أجله.. إلا أنهم عصابة ضالة.. بفكر منحرف.. تعشق الدماء والدمار.. وتزرع الخوف في قلوب الناس. وتروع الآمنين.. وتشغل قادة هذه الأمة.. بلا هدف ولا هوية.. غير الانقياد الأعمى.. لمن ساقوهم إلى هذا التيار الضال المنحرف.. وقد رغبت منك التعاون معي.. لإخراج تلك المشاعر.. ونشرها في صحيفة الجزيرة الغراء.. وبرفقة القطعة المختارة من مجموع اللقاءات التي قدمت إلي من الطالبات.. وستجدون فيها الشيء الكثير من الألم والحزن والإيمان بالقضاء والقدر.. والرغبة الشديدة في القضاء على تلك الزمرة الفاسدة واستئصالها من مجتمعنا الطاهر النقي!! وتوافق الرأي والرؤية فيما طرحته وطلبته تلك المدرسة الفاضلة أورد لكم نص اللقاء كما يلي:
لقاء مع أم وجدان.. شهيدة التفجيرات في الرياض
* أم وجدان.. بعد تقديم العزاء بالشهيدة.. كيف كان وقع الحدث على نفسك؟!
- بالنسبة لوجدان.. هذا قدرها المكتوب.. وقد جرها إلى ذلك طلوعها إلى السطح لإطعام الحمام.. فأطعمها المجرمون في هذه التفجيرات.. شربة الموت غدرا وعدوانا، وأرجو الله الشفاعة فيها.. والحمد لله على قضائه وقدره.
* ما هي نظرتك إلى هذه الفئة الضالة والخارجة عن الدين والدولة؟
- هؤلاء شباب غرر بهم، فانساقوا وراء جماعة التكفير الذين نشروا سمومهم بين شبابنا باسم الدين والدين منهم بريء (براءة الذئب من دم ابن يعقوب) وقد وجدوا جزاءهم في الدنيا. وسوف يحاسبهم الله على فعلهم هذا يوم القيامة.. حسابا عسيرا.. بقتلهم الأبرياء بغير حق.. واعتدائهم الغاشم على ممتلكات المسلمين وأرواحهم.. قاتلهم الله أنى يؤفكون.
* ما هي آثار هذه التفجيرات في نفوس المواطنين بصفة خاصة والمسلمين بصفة عامة؟
- لقد زرع هؤلاء المفسدون الرعب والخوف والقلق والهلع في قلوب المواطنين جميعا، وقد كشفت أعمالهم الإجرامية عن حقيقة نواياهم.. وسوء مقاصدهم.. وأعطت الدليل القاطع على أن هؤلاء المجرمين.. قد مسخت عقولهم وغسلت أفكارهم.. وأصبحوا في نظر الجميع.. أنصار اليهود والصهيونية العالمية في الحرب على الإسلام والمسلمين.. بتعمده إشغال قادتنا وقادة العالم الإسلامي.. بالأمن الداخلي.. وإحداث الفتن الداخلية.. عن الدعوة إلى الله ونشر الإسلام والسلم في جميع أنحاء العالم.
* ما رأيك في جهود الدولة، حفظها الله، في مكافحة هؤلاء المنحرفين؟
- الدولة لم تقصر في شيء.. وأخذت بكل الوسائل لعودة هؤلاء إلى الصراط المستقيم.. والعمل بالدين الصحيح.. والأخذ عن علماء الأمة المعتمدين والمعروفين وترك الأشرار المنحرفين الضالين.. المضلين.. ونبذ أفكارهم وعدم الأخذ بآرائهم إلا أنهم كابروا، وأصروا على جهلهم.. وتكفيرهم للأمة، ولولاة أمرها.. فما كان من الدولة (نصرها الله) إلا أن قامت وهي مكرهة بمطاردتهم، وتضيق الخناق عليهم.. وقتل الفاعلين منهم.. وسوف، إن شاء الله، يتم القضاء عليهم عن آخرهم، ويتم تطهير أرض الحرمين الشريفين من رجسهم الخبيث.
* ما هي نصحيتك للأمهات في تلك المناسبة المؤلمة؟
- نصيحتي لكل أم مسلمة.. أن تراعي الله في تربية أولادها.. وأن تراقبهم.. وتتبع خطاه منذ الصغر.. وتعليمهم الدين الصحيح، والولاء والإخلاص لله والوطن وللدين والدولة، وأن تمارس نشاطها في هذا السبيل مع رب الأسرة بكل ما تستطيع من جهد، فالأم مدرسة كما يقول الشاعر.. وهي المنبع النقي الذي يسقي الشباب منذ الطفولة حتى يكبر، فعليها المتابعة والملاحقة.. وعليها المشاركة المؤثرة والفاعلة.. مع رب الأسرة.. لتربية الأولاد والبنات وفقا للمفاهيم الصحيحة للدين، ونصوص الإسلام الحقيقي.. وليس إسلام المكفرين والمنحرفين من خوارج الأمة، والله ولي التوفيق. انتهى
صورة رائعة.. مد جسور التلاحم والتماسك، الديني والاجتماعي والأخلاقي، صورة صادقة ومعبرة عن أثر الجريمة النكراء.. في نفوس الكبار والصغار.. حتى الأطفال من البنين والبنات.. في منازلهم، وفي مدارسهم.. هكذا يفكرون، وهكذا يعبرون، وهكذا يشعرون وفي تلك الصورة نلمس الاحتقان الجماعي، والكراهية الجماعية، والرغبة الشديدة للقضاء على هؤلاء الخارجين الضالين.. الذين سلبوا العقل والإرادة، ومسخت أفكارهم ثم أخرجوا عن دينهم، وعن ملة أمتهم أمة السلم والسلام، أمة الحق والعدل والمساواة، أمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، وهم في غفلة ساهون، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
عبدالعزيز العبدالله التويجري
كاتب صحفي - ورئيس تحرير سابق |