بلد مبارك بأرضه وأهله، وشعب عريق بتاريخه وأمجاده، تلك هي القصة، قصة بلد مارد في شموخه، سام في عليائه، واعد في أبنائه وشيوخه، قصة بدأت منذ عهد بعيد، منذ دعوة إبراهيم عليه السلام: { رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} سورة البقرة (126) .
وتجددت القصة وتأصلت وتعمقت يوم أن هلًّ محمد -صلى الله عليه وسلم- ليكون للعالمين بشيراً ونذيراً، قصة عمت الأرض بخيرها، وأسعدت النفس بنورها، رايتها خضراء يانعة، روحها لا إله إلا الله محمد رسول الله، وشرعها الإسلام، ومصباحها القرآن، ولغير ذلك ليس فيها مكان.
إذن .. ما الذي يجري هنا اليوم؟ ولمصلحة من ؟ من الذي يقف خلف هذه الأعمال الإجرامية الباطلة؟ أحقاً هذه الأعمال تحدث هنا في هذه الأرض المباركة؟ أحقاً هؤلاء الذين ينفذونها هم أبناء الوطن؟ أحقاً ينتمون إلى هذه الأمة العظيمة؟ أمة الإسلام؟ أمة المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبدالله، عليه أفضل الصلوات والتسليم؟.
لا وربي هذه الأعمال ليست من سلوكيات المسلمين اغتيال جند الوطن، وقتل النساء والأطفال، وترويع الآمنين، وتدمير البنيان، وتبديد الثروات!! أبداً.. هذه ليست من شيم أناس يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فالإسلام لم يكن في يوم من الأيام دعوة للشر والهدم والعدوان والرعب والإرهاب، كما يدعي أعداء الإنسانية، وإنما هو دعوة خالدة ورسالة أزلية للخير والبناء والأمن والأمان والسلام.
ما الذي يجري؟ ما هذا الغدر؟ وما هذه الخيانة؟ وممن؟ من بني جلدتنا ودمنا وعقيدتنا؟ نحن أشد ما نكون فيه إلى تعزيز وحدتنا، وتسخير طاقاتنا لمواجهة عدو يستهدفنا في إسلامنا وعروبتنا، وما أدل على ذلك ما نشاهده هذه الأيام من هجمة صليبية صهيونية على الأمتين العربية والإسلامية في شتى بقاع الأرض، وما يجري على أرض فلسطين وأفغانستان والعراق وشاهد على المؤامرة التي يحكيها ضدنا اليهود والنصارى، ولقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من ذلك في العديد من آياته، ولعلي أذكر نفسي وإخواني بآية نحفظها جميعاً ونستشعرها وندرك تفسيرها، يقول الله عز وجل في سورة آل عمران، الآية 100: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}، وأذكر نفسي وإخواني أيضا ما جاء في وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع حين كان الصحابي الجليل ربيعة بن أمية بن خلف- رضي الله عنه- يصرخ في الناس بما يقوله له محمد- صلى الله عليه وسلم- وقد جاءت الوصية بأسلوب حواري صريح يؤكد على إدراك كل حرف فيها، فسألهم أولاً عن شهرهم فيجيبون: الشهر الحرام ثم عن بلدهم، فيجيبون: البلد الحرام، ثم عن يومهم فيجيبون: يوم الحج الأكبر، وبعد كل جواب كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول له: قل لهم: إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة شهركم هذا، ثم كحرمة بلدكم هذا ثم كحرمة يومكم هذا.
يا إخوة الإسلام... ماذا دهاكم؟ ليست هذه سبيلكم، ما هكذا يكون الوفاء لله ورسوله، عودوا إلى رشدكم، وفوتوا الفرصة على عدوكم، إنه يتربص بهذا البلد وبأهله وبمكانته الإسلامية وهو خائب لا محالة، ولكن اتقوا الله ان تستسلموا لمكره وخبثه وحقده، فتكونوا يده التي تبطش فتكونوا خاسرين!! اتقوا الله في دعوة إبراهيم عليه السلام،و اتقوا الله في أنفسكم وأهليكم واتقوا الله في أموالكم وثرواتكم وهي أمانة في أعناقكم، ثم اتقوا الله في إخوانكم المسلمين فهم ينتظرون وقفتكم إلى جانبهم ونصرتكم لهم على أعداء الله وأعدائكم.
|