قال لي أحد ضباط الأمن مرة بشيء من المزح: يا أخي أنتم ما تلقون غيرنا تنتقدونه حنا الوحيدين اللي مقصرين، ابتسمت بود ومجاملة وقلت له : لا يا أخي نحن في الجرايد ننتقدكم وننتقد غيركم ، ولكن الإنسان لا يرى إلا ما يقع عليه، كان يتكلم بصورة عفوية وأخوية، لا يشعر بالمرارة أو بالظلم.
كلام الضابط لفت نظري، بدأت فعلا أنتبه لكمية النقد الموجه لرجال الأمن مقابل مثلا السكوت عن الهيئة وغيرها من القطاعات المشتغلة بالأمن، اكتشفت فعلا كأنما هناك استهداف لرجال الأمن العام دون غيرهم، لا يمكن أن تقرأ جريدة دون أن تقرأ نقدا لرجال المرور أو نقدا لرجال الإطفاء أو الشرطة.
وفي بعض الأحيان من حدة اللغة المستخدمة في النقد تحس أن المسألة فيها هجوم ونوع من التشفي، في البداية لم أفهم لِمَ يحدث هذا ؟ بعد تأمل في النقد وفي الردود اكتشفت الحقيقة، الذي يعمل في الضوء ويعمل بإخلاص ويعمل من أجل وطنه ويعمل من أجل خدمة الناس لا يضره النقد مهما بلغت حدته بل يقويه، فالنقد جزء لا يتجزأ من العمل، هو ما يسمى التغذية المرتدة، فرصتك أن تسمع وجهة نظر عملائك في خدماتك، لايكره النقد إلا من يشعر بعدم الكفاءة أو من يعمل لأهداف غير الأهداف التي ينادي بها، أو من تعود على شغل الظلام، فدرجة الضوء المسلطة على القطاع تحدد إخلاص هذا القطاع وها هي الأيام تبرهن على ذلك.
مدينة الرياض تتقدم في خدماتها وجمالها مع تصاعد موجة النقد الموجهة لأمانتها والعاملين فيها، ووزارة التربية تنتقل من نجاح إلى آخر لأنها لا تخاف العمل تحت الأضواء إلى الأمثلة الحية، فهناك تناسب طردي بين النقد وبين العمل، بين الضوء وبين الإخلاص.
ولكن ما يقع على رجال المن لا يقع على القطاعات الأخرى.
فرجل الأمن يعمل بحركة مقيدة، أنظمة وقوانين وانضباط عسكري، فعمله يتسم بحساسية كبيرة، فالخطأ من الصعب تصويبه، أحيانا كثيرة يتخطى خطأ رجل الأمن في خطورته خطأ الجراح في غرفة العمليات، فأرواح الناس معلقة في قراره في لحظة من اللحظات، ليس بالضرورة قرار ضابط كبير مدرب على اتخاذ القرارات بل على قرار جندي صغير قليل الخبرة، قرار هذا الجندي يتحمل مسؤوليته كل العاملين في الأمن ابتداء من وزير الداخلية إلى أصغر رتبة، ماذا كان سيحدث لو أن الجندي المكلف بحراسة بوابة إدارة المرور اتخذ قرارا آخر غير القرار الذي اتخذه، ماذا سيحدث لو أنه سمح لشاحنة الشر بدخول المبنى، في لحظة خاطفة ألهمه الله القرار الصائب والشجاعة اللازمة ليضع هذا القرار موضع التنفيذ، فنجت حيوات بريئة من الموت المجاني، لا شك أن هناك آلاف القرارات العظيمة اتخذها رجال أمننا على كافة المستويات التي لولاها لما نعمنا بهذا الأمن العظيم.
تحية حب وتقدير وإجلال لكل ضابط وكل صف ضابط وكل جندي يعمل في خدمة هذا البلد العزيز المنيع.
فاكس 4702164
|