كتاب صدر عام 1993م للكاتبة البريطانية فرانسيس ستُونَر، يتضمَّن وثائق وتقارير عن الدور الحداثي المشبوه في العالم، الدور الذي يستهدف فيه أصحابه قيم الناس وأخلاقهم ومبادئهم، ويريدون أن يسوقوا الناس إلى فوضى لا تحكمها شرائع، ولا تضبطها أخلاق وقيم.
وقد طبع الكتاب طبعة حديثة بعنوان: الحرب الباردة الثقافية - المخابرات الأمريكية وعالم الفنون والآداب - حيث ترجمه إلى العربية طلعت الشايب، ولقد جاءت هذه الطبعة بزيادات وتفاصيل وإضافات ووثائق تؤكد العلاقة القوية بين المخابرات الأمريكية، وحركات الحداثة ورموزها الفاعلين في العالم، تلك العلاقة التي تحقَّق بها الدعم المادي الكبير للحداثة ومؤسساتها ودور نشرها وصحفها ومجلاتها في أنحاء العالم.
إن الكتاب ذو أهمية كبيرة في بيان أسرار وملابسات تلك الحركة الأدبية والثقافية السيئة التي شوَّشت الأفكار، وأفسدت الأذواق، وضللت العقول، وأنشأت في العالم أجيالاً حداثية لا تعرف قدراً لدين أو ثقافة أصيلة أو خلق نبيل، وإنما تعرف الانسياق وراء أهواء النفوس، ونزعات الشياطين، والسير في طريق الانفلات من أي قانون يحكم حياة الناس، ويحول بينهم وبين الانحراف.
وتأتي أهمية هذا الكتاب وأمثاله من حيث كشفه عن أسرار خطيرة كانت غائبة عن أذهان كثير من المثقفين المعتدلين، والأدباء الملتزمين الذين ظلوا زمناً يتحدثون - بسبب غياب تلك الأسرار - عن الحداثة الراشدة، والحداثة المتوضئة، والحداثة المستقيمة، وهم غير مدركين لما يختفي وراء ستارها الأسود الكثيف.
إن الكتاب يتضمن عدداً من القضايا الساخنة التي تشكل في مجملها مسيرة الحداثة المزعجة في العالم، فهو يتحدث عن خيانات الحداثيين في الشرق والغرب، وعن تعاونهم الكبير مع استخبارات السي آي أي، وتنفيذهم لكثير من البرامج الأدبية والثقافية، والمخططات الفكرية التي صممتها الاستخبارات الأمريكية، وهي تهدف إلى هدم الثقافات الأخرى المناقضة للثقافة الأمريكية.
ويؤكد الكتاب أن الاستخبارات الأمريكية موَّلت الحداثيين في العالم كله بما فيه العالم الإسلامي، وأن الدعم المعنوي والمادي قد دفع بمؤسسات الحداثة إلى ترشيح رموزها دائماً للفوز بالجوائز المختلفة، والحيلولة دون غيرهم من أصحاب الاتجاهات المناقضة للحداثة مهما كان مستوى أصحابها الأدبي والفني.
ويشير الكتاب إلى أن منظمة الاتحاد الدولي للحرية الثقافية الذي يبحث عدداً غير قليل من المجلات بعشرات اللغات، تديرها لاستخبارات الأمريكية.
كما يشير إلى أن اذاعة أوروبا الحرة التي تتحدث بست عشرة لغة كان يترأسها رونالد ريجان الرئيس الأمريكي الأسبق ممثلاً للاستخبارات الأمريكية.
ممن اعترف بهذه الأسرار حسبما نقلته مجلة المستقبل الإسلامي في عددها رغم 134 الصادر في جمادى الآخرة 2002م، د. جابر عصفور الذي أكد أنه يعلم بذلك ويعرف لعبة الحداثة قبل صدور الكتاب المذكور، وكذلك صلاح فضل وغيرهما.
يبقى القول: إن الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
إشارة
كنْ كما شئتَ فما زلنا إلى
ربنا في كل حالٍ نفزَعُ |
|