في عام 732 ألمت بالانسانية كارثة قد تكون أكثر الكوارث شؤما في العصر الوسيط كله.
وقد غرق فيها العالم العربي طوال سبعة قرون أو ثمانية في مهاوي بربرية، كان عصر النهضة قد بدأ يبددها وقد قواها عصر الاصلاح من جديد.
هذه الكارثة التي أكره حتى ذكرها هي الانتصار المقيت الذي أحرزه قرب بواتيه متوحشو الهاركاس من محاربي الفرانك بقيادة الكارولنجي شارل مارتل على الكتائب العربية والبربرية التي لم يعرف عبدالرحمن الغافقي أن يحشدها بما يكفي، فتراجعت وفشلت.
لقد تقهقرت المدينة في هذا اليوم المشؤوم 800 عام، وذلك أنه يكفي أن يكون الانسان قد شاهد حدائق الأندلس أو البقايا المدهشة لعواصم السحر والحلم: اشبيلية، غرناطة، قرطبة وطليطلة، لكي يستشف في دوار معجز ما كانت قد آلت اليه فرنسا، وقد خلعها الاسلام الحاذق المسالم السمح من أهوال لا تسمى اجتاحت على الأثر بلاد الغال القديمة التي خضعت بادئ الأمر للعصابات الاوسترازية الوحشية ثم جزئت ومزقت وأغرقت في الدماء والدموع وأفرغتها من الرجال الحروب الصليبية، وأتخمت بالجثث من جراء حروب أهلية وأجنبية في حين كان العالم الاسلامي من الوادي الكبير إلى الأندلس ينمو وينتصر بسلام في ظل الأمويين والعباسيين والسلاجقة.
سأسأل فيما بعد هؤلاء الفرنسيين ماذا يفكرون في انتصارنا عام 732 على المسلمين وعما اذا كانوا لا يحكمون معي أن هذا الانكسار الذي أصاب شعباً متمدناً على يد شعب بربري كان بالنسبة للانسانية جمعاء مصيبة كبرى.
كلود فارير/
عضو الأكاديمية الفرنسية |