ظلت الفلوجة الواقعة ضمن المثلث السني في العراق تستحوذ على الاهتمام طوال أسابيع حيث تستعر فيها مقاومة شرسة ضد الأمريكيين مع إحصاءات مخيفة عن أرقام القتلى، وفي ذات الوقت تحولت مدينة النجف في المحيط الشيعي إلى نقطة لاختبار القوة بين مقتدى الصدر والقوات الأمريكية مع تهديدات لا تتوقف يتبادلها الجانبان واتهامات مستمرة.
وبين المدينتين تظل بغداد نقطة توتر دائمة لا تتوقف فيها الانفجارات والملاحقات، وهكذا تبدو الأوضاع في كل العراق ساخنة بل ومرشحة للمزيد من التصعيد.
ولا تبدو وسط هذه الأوضاع ثمة ما يشير إلى إمكانية الخروج من هذه الحالة خصوصاً مع توقعات لا حدود لها بشأن كل من الفلوجة والنجف، وبينما تتردد القوات الأمريكية في اقتحام الفلوجة بقوة كبيرة اتقاءً لمعركة واسعة النطاق فإن التحديات المتبادلة بين الصدر والأمريكيين والاتهامات المستمرة تفيد بإمكانية معركة في النجف التي تشهد حشوداً أمريكية كبيرة خارجها.
ومن الواضح أن معركة في أي من المدينتين تكفي لإشعال العراق من أقصاه إلى أقصاه.
وفي أجواء انعدام الثقة هذه لا يمكن للتحركات السياسية سوى فعل القليل، وفي هذا المقام فإن الوعود بنقل السلطة إلى العراقيين بعد شهرين لن تفلح في إعطاء جرعة أمل طالما ظلت الأوضاع العسكرية على حالها من التوتر..
ولهذا بات من المهم محاولة تبريد هذه النقاط الساخنة من خلال تهدئة لهجة التحذيرات والتوعدات التي يصعب تحقيقها كما يصعب التراجع عنها، وقد يكون السبيل إلى ذلك من خلال الاعتراف بالحقائق القائمة عن أرض الواقع مثل ان السلاح الذي في أيدي مختلف الجماعات العراقية سيظل في أيديهم سواء أرادت قوات الاحتلال ذلك أم لم ترد، وأن هذا السلاح يمكن ان يتحول إلى عنصر استقرار وضبط للأحوال إذا توافر قدر من الثقة وإذا انتفت الاستفزازات وإذا كفت قوات الاحتلال عن التصرف من موقع القوة المتفوقة التي نعتقد أنها تستطيع إخضاع شعب كامل لسيطرتها بالقوة وحدها.
|