هل من الممكن أن يضر الطموح بصاحبه..؟ نعم اخي صديق شدو الاستاذ إبراهيم المطيري.. فمن الممكن أن يسبب الطموح غير الواقعي الكثير من الاضرار.. فمثلما يهرب النوم عن جفني مريده, ويشرد الخيال بصاحبه عن واقعه, وتخون الذاكرة صاحبها, وتوهم النفس راعيها... كذلك قد يفعل الطموح غير الواقعي بالفرد وذلك حين يجمح به عن حدود الحقيقة ليطرح بآماله ويبعثرها في سراديب اليأس وفضاءات الشتات. وابتداء يتعين القول إن الطموح لا شك ركن من أركان الحياة وبدونه قد تتعثر - إن لم تتوقف - هذه الحياة, فهو الأمل.. الرجاء.. التفاؤل.. العزم.. الاصرار.. الخ وفقدانه يعني فقدان كل هذه المقومات أو العناصر الضرورية بل واللازمة لعبور مناكب الحياة بشقيها المعنوي والمادي على حد سواء.
وخطورة الطموح غير الواقعي تتمثل في أنه يعزل صاحبه عن الواقع حين يدفع به في احضان الخيال والمأمول، وحينها ينشغل عما هو كائن في سبيل مطاردة أوهام ما يجب - في نظره هو - أن يكون. وهذا هو السر في تمثيل اجدادنا بالقول: (مد رجلك على قد لحافك): فليس معنى هذه العبارة محصورا في مضمونها المادي - المحسوس فقط، حيث إن لها مضامين نفسية أيضاً بمعنى أن للنفس - برغباتها وطموحاتها وآمالها - لحافا يتوجب على الفرد ان يرتديه مفصلا على قدر قدراته, وهذا هو الطموح المتوازن الذي يفرض على الفرد الطامح نحو تحصيل شيء ما ألا يركز على وسائل تحقيق هذا الشيء فقط لأنه في مثل هذه الحال سيغفل التعامل الأمثل مع معوقات عدم تحصيله لتفاجئه هذه المعوقات لاحقاً وفي مرحلة متأخرة لم يحسب لها حسابا؛ مما قد يؤدي به الى الفشل الذريع.
ختاماً أخي إبراهيم فليس من الطموح التطلع الى من هو أعلى منا حيث ان مجرد عقدنا للمقارنة بين ما لدينا وما لديهم سيفقدنا حلاوة ما هو في حوزتنا مما يرمي بنا في النهاية الى قيعان ما يسميه العلماء (الحرمان النسبي).. وهي حالة نفسية قهرية تحدث للفرد الذي يقارن حظه في الدنيا بحظوظ أعظم من حظه.., بل يكفينا أن سيد المرسلين نبينا محمد عليه أفضل الصلوات والتسليم قد حذر من ذلك بقوله الشريف: (انظروا الى من هو اسفل منكم ولا تنظروا الى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله). تحياتي لك أخي إبراهيم.
|