جاءت الردود على مقالي السابق (تقاعد المعلمات المبكر) كما توقعت، فلم يُرْضِ شريحة من المعلمات، وأيدته شرائح أخرى، خاصة الخريجات المنتظرات منذ زمن في طابور الوظيفة! ويبدو أن هناك مَن فهم المقال على غير ما أريد! وفي ردين (متشابهين) متتاليين في عزيزتي الجزيرة وبعض الاستجابات على البريد الالكتروني كانت اللغة حادة وتتهمني بالتحيز للرجال ضد المرأة، وهي تهمة يخاف من عواقبها أي رجل في هذا الزمان! كما تم تذكيري بما تم التوقيع عليه مؤخراً بالتسوية بين المرأة والرجل وسرد عدة نقاط لا أريد أن أتطرق لها، ولكنها تعبر عن حدة في الرد تخيلت بعده انني سأكون أول متهم تباشر به اللجنة الوطنية لحقوق الانسان عملها بتهمة التميز ضد المرأة والدعوة إلى هضم حقوقها الوظيفية! وأنا هنا أعلن أنني بريء من تلك التهم! وكانت الردود تطالب بالتطرق لمواضيع ذات أهمية كبيرة في المجتمع؛ مثل الفقر وسعودة الوظائف في المدارس الأهلية وغيرها؛ لأن ذلك حسب وجهة نظر القارئات الكريمات أفضل من الكتابة عن التقاعد المبكر للمعلمات الكبيرات؛ ليفسحن المجال أمام الخريجات المنتظرات!! وهو رأي عليَّ ألا أغضب منه، خاصة أننا الآن في زمن الحوار الوطني وتقبل الآخر وعدم إلغائه أو تسفيه آرائه واتهامه بما ليس فيه وممارسة الإرهاب الفكري معه! ولقد أردت في هذا المقال أن ألبي رغبتهن في الكتابة عن أحد المواضيع التي تستحق الكتابة، وقد طلبن الكتابة عنها، واستجابة لرغبتهن وتأكيداً لأهمية رأيهن وصحته في القضايا التي طلبن التطرق لها فسوف أتطرق لموضوع السعودة في المدارس الأهلية، وحتى نكون منصفين فالمدارس الأهلية تقوم بدور كبير في تقديم خدمات تعليمية مميزة إلى حد كبير، وهي تهيئ لشريحة كبيرة من الطلاب والطالبات أجواء دراسية وتربوية قد لا تتوفر في المدارس غير الاهلية! وهي أجواء تليق بطالب يخرج من فيلا عصرية مؤثثة بأحسن الأثاث، ويتمتع بالتكييف الجيد والخدمات المنزلية الراقية، ولهذا فهو قد يجد صعوبة في أن يتوائم مع ظروف المدارس غير الاهلية التي نعرف مستوى الكثير منها! وتلك المدارس تحملت عن وزارة التربية عبء تعليم أعداد كبيرة من الطلاب والطالبات، وبنت المباني الحديثة وتقوم بصيانتها وتوظيف المعلمين والاداريين وغيرهم، فهي إذاً قد ساندت الجهود التعليمية لوزارة التربية، بالاضافة الى انها استوعبت عدداً قليلاً من المعلمات والمعلمين السعوديين، لكن يظل موضوع السعودة في المدارس الاهلية هو مطلب ملح في هذا الوقت، ولو تم فسيوفر عشرات آلاف من الوظائف للخريجين والخريجات الذين ينتظرون دورهم في الوظائف! هذا هو أمل الجميع وطموحهم، ولكني أعتقد ان المدارس الاهلية سوف تتهرب من سعودة الوظائف إذا استطاعت إلى ذلك سبيلاً، مثلها مثل كل الشركات والمؤسسات الوطنية! فالمستثمر يبني مشروعه على الربح والخسارة، وهذا أمر مشروع ويجب احترامه! ويبني المشروع على دراسات جدوى توضح نسبة الربح التي يهدف إليها صاحب مشروع المدرسة الأهلية! ولكن على وزارة التربية أن تتبنى مثل هذا الأمر حرصاً على تعليم أجيالنا القادمة بالنظر إلى أن الاستثمار الحقيقي يكون في التعليم، لهذا فإنه لا بد من وضع حلول لهذا الأمر من خلال صدور تنظيم خاص بالوظائف والذي سوف يفتح المجال لسعودتها مع مراعاة مصلحة المدارس حتى لا يؤثر ذلك على مستوى ما تقدمه من خدمات لطلابها، ولعل أفضل الحلول هو ان تساهم وزارة التربية بنسبة من راتب المعلم السعودي الذي يتوظف في المدارس الاهلية وكذلك المعلمة السعودية، وليصبح راتبهما مماثلاً لمستوى الرواتب في المدارس الحكومية. وإذا تم تطبيق هذا الأمر فسوف يكون هو حلاً فعالاً لمشكلة انتظار الخريجين والخريجات! وشكراً للقارئات الكريمات على فكرة هذا المقال الذي أراحني من عناء البحث عن فكرة مناسبة لمقال جديد!
فهد الحوشاني
|