قال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} «16» سورة الحديد. بكل آسى وحزن تابعنا أحداث التفجير الأثيم الذي وقع بالرياض، والذي استهدف مبنى الإدارة العامة للمرور يوم الأربعاء الموافق 2-3-1425هـ وما خلفه من قتل للأنفس المعصومة، وإصابة العشرات بلا ذنب! وإيذاء المئات من الآمنين وترويعهم؛ ناهيك عما خلفه من اعتداء سافر أثيم على الأموال والممتلكات العامة والخاصة، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} ألم يأن للمغرر بهم من أتباع الفئة الضالة أن يفيقوا من سكرتهم، وينهضوا من رقدتهم، ويستيقظوا من غفلتهم، ويرجعوا لصوابهم ويؤوبوا لرشدهم، ويتوبوا إلى الله من سوء عقيدتهم، وانحراف فكرهم، واعوجاج سلوكهم وأعمالهم! بأي تأويل فاسد وشبه مضلة تستباح دماء المسلمين المعصومة (من رجال الأمن وغيرهم)، والأموال المحترمة، والممتلكات العامة والخاصة؟! لقد أجمع المسلمون كافة على وجه الأرض - بل وحتى غيرهم - وفيهم العلماء والدعاة، والمصلحون، والعقلاء، والعباد، والأخيار، أجمعوا على إنكار هذه الأعمال الإرهابية المشينة, وأنها ليست من الإسلام في شيء! وأن شرع الله المطهر بريء منها! وأجمعوا أنها تسيء للإسلام والمسلمين، وتشوه معالمه وسماحته لدى غير المسلمين، فمن الناس بعدهم!؟
لاشك أن انحراف عقيدة (المخططين والمنفذين والمؤيدين لهذه الجرائم البشعة والمتعاطفين معهم) عن جادة معتقد أهل السنة والجماعة، مع زيغ فكرهم وتقوقعه في حمى المتشابهات، وشبه أهل الأهواء، وتلويث عقولهم بمسوح الهوى والاستبداد بالرأي الأحادي، هو بلاء هذه الفئات الضالة، والزمر الهالكة، ومصدر شقوتها، ومروقها عن جماعة المسلمين، وسبب رئيس في استمرائها لضلالها وإصرارها على المضي في غيها والعياذ بالله.
كيف يقدم من يقدم على مثل هذه الجرائم البشعة, والنصوص في عصمة الدماء والأموال، وحرمة أي نوع من الاعتداء أو الإيذاء للآخرين، معلومة من الدين بالضرورة!؟ فمتى يستفيق الأغرار ويؤوبوا لرشدهم؟ ومتى يقشعوا الأغشية النتنة عن عقولهم؟ ويزيلوا الران المترسب في فكرهم؟ ويميطوا الأغلفة الفاسدة عن أذهانهم؟ ليبصروا الجادة الصحيحة، وينضموا لركب جماعة المسلمين!! وحينها يكتشفون حقيقة الدين الإسلامي الصحيح، وما كانوا عليه! وما اقترفته أيديهم!؟ وكيف كانوا كالدمى الصماء في تنفيذ ما يملى عليهم من أعداء الدين المتظاهرين بالحمية له والذود عنه؟!
إن واجب العلماء، والدعاة، والمدرسين، والمثقفين، والمفكرين، والكتاب، عظيم جداً تجاه تبصير الأمة، سيما شبابها، وتنويرها بالمعتقد الصحيح، والمنهج القويم، والفكر المستنير، الموافق للشرع الحنيف، وتحذيرهم من كل ما يضاد ذلك، لا سيما مزالق داء العصر الوبيل ومهاوي (فكر الغلو المقيت) وشبههم الساقطة، لنحمي شبابنا من أن يستغلهم أعداء الإسلام لحرب الإسلام بأبنائه باسم الإسلام!! إنني أرى مجتمعنا المحافظ والميال بطبعة وفطرته للتدين وحب الخير- وهذا من مداخل الأعداء على شبابنا - بحاجة ماسة إلى (حملة وطنية شاملة للتوعية العقدية والفكرية) على كافة المستويات والأصعدة، بعد ان تجند لها الكفاءات الفعالة من كبار العلماء والفقهاء والدعاة وأهل الرأي في الأمة لوضع البرامج العلمية والتثقيفية والتوجيهية اللازمة لها، وبثها في المجتمع، ونشرها عبر مختلف وسائل الإعلام، على أن تستمر هذه الحملة ما لا يقل عن عقد من الزمان! ذلك أن (العقيدة والفكر) المنحرفين لا يزيلهما إلا (عقيدة وفكر) نيّران صحيحان، وهذا جزء من العلاج الوقائي اللازم للأجيال القادمة ببلادنا الغالية، والله الموفق.
|