Monday 26th April,200411533العددالأثنين 7 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تبَّت يد الإرهاب تبَّت يد الإرهاب
عادل أبو هاشم(*)

الإرهاب لغة مبتدعة ووسيلة مستهجنة، وبمفاهيمه الحالية مرفوض ومكروه مهما كانت أهدافه ومراميه، ومثاله الحوادث الإرهابية الإجرامية التي وقعت في مدن الرياض ومكة المكرمة والقصيم التي حصدت أرواح أبرياء لا ذنب لهم ولا جريرة سوى انهم يعيشون في بلد آمن ومطمئن.
إن الأحداث الإرهابية التي جرت في بعض مدن المملكة إنما تستهدف الأمن والطمأنينة والاستقرار في المملكة العربية السعودية الذي تفتقده دول كثيرة متقدمة في تقنياتها وإجراءاتها واستعداداتها، وترجوه مجاميع بشرية تقض مضاجعها الفوضى والاضطراب والقتل والتفكك الاجتماعي في مجتمعاتها.
والهدف من الاعتداءات الإرهابية الأخيرة لم يكن بالتأكيد قتل بضعة أشخاص وجرح عشرات آخرين بقدر ما كان رسالة متوحشة تدل على الإصرار على تقويض المثل النموذج في الاستقرار والأمن في العالم، وتدل على العناد والكراهية غير المبررة لكل ما هو صحيح، ومستقيم، الأمر الذي يستدعي من كل مواطن ومقيم، ومن كل عربي ومسلم أن يقف وقفة رجل واحد في مواجهة هذا النوع من الإجرام وهذه الجريمة المنظمة التي يقف وراءها أفراد أو مجموعات افتقدت لكل حس إنساني أو بشري، وتحولت إلى قطعان متوحشة يهمها فقط إرواء غليلها في الدم البشري المسفوح بلا ذنب أو جريرة دون أن تحسب للعواقب أو النتائج أي حساب.
إن هذه الوقفة مطلوبة وضرورية اليوم وليس غداً لتبيين الحقائق ومواجهة الادعاءات والبيانات المتسللة من ثقوب منتنة، والوقوف على الأهداف الحقيقية لفاعلي هذه الجريمة النكراء ومخططيها وداعميها، وعدم الاكتفاء بالاستنكار وتبني التحليلات المغرضة والمشوهة والتي غالباً ما تصدر عن جهات مستفيدة من هذه الجريمة وأمثالها.
ومن المؤكد أن هذه الجريمة وأمثالها لا يمكن أن تستهدف فقط دولة بعينها ولا مجموعة محددة بمواصفات معروفة، بل تنتقل وبسرعة إلى استهداف القيم والموروثات الموجودة والفاعلة والمؤثرة خاصة في المملكة العربية السعودية هذه القيم والموروثات التي كانت وما تزال مصدر قلق وإزعاج لأساطين الجريمة المنظمة في العالم.
ولا شك أن التأثير السلبي على هذه القيم والموروثات ستصيب كل فرد مهما كان موقعه في مجتمعه ولن ينجو منها أحد، ولا يتوهم فرد مهما نأت به ظروفه عن الإحاطة بما يجري، أو نأى بنفسه عنها أنه سيكون بمأمن عن الآثار السلبية المدمرة للجرائم الأمر الذي يستدعي التنبه والاستعداد لكل فرد كل وفق قدراته واستطاعته لكي يصطدم المجرم بجدار صلب يدرك معه صعوبة اختراقه، لذلك فإن العزوف عن الاهتمام بالجريمة البشعة التي حدثت في مبنى المرور بالرياض، والوقوف موقف المتفرج منها وكأنه ميدان كرة قدم أو سيرك تسيطر عليه الوحوش الكاسرة، وكذلك سيطرة اللامبالاة على الجوارح والأحاسيس، وربما بروز ظاهرة التشفي والانتقام ومن ثم محاولة تسييس الجريمة واختراع أبعاد ومرام لها بعيدة عن حقيقتها وبالتالي إلقاء تبعة الملاحقة والمسؤولية على رجال الأمن وحدهم.. إن ذلك خذلان للنفس أولاً، ثم خذلان للدولة والوطن والأمة وعدم فهم حقيقة التعاليم الدينية الحقيقية ودور المسلم تجاه أخيه المسلم ثانياً.
وهنا لابد أن يعلم كل فرد أنه وأسرته مستهدفون مباشرة من هذه الجريمة وممن هم وراءها، وأنهم معنيون في آثارها ونتائجها مهما حاول العابثون تصوير الأمور على أنها محصورة في أمور معينة وأهداف محددة.
أما أن تؤثر مثل هذه الجريمة النكراء على مواقف الدولة وسياستها فهذا أمر بعيد المنال، فإن جريمة هنا وجريمة هناك لا يمكن أن يكون لها دور أو مكان في تحديد استراتيجيات الدول أو توجيه سياساتها، وإن الاعتقاد بتأثير هذا النوع من الجرائم على السياسات الثابتة والأولويات المتبعة يعتبر طفولة سياسية وعبث فكري مكانه الطبيعي سلال المهملات.
لذلك فالدعوة موجهة إلى كل عربي ومسلم إلى أن يرفع صوته مستنكراً ومندداً ومتوعداً لهذه الجرائم ومن وراءها، فالمملكة العربية السعودية ليست كياناً عادياً لكي يمر الإنسان على جريمة تنتهك حرمتها وتلامس أمنها واستقرارها مرور الكرام، فبقدر ما تكون المملكة قوية بدينها وعقيدتها وشعبها ومحبة العرب والمسلمين لها، فسيبقى العرب والمسلمون أقوياء بها ما بقيت هذه الدولة قوية منيعة صلبة مصانة بفضل الله وقوته.
إن ما يراد بالمملكة العربية السعودية هو ما يراد بالإسلام والعرب والمسلمين مهما اختلفت أفكارهم وتطلعاتهم ومواقعهم ومواقفهم. فالأمر أصبح واضحاً جلياً لكل ذي عينين ولم يعد يحتمل الاجتهاد والجدل، وأصبح الوقوف إلى جانب المملكة والمحافظة على أمنها واستقرارها ديناً في عنق كل عربي ومسلم مهما اختلفت المواقع والمشارب، والوقوف صفاً واحداً في وجه الخصوم والأعداء مهما كانوا وحيثما كانوا.

(*) مدير تحرير جريدة الحقائق - لندن


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved