أن يتوافق عقد مؤتمر دولي عن موقف الإسلام من الإرهاب الذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مع الأحداث التي شهدتها الرياض وجدة، فذلك من صدف التزامن.. إلا أنه كما يقال (رُبَّ صدفة خير من ميعاد).
ونحن هنا لا نتمنى أن تحصل أحداث كالتي شهدتها الرياض يوم الأربعاء حينما استهدف الإرهابيون مبنى إدارة المرور.. وهو مبنى لإدارة عملها يدخل وفق التصنيف الإداري ضمن الأعمال المدنية، فبالرغم من أن الذين يؤدون الخدمات للمواطنين والمراجعين يرتدون الزي العسكري (زي شرطة المرور) إلا أن عملهم مدني محض فهم مكلفون بتجديد رخص قيادة سيارات ورخص السير، ومراجعة مخالفات المرور من قطع إشارة وسرعة وغيرها مما يتعلق بمخالفات السير، وهم يؤدون عملهم الذي يصنف ضمن الخدمات المقدمة للجمهور ولذلك فإنهم لا يحملون أسلحة حتى الخفيفة منها، ولذا فإن استهدافهم يعد استهدافاً للمدنيين رغم شجبنا ورفضنا استهداف رجال الأمن لأنهم يؤدون واجبهم، وهم وفق ما يؤدون من عمل دفاعاً وحفاظاً عن أمن البلاد والعباد يعدون مرابطين ومجاهدين يستحقون هذه الصفة وليس الذين يطلقونها زوراً على الإرهابيين القتلة.
المهم أن يتزامن عقد مؤتمر (موقف الإسلام من الإرهاب) مع حدث الرياض بالذات يمثل فرصة ذهبية لتأكيد ما تناولته أبحاث المؤتمر التي قدمها علماء وباحثون أفاضل متميزون. والبحث النظري وأوراق العمل مهما حملت من معلومات ونتائج وما تضمنته من دراسات لا ترتقي إلى الفعل مهما كان الباحث متفوقاً ومتميزاً، وقد أكد الإرهابيون القتلة الذين نفذوا جريمة تدمير مقر المرور في الرياض ومن خطَّط لهم وأعطاهم الأوامر لتنفيذ تلك الجريمة..
أقول لقد أكدوا من خلال جريمتهم كل ما ذهبت إليه محاور المؤتمر، فالعمل الإرهابي الأخير - نموذجاً لأفعال الإرهابيين - جسّد أبشع صور الإرهاب والعنف غير المبرر والغُلُوّ الذي يعد أولى الخطوات التي تدفع إلى الإرهاب. يبقى التأكيد الذي تجب الإشارة إليه، وهو السعي الجاد من قبل المشاركين في المؤتمر إلى دراسة جذور الإرهاب ومسبباته ومتطلباته فهذا المحور يعد من أهم المحاور التي يجب أن يتصدى له أكثر من جهة علمية، وإذ يحسب لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المبادرة في هذا المجال، فإن على الجامعات والمؤسسات العلمية والوزارات وطلبة العلم الشرعي والمفكرين والمثقفين كلٍّ ضمن اختصاصه وإمكاناته وقدراته أن يُدلوا بدلائهم لإثراء هذا المحور حتى تتكون حصيلة علمية تسند ما تقوم به الأجهزة الأمنية التي رغم كل الإنجازات إلا أن معالجة المشكلة في جذورها هي الأنجع والأفضل للوطن والمواطنين.
|