* نيقوسيا أنقرة أثينا الوكالات:
ترددت من أقصى العالم إلى أقصى عبارات الحسرة وخيبة الأمل بسبب فشل القبارصة في التصويت بنعم على خطة الأمم المتحدة لإعادة توحيد جزيرتهم المقسمة وأعرب الموفد الخاص للأمم المتحدة في قبرص ألفارو دو سوتو عن خيبة أمله لرفض القبارصة اليونانيين خطة إعادة توحيد الجزيرة. وكانت المنظمة الدولية حذرت القبارصة في شقي جزيرتهم المقسمة من عدم تضييع الفرصة الذهبية لتوحيد بلادهم.
فقد رفض أكثر من 57 في المئة من الناخبين القبارصة اليونانيين الخطة فيما وافق عليها حوالي 56 في المئة من القبارصة الأتراك، ووفقا لذلك فقد ينتاب القبارصة اليونانيين أول شعور بالعزلة اليوم الاثنين عندما يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لكسمبورج لاستعراض نتائج الاستفتاءين المنفصلين في شطري الجزيرة والبحث في الإجراءات الكفيلة بإخراج القبارصة الأتراك من دائرة الحظر الاقتصادي والسياسي.
وقد تلا دو سوتو تصريحا باسم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان أعرب فيه عن عن أسفه (لعدم إدراك الإيجابيات الناجمة عن التسوية). وأضاف التصريح أن عنان (يأسف لعدم تمكن القبارصة الأتراك من الاستفادة بالطريقة نفسها على غرار القبارصة اليونانيين من منافع الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في الأول من أيار - مايو، لكنه يأمل في إيجاد طرق لتسهيل الوضع الحرج الذي يجد الشعب نفسه فيه من دون أن يكون مسؤولاً عنه).
وأعلنت الأمم المتحدة في وقت متأخر من مساء أمس السبت أنه سيتم إغلاق المكتب الذي يتولَّى جهود الوساطة للتوصل إلى تسوية سلمية في قبرص في غضون أسبوع. وأعربت الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية أيضاً عن أسفهما وخيبة أملهما إزاء نتيجة الاستفتاء.
وكان يتعين موافقة الجانبين على الخطة التي صاغها عنان لإنهاء تقسيم الجزيرة بعد فشل القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين في التوصل إلى حل للنزاع بمفردهما.
وقال الممثل الخاص للسكرتير العام كوفي عنان في قبرص إنه سيغادر الجزيرة اليوم الاثنين إلى نيويورك لتقديم تقريره عن الاستفتاء الذي أسفر عن رفض القبارصة اليونانيين لخطة السلام وموافقة القبارصة الأتراك عليها. لكن دي سوتو أكد أنه لا يوجد تفكير في الوقت الراهن في خفض حجم قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الجزيرة والمكلفة بالقيام بدوريات على طول خط التقسيم الذي يبلغ طوله 180 كيلومترا. وأضاف دي سوتو أن عنان سوف (يفكر جيداً) في تداعيات نتائج الاستفتاء، وأثنى على القبارصة الأتراك لموافقتهم على الخطة رغم التضحيات الكبيرة التي كان سيتعين على الكثيرين منهم تقديمها بموجب الخطة. وأوضح أن عنان يأسف لأن القبارصة الأتراك لن يجنوا فوائد الانضمام للاتحاد الأوروبي لكن دي سوتو أشار إلى أن السكرتير العام يأمل في إيجاد وسائل لتخفيف المحنة التي وجد الناس (القبارصة الأتراك) أنفسهم فيها دون ذنب جنوه.
وفي أثينا أعلن المتحدث باسم الحكومة اليونانية ثيودوريس روسوبولوس أن بلاده ستعمل على إبقاء البحث عن تسوية نهائية لمشكلة تقسيم قبرص مفتوحاً على الرغم من رفض القبارصة اليونانيين لخطة إعادة توحيد الجزيرة التي عرضتها الأمم المتحدة. وأضاف (في إطار الاتحاد الأوروبي) الذي سينضم إليه الشطر اليوناني في الأول من أيار - مايو (سيكون من مصلحة الجميع مواصلة الجهود لتقريب القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك).
أما في أنقرة فقد أعرب وزير خارجية تركيا عبد الله غول مساء السبت عن الأسف لفشل الجهود الدولية الآيلة إلى توحيد جزيرة قبرص، وقال في مؤتمر صحافي عقده بعد إعلان نتائج الاستفتاء (لقد صدمنا بهذه النتائج وكنا نريد بالفعل حلاً للنزاع). وطالب غول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص بالعمل على رفع العقوبات الدولية المفروضة على (جمهورية شمال قبرص التركية) (التي لا تعترف بها سوى تركيا)، معتبراً أنها (أثبتت رغبتها في التوصل إلى تسوية) للمسألة القبرصية عندما صوت سكانها لصالح ال(نعم) لخطة عنان.
وأضاف غول (العالم بأكمله شاهد اليوم من هو الطرف الذي لا يريد حلاً) لقبرص، معتبراً أنه لا يمكن أن (يتواصل العزل السياسي والاقتصادي) للقسم الشمالي من قبرص بسبب ال(لا) القوية التي أعلنها القبارصة اليونان.
كما اعتبر غول أنه بعد رفض خطة عنان (لم يعد من الضروري سحب القوات) التركية من القسم الشمالي من الجزيرة والتي يبلغ عددها نحو 30 ألف جندي.
وكانت خطة عنان نصت على سحب تدريجي للجنود الأتراك من الجزيرة ليصبح عددهم رمزيا 650 جندياً مقابل 950 جندياً يونانياً في القسم القبرصي اليوناني. وكان يفترض أن يكون الاستفتاء الذي جرى يوم السبت بشأن إعادة توحيد جزيرة قبرص أن يكون استفتاءً تاريخياً بيد أن القبارصة اليونانيين صوتوا في النهاية بأغلبية كاسحة ضد خطة للأمم المتحدة تقضي بانضمام الجزيرة موحدة للاتحاد الأوروبي. والحقيقة أن أحداً في الاتحاد الأوروبي ما كان ليصدق عندما قدم الاتحاد جزرة العضوية للجزيرة أن يكون القبارصة اليونانيون وليس القبارصة الأتراك هم الذين سيرفضون الخطة التي صاغها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان. وكانت (خطة عنان) ستفضي إلى إقامة قبرص موحَّدة مرة أخرى في ظل حكومة اتحادية فضفاضة تتقلص فيها مساحة الدولة التركية التي هي جزء من الاتحاد من 37 في المائة إلى 29 في المائة من المساحة الإجمالية للجزيرة. كما كانت الخطة ستؤدى إلى خفض عدد القوات التركية على الجزيرة والسماح بعودة عدد محدود من القبارصة اليونانيين الذين تحولوا إلى لاجئين بعد الغزو التركي للجزيرة عام 1974 .
|