في أحد تصريحاته بُعيْدَ اغتيال الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي، رفض مستشار الرئيس عرفات، نبيل أبو ردينة، وبأنفةٍ، أن يقبل فلسطيني واحد بأن يكون (كرزاي)!.. وكان خالد مشعل أحد زعماء حماس قد قال في أحد لقاءاته التلفزيونية: (نحن لا نقبل أن يعيّن علينا الأمريكان كرزاي فلسطينياً، شعبنا هو الذي يختار رئيسه، ويختار زعيمه، ويختار قياداته).. فماذا فعل كرزاي ببلاده حتى يرفض أن يوصفَ به المناضلون؟! ثم ما مدى موضوعية ومقاربة مثل هذا الكلام للحقائق على الأرض؟
دعونا نرى..
بدءاً: الأرقام لا تكذب، وعندما نتحاكم إلى الأرقام، فإننا في الواقع نضعُ أقدامنا على الطريق الصحيح، ونبتعدُ عن الغوغائية، ونَزِنُ استنتاجاتنا بموازين العلم، التي لا يرفضها إلا الجهلة والديماغوجيون.
يقول الدكتور شاكر النابلسي في مقال له عن أفغانستان في عهد كرزاي: (على مستوى إعادة إعمار أفغانستان، تمت عملية إعادة الإعمار وإقامة المشروعات الإنسانية بما فيها تعبيد الطريق بين كابول وقندهار، وتقوم الدول الأوروبية والبنك الدولي بإعادة إنشاء الطريق الدائري بدءاً من النصف الأعلى من البلاد. وعلى مستوى الخدمات الإنسانية والتعليمية، فقد تم منذ سقوط نظام طالبان أن أُعيد بناء 203 مدرسة، وهناك خطط لإعادة بناء أو ترميم 1000 مدرسة أخرى بحلول عام 2006، كذلك تم بناء مائة وإحدى وعشرين عيادة طبية. وهناك خطة لبناء 400 عيادة أخرى، كما تم توطين مليوني شخص ممن كانوا لاجئين أو فقدوا منازلهم، وتمكن عدد كبير من الأفغان من تلقي التعليم والعلاج، وساهمت الجهود الدولية في منع حدوث مجاعة خلال شتاء 2002، كما أن المساعدات الزراعية زادت محصول القمح في أفغانستان بنسبة 82% وهو ما يُعدُّ أفضل موسم حصاد على الإطلاق. وعلى مستوى الأداء الحكومي، فقد أصبحت الوزارات الأفغانية تؤدي مهماتها بموظفين يتمتعون بالتدريب الجيد بشكل متزايد ويشرفون على الميزانية، ويوجهون تبرعات المانحين إلى البرامج التي تحتاجها. وقد أدخلوا الإصلاحات على وزارة الدفاع، وبدؤوا في تشكيل جيش، وعينوا مسؤولين جدداً محل المحافظين والموظفين المحليين المتمردين، وعلى المستوى الاقتصادي، فقد أصبح لدى الأفغانيين قانون مصرفي جديد، وعملة جديدة حافظت على قيمتها، وهم يعكفون حالياً على وضع قانون استثمار جديد. هذا علاوة على كونهم يقومون بإعادة بناء المنازل والمجمعات المحلية، وإرسال أولادهم وبناتهم إلى المدارس، وإعادة تشكيل الاقتصاد الزراعي، وهم يقومون بهذا على الرغم من الهجمات التي تشنها (القاعدة) وأمراء الحرب والمجرمون العاديون الذين يحاولون تقويض حكومة كرزاي وزعزعة استقرار البلد. كذلك فقد تم تدريب مئات الأشخاص في البنك المركزي للمساعدة في وضع نظام لتحويل المال إلى كل محافظة ومقاطعة، وإلى الخارج).
هذا ما أنجزته سلطة كرزاي لأفغانستان، كما تقول الأرقام وليس التخرصات التي تُطلقُ على عواهنها.
وفي المقابل، فإن الإخفاقات التي يتخبط فيها الفلسطينيون منذ أكثر من أربعين عاماً بسبب سياسات (الجعجعة) والعنتريات واللاموضوعية، والبعد عن الواقعية، و(شد لي وأقطع لك)، هي إخفاقات، بل هزائم يندى لها جبين كل فلسطيني عاقل، ويخجل منها كل إنسان رشيد. فهي السياسات التي انتهت بالضفة والقطاع إلى (جهنم) جديدة كما هي عليه الحال الآن، حيث بلغت نسب البطالة حداً لا يُطاق، وتفاقمت نسبة الفقر والعوز حتى وصلت إلى معدلات قياسية، فأكثر من نصف السكان تحت حد الفقر كما تقول الإحصاءات. وهي التي جعلت السلام، أي سلام، حُلماً بعيدَ المنال لكل فلسطيني، ويزداد هذا الحلم ابتعاداً مع شمس كل يوم جديد. وهي التي ساعدت إسرائيل، وبررت بممارساتها ومغامراتها واستفزازاتها، على تحويل البنية الخدماتية للمدن الفلسطينية، رغم تواضعها، إلى ركام من الخراب. وهي التي كانت طوال تاريخها تتحالف مع الخاسرين - صدام والاتحاد السوفييتي البائد مثلاً - وأخيراً هي التي جعلت من (الانتحار)، أو كما يسمونه زوراً وبهتاناً: (الاستشهاد)، مشروعاً لكل شاب فلسطيني، كما هم يُفاخرون عن جهل.
ومع كل تلك الاخفاقات الفلسطينية المخجلة أمام إنجازات كرزاي لشعبه ووطنه المشرفة، لا يستحي أبو ردينة وخالد مشعل من قلب منطق الحقائق، ومغالطة النتائج على الأرض، ليصبحا هما (البطلين)، وهما (المناضلين) بينما ان (كرزاي) الذي حقق لوطنه كل هذه الإنجازات التي تتحدث عنها الأرقام مجرد (خائن) يأبى كل مناضل فلسطيني وطني شريف أن يحذو حذوه!.. فهل يقبل عاقلٌ هذا المنطق؟.
أخوَيَّ الكريمين: حقِّقَا لشعبكما ولو نصف ما حققه (حامد كرزاي) لشعبه ووطنه، وستصبحان بكل تأكيد بطلين حقيقيين بكل المقاييس.
صدقاني إنني لا أقول إلا الحقيقة ولو أنها مُرّة..
|