في مثل هذا اليوم 5 ربيع الأول من عام 182هـ، توفي يعقوب بن ابراهيم بن حبيب المعروف بأبي يوسف، صاحب الامام أبي حنيفة النعمان، وأول من تولى منصب قاضي القضاة.
وكان الإمام أبو يوسف أبرز تلاميذ أبي حنيفة، مؤسس المذهب الحنفي، الذين قاموا بجهد هائل في نشر مذهب الحنفية ووضع أصوله، حيث امتاز العصر العباسي بظهور عدد من الفقهاء النابغين، ذاع صِيتهم وانتشر فقههم.
اشتغل أبو يوسف بالقضاء في سنة 166هـ (782م) في عهد الخليفة العباسي (المهدي)، وبلغ الغاية في عهد الخليفة (هارون الرشيد) حيث تولى منصب قاضي القضاة، وهو منصب استُحدث لأول مرة في تاريخ القضاء، وشاءت الأقدار أن يكون أبو يوسف هو أول من يشغله في التاريخ الإسلامي.
ارتبط أبو يوسف بعلاقة وثيقة مع الخليفة الرشيد، وتبوأ عنده مكانة عالية، فكان يؤاكله ويحج معه ويؤمه ويعلمه.. كتب له في كتاب (الخراج): (وقد كتبت لك ما أمرت وشرحته لك وبينته فتفقهه وتدبره، وردد قراءته حتى تحفظه، فإني قد اجتهدت لك في ذلك ولم آلك والمسلمين نصحا). وهذا الكتاب الذي يعد من أعظم كتب الفقه الإسلامي، كان استجابة لرسالة من الرشيد إلى قاضيه أبي يوسف في أن يضع له كتابا في مالية الدولة وفق أحكام الشرع الحنيف، وقد تضمن الكتاب بيانا بموارد الدولة على اختلافها، حسبما جاءت به الشريعة، ومصارف تلك الأموال، وتطرّق إلى بيان الطريقة المثلى لجمع تلك الأموال، وتعرض لبعض الواجبات التي يلزم بيت المال القيام بها.. وهو ما أغفله بعض الولاة.
ويقترح أبو يوسف في (الخراج) على الخليفة أن يجلس للنظر في مظالم الرعية مجلسا واحدا في الشهر أو الشهرين، يسمع فيه من المظلوم، وينكر على الظالم، حتى ينتهي الولاة عن ظلم رعيتهم، كما حثّه على أن يجيب مطالب المزارعين وأهل الخراج في كل ما فيه مصلحة لهم، كحفر الأنهار، ويلتزم بيت المال بالإنفاق على تلك المشروعات.. وخلاصة القول: إن أبا يوسف وضع نظاما شاملا للخراج يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
ولأبي يوسف كتب كثيرة دوّن فيها آراءه وآراء شيخه، مثل: كتاب الصلاة، كتاب الزكاة ، كتاب الصيام، كتاب الفرائض، كتاب البيوع، كتاب الحدود.. غير أن أشهر كتبه: كتاب الخراج، وقد تحدثنا عنه، وكتاب الآثار، وهو مسند لأبي حنيفة رواه أبو يوسف عنه، وكتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلي، وكتاب الرد على سير الأوزاعي
|