في نسبةٍ كبيرة من المباريات النهائية تتردّى القيم، وتُنْهَكُ الأخلاق، وتتعب المُثل، وتغيبُ الأريحيّة، وتتحول (المقابلة) - كما يعبّر أشقّاؤنا المغاربيُّون - إلى نوع صفيق من (العربجة) التي لا تمت إلى الروح الرياضية، ولا إلى الفنّ الرياضي بصلة!!
في المباريات النهائية لا يحضر الفن والإبداع من ثقافة الأرجل والجسد..
ولكن سوف نصاب بالحزن والاكتئاب إزاء ما يلي:
- تعمدُّ ضرب السُّوق والأعناق..
- حشّ الأوساط وتهشيم الصدور..
- شد القمصان..
- الإمساك غير القانوني باللاعب..
- إضاعة الزمان وتشتيت اللعب..
- إضاعة حدود المكان: (مثل اللعب خارج الخطوط النهائية للملعب).
والنتيجة لكل ذلك ان تنتهي الدقائق التسعون بلا طعم ولا لون ولا رائحة..
وان نخرج بانطباع سيئ عن مجموعة من الحركات يمكن ان تسمى أيَّ شيء
إلا ان تسمَّى (مباراة) أو (مقابلة)!!
في تصوري أن المسألة تتعلق بما يمكن أن نطلق عليه (التربية الرياضية الصحيحة) في النوادي الرياضية ومرجعيّات المنتخبات، بمعنى ان هذه القيمة الإنسانية بين حالتين سلبيتين:
إما انها غير موجودة أصلاً فكّل ما في الأمر لا يتعدّى الحضور والنزول إلى الملعب..، وإما أن (اللاعبين) غير مهيئين للالتزام بمضامينها الحضارية، بسبب يتعلّق بالسيرة الذاتية، أو بسبب انعدام المناخ الصحي لمثل تلك القيم..
وكما نردّد كثيراً إزاء المناشط التي تؤدّي إلى مباهج الإبداع والحياة فنقول:
(الموهبة وحدها لا تكفي) أو نؤكد: (ان المعرفة والثقافة ليست كل شيء) كذلك تنطبق المقولة تماما على (الممارسة الرياضية) داخل الميدان وفي زمن المباريات، وبخاصة المهمة منها..
إذاً.. إذا لم يكن اللاعبون على قدر كبير من الوعي والالتزام والأخلاق واستحضار شيء من الودّ لكل ما يدور، وعدم الابتعاد بالاهتمام عن الكرة، إلى ما حولها فإنَّ (كارثةً) كروية ستقع في الميدان الريّاضي..
ثم ان كارثةً جماهيريةً كذلك ستقع تبعا لذلك سواء في ردهات (الملعب)، أو في البيوت أمام الشاشات الناقلة.
في الميدان سوف تختلط الأوراق، وينكسر النظام، وينشلّ الفكر الرياضي وتسقط العملية برمتها..
وفي أوساط الجماهير تذوبُ عوامل الودّ والانتماء، وينشأ نوع سلبي من عدم الثقة سواء في ذلك ما كان على مستوى النوادي، وما كان على درجة المنتخبات..
صحيح ان (الأهداف) مسألة جوهرية، وان (العبرة بالنتائج) غير أن الشيء الأجمل الذي يجعل للرياضة معنى، ويمنح المباريات شرعيتها ودلالاتها هو ذلك السُّلوك الراقي داخل الملعب ذلك الالتزام بما تقتضيه شروط اللعب النظيف، الأمر الذي يجعلُ (الطربَ) و(النشوةَ) ليستْ خاصةً بتلك اللحظات التي يَشْتعل فيها لحن استثنائي لا حدودَ لجُمَلِهِ وأوتاره).
فاصلة
عزيزي الحبيب: (فواز أبو نيّان):
كلّما أقْفَرَتْ مَنَابِتُ الذكرى..
وأهّْلَتْني مواجعُ النّسيان..
تختالُ حروفُك المُثْلى.. وكلماتُك النبيلة..
فأدركُ بشكلٍ لا مثيلَ له: أن الحياةَ مازالتْ بخير..
لا حَرَمني الله من وجودك يا سيّدي.
|