أنا لا أكتب القصائد ولا أعرف الرثاء..
ولكن يمكنني أن أسجل الذهول وأقرأ الصور..
وهل تملك القصائد أن ترسم لوحة الحداد..؟!
لأجل ألاَّ أحتار كثيراً فضلت ألا انظم حزني وألا أقول عن ذهولي.. إذن هكذا يموت عبدالقادر طاش؟!
وتطالعني صورته التي طالما طالعتني بهدوئها وجلالها.. أقف أمامها في نشوة الحيرة والرهبة..
عبدالقادر طاش كان عالماً, ووجهه المسكون بالأمل كان مدينة، وكوكباً وشيئاً يبعثك على الصعود أكثر..
وعبدالقادر كان يثير تفاؤلي كما يثير دموعي الآن..
عبدالقادر طاش كان يثير تفاؤلي كما يثير دموعي الآن..
عبدالقادر طاش كان كلمة تصيبني وتصيب الكثير بالارتواء والأمان..
ربما تظنوني أبالغ لكنكم لا تعرفون من عبدالقادر طاش..
وبأي شيء كان يرتبط.. ولأي شيء كان اسمه شيئاً يذكرك الخلود والنجاح والعطاء.. طاش لم يكن واعظاً، ولا إمام مسجد، ولا رئيس حزب، ولا قائد مظاهرات، ولم يكن معارضاً..
لم يكن أكثر من صورة تبتسم وتصمت..
لم يكن غير عبدالقادر وحسب..
يموت الآن كما يموت الآلاف كل يوم..؟!
هذا شيء كثير.. كثير جداً..
يا أيها السادة لعلكم لا تعرفون مثلي أن طاش وإن مات، فقد علّمنا كيف سنقرأ الكتب، ونفتح الجرائد..؟! ونعرف التاريخ، ونتحدث عن الإسلام والجاليات والإرهاب والفضاء..؟!
وددت لو مددت هذه الكلمات إليه، بعد فوات الأوان..
استنطق العظمة والجلالة كيف لا يحتويها قبر..
تصيبني بالذهول وتصبب دموعي تلك الهيبة والتفاؤل الذي يسكن الوجه الوديع الذي يثير الأمل بشكل جيد، ويبعث النشوة بالنجاح والعطاء يتدفق منه بلا توقف..
لذلك أخاطبه وأعرف جيداً أنه لن يسمعني:
عش في رقدة الخلود، ربما كان هذا ما أعزي به نفسي الموجوعة الآن.
|