صَبراً فأُفْقُكِ بالمودَّةِ مُفْعَمُ
مهما تطاول بالخيانةِ مُجرمُ
صبراً رياضَ الحُبِّ أنتِ قويّةٌ
باللهِ، يمنحُكِ الأمانَ ويَعصِمُ
ما دام فيكِ مكبِّرٌ، ومهلِّلٌ
للهِ ربِّ العالمينَ يعظِّمُ
اللهُ أكبرُ مِنْ تآمُرِ غادرٍ
وأَجَلُّ ممَّا دبَّروه ونظَّموا
هذي الحوادثُ يا رياضُ، جريمةٌ
بمياسِمِ الشَّبَحِ المُموَّه تُوْسَمُ
شَبَحٌ غريبٌ لا تراه عيونُنا
يمحو ويكتُب في الظَّلامِ ويُبْرِمُ
ما زال يُرسِلُ من رسائل غدره
مالا تغيب رُؤاه عمَّن يفهَمُ
ما زال يرحل في دروبِ خيانةٍ
إحساسُه كاللّيل فيها مُظْلِمُ
تلك الأساطيلُ الكبيرةُ، عندها
خَبَرٌ، ولكنَّ المبلِّغَ أَبكَمُ
يا سُوءَ ما يجني على أوطاننا
بَغْيٌ مُريبٌ غامضٌ متلثِّمُ
متجاوزٌ لحدودِ شرع إِلهنا
متطاولٌ متحاملٌ مُتكتِّمُ
أين التديُّنُ من فريقٍ واهمٍ
بفم التنطُّع والغلوِّ يُهَمْهِمُ؟
من سوء نيَّته تدفَّقَ بَغْيُه
حُمَماً، بها أفكارُه تتفحَّمُ
صنعتْ به الأَيديْ الخفيَّةُ لُعبَةً
دمويَّةً تهذي بما لا تعلمُ
أَسْمَى مقاصدِه الخروجُ بشُبْهةٍ
رَعْنَاءَ في وُجدانه تتحكَّمُ
يمشي، ونارُ الحقد في أَعماقه
تغلي، وفي دمه العِداءُ يُزَمْزِمُ
رَشَّاشُه لغةٌ تُحدِّث كُلَّ مَنْ
يدنو إليه، وعن هواه تُترجمُ
قُطِعَتْ حبالُ الوُدِّ من إِحساسه
والوُدُّ حَبْلٌ بالقطيعةِ يُصْرَمُ
أينَ المحبَّةُ والوئام من امرئٍ
قاسٍ، إذا حيَّيتَه يتجهَّم؟!
أين التحيَّةُ والسلام من الذي
بتحيَّةِ المتفجِّراتِ يُسلِّم
ياليتَه حيَّا بها الأعداءَ في
حَربٍ يَنال بها الشُّموخَ ويَغْنَمُ
ياليته رفع الغِشاوةَ كي يرى
مالا يراه الغافلُ المتوهِّمُ
أَوَما لديهِ من الضَّمير بقيَّةٌ
تَثني هواه المُسْتَبِدَّ وتَخْطِمُ؟
أوليس يفهم سِرَّ قولِ نَبيِّه:
لا يرحم الرحمنُ مَنْ لا يَرْحَمُ؟
أَوَما كفانا غَدْرُ شارونَ الذي
يهتزُّ شوقاً للدِّماءِ ويَبْسِمُ؟!
أوَما كفانا أننا من حقِّنا
في قُدْسنا الغالي علينا نُحْرَمُ؟
أوَما كفانا في العراق جريمةٌ
فيها قوانينُ العَدالةِ تُهْزَمُ؟
أوَما كفانا جُرْحُ أمتنا الذي
أمسى على الجسد الضَّعيف يُقَسَّمُ؟
أوَّاه من نظراتِ طفلٍ خائفٍ
وجدارُ غرفةِ والديه مُحَطَّمُ
في مقلتيه تساؤُلُ الألمِ الذي
جرتْ الدموعُ به إلى مَنْ أجرمواً:
ما ذَنْبُ طفلٍ في حقيبته اِلْتَقَى
قَمَرُ البراءَةٍ صافياً، والأَنْجُمُ
ماتَ الجوابُ على صدى الصوتِ الذي
بِدَوِّيِهِ كُتُبُ الخيانةِ تُخْتَمُ
يا ضيعةَ الإصلاحِ حين يقودُه
قلبٌ بلا حس، وفكرٌ مُعْتِمُ
يا ضيعةَ الإصلاحِ حين تقودُه
كفٌّ تَعوَّذَ من أصابعها الدَّمُ
صَبْراً رياضَ الحبِّ، لّحْنُ قصائدي
يجري إليكِ، وخَيْلُهنَّ تُحَمْحِمُ
صَبْراً، فروضتُكِ الحبيبةُ لم تزلْ
صُوَرُ التلاحُم في ثراها تُرْسَمُ
ما زلتِ للتغريدِ غُصناً يانعاً
مهما بدا فيكِ الغُرابُ الأَسْحَمُ
قولي لمن ركبوا على مَتْن الرَّدَى
هيهاتَ، مَنْ ركبَ الرَّدَى لا يَسْلمُ
توبوا إلى الرحمن تَوْبَةَ صادقٍ
فالله أَرْأَفُ بالعبادِ وأرحَمُ
إنَّ الدَّم المعصومَ يبقى جَذْوَةً
في كلِّ وجهٍ للخيانةِ، تُضْرَم
صَبْراً رياضَ الحُبِّ، إنَّ لُجوءَنا
للهِ سوفَ يَصُدُّ مالا نَعْلَمُ
لا تجزعي ما زال أمنُكِ وارفاً
نحيا به متآلِفيْنَ ونَنْعُمُ