Saturday 24th April,200411531العددالسبت 5 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وصف حادث الرياض بأنه عملٌ جبانٌ وتصرفٌ أرعنٌ.. السديس في خطبة المسجد الحرام: وصف حادث الرياض بأنه عملٌ جبانٌ وتصرفٌ أرعنٌ.. السديس في خطبة المسجد الحرام:
الإجرام وصل ذروته واستهدف عيوننا الساهرة ورجال أمننا الأشاوس
على كل مسلم أن يكون عوناً لرجال الأمن في أداء مهمتهم العظيمة

* مكة المكرمة - عمار الجبيري:
دعا إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس إلى تقوى، لأن تقوى الله أمان من البلايا وحصن من الرزايا، فبالتقوى أمن الديار وحفظ الذمار وهناء العيش والاستقرار وكثرة الخيرات واستجلاب البركات.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام يوم أمس: إن تاج أعالي الرؤوس ومطلب كبار النفوس ليس في ماديات تزول وتنتهي ولا في شكليات تضمحل وتنقضي ولكنه في أمر عظيم يريده الأفراد والمجتمعات وتتطلع إليه الدول والحكومات وتبنى على قواعده الأمجاد، ذلك هو الأمن، مشيراً فضيلته إلى أنه لا يختلف اثنان أن هدف الأمن والأمان والاستقرار والاطمئنان هو المرام النبيل الذي تنشده المجتمعات البشرية وتتسابق إلى تحقيقه السلطات العالمية بكل إمكاناتها المادية والفكرية، إذ هو قوام الحياة الإنسانية وأساس أمجادها المدنية والحضارية.
******
وأضاف يقول: الأمن ضد الخوف وهو يعني الحفاظ على البلاد والعباد في أمور المعاش والمعاد وذلك بحفظ دينهم ونفوسهم وعقولهم وأعراضهم وأموالهم وقد أمتنّ الله بالأمن على عباده وقد قدم الله الأمن على الرزق لأهميته وضرورته وإذا اختل الأمن وزعرعت أركانه واخترق سياجه فلا تسأل عمّا وراء ذلك من الفتن والفساد الكبير.
وأردف يقول: إن الأمن والأمان قرينان متلازمان وأن أي فعل أو دعوة أو تصرف لزعزعة أمن المجتمع تعد جريمة كبرى وجناية عظمى على الأمة وضرباً من ضروب الظلم والبغي والعدوان وصورة من صور الكيد والفساد والطغيان.
وقال الشيخ السديس: لقد فجع كل ذي دين ومروءة، بل كل ذي عقل وإنسانية بالعمل الجبان الإجرامي والفعل التخريبي والتصرف الأرعن الإرهابي الذي حدث مؤخراً في مدينة الرياض عاصمة بلاد الحرمين الشريفين -حرسها الله- مؤكداً أن هذا التصرف يعد جريمة شنعاء وفعلة نكراء لا يقرّها دين ولا عقل ولا منطق ولا إنسانية وهو بكل المقاييس أمر محرّم وفعل مجرم وتصرف مذموم قبيح وعمل إرهابي مفضوح وسابقة خطيرة ونازلة شر مستطيرة، لأن كل عمل تخريبي يستهدف الآمنين ويروع المسلمين الوادعين مخالف لشريعة ربّ العالمي وإذا كان هذا الحكم عاماً في كل زمان ومكان فكيف إذا كان في بلاد الحرمين ومهبط الوحي ومنبع الرسالة ومهد الإسلام وموئل العقيدة وقبلة المسلمين ومحط أنظارهم ومهوى أفئدتهم.
وتساءل إمام وخطيب المسجد الحرام كيف إذا كان المستهدفون مسلمين معصومين وأبرياء مواطنين ومقيمين، إنه لأمر مؤلم حقاً ومؤسف صدقاً، فكم من نفوس بريئة أزهقت وكم من نفوس مؤمنة روّعت وكم من أموال وممتلكات اتلفت لم يرحمها هؤلاء المجرمون المخربون طفلاً ولا شيخاً ولا امرأة لم يراعوا أي قيم دينية وأخلاقية ولم يبالوا بشرع ولا عقل ولا إنسانية، أين يذهب هؤلاء من قول الله {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} سورة النساء (93)، وأين هم من قوله صلى الله عليه وسلم: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) وأين يذهب هؤلاء من شهادة لا إله إلا الله إذا جاءت تحاجهم يوم القيامة؟
وقال فضيلته: إنه بكل مرارة وأسى أنهم أبناؤنا بغوا علينا وشبابنا خرجوا علينا وخرقوا سياج أمننا ووحدة بلادنا، سيارات مفخخة وشاحنات مشركة كفى بهم لؤماً ودناءة أن ينشئوا على ترابها ويأكلوا من خيراتها، ثم يقبلوا لها ظهر المجن نسفاً وتدميراً وتخريباً وتفجيراً، لقد أوسعونا من الفوضى والتخريب والبعث فجزاؤهم أن ينفوا كما ينفى الخبث.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: ويح لهؤلاء ألا يفيقوا ألا يرجعوا أبعد كل هذا يبقى مجال للتبريرات وتلمس التاويلات كلا وألف كلا، لقد بدأت ضلالة القوم بدعاوى تلتمس على الدهماء من قتال غير المسلمين ومع أن هذا لا يجوز في بلاد المسلمين لأنهم من المعاهدين والمستأمنين فكيف يقال اليوم والمستهدفون أبرياء مسلمون مواطنون ومقيمون.
وأضاف يقول: إن الإجرام وصل ذروته باستهداف فئة عزيزة علينا وهم عيوننا الساهرة فئة تسهر لينام الناس وتتعب ليستريح سائر الأجناس، إنهم رجال أمننا البواسل وجنود بلادنا الأشاوس. فيا رجال أمننا هنيئاً لكم شرف خدمة دينكم وعقيدتكم وبلادكم ومقدساتكم والذود عن بلادكم ومقدراتكم.
وطالب فضيلته رجال الأمن بالإخلاص والتضحية واليقظة والاهتمام ولا يفتن في عضدكم تلك التصرفات الرعناء والأفعال الحمقاء، فليس لها بعد الله إلا أنتم قلوبنا معكم والدعاء مبذول لكم والمجتمع بأسره مدين لكم بالتقدير والعرفان والشكر والامتنان على جهودكم المتميزة في حفظ الأمن والأمان والسهر على خدمة الآمنين.
كما دعا فضيلته كل مسلم أن يكون عوناً لرجال الأمن في أداء مهمتهم العظيمة، فكل على ثغر من ثغور الإسلام، كما يجب على أفراد المجتمع أن يكونوا عيوناً ساهرة في الحفاظ على أمن هذه البلاد عن كل متورط أو داعم لهذه الأعمال الإجرامية والأفعال التخريبية حفاظاً على سفينة المجتمع من قراصنة العنف والإرهاب وسماسرة التخريب والإرعاب.وأعرب فضيلته عن تعازيه ومواساته ودعواته الصادقة لولاة الأمر وفقهم الله ولذوي المتوفين من رجال الأمن والمواطنين والمقيمين. رحم الله أمواتهم وكتبهم في عداد الشهداء الأبرار وبواؤهم منازل الصديقين والأخيار وعجل بشفاء مرضاهم وجرحاهم ومصابيهم ولا أرى البلاد والعباد أي سوء ومكروه وحفظ الله لبلادنا المباركة أمنها وأمانها.
وأكد الشيخ السديس أن هذه الأعمال الإجرامية لن تزيد هذه البلاد المباركة بحول الله إلا تماسكا وثباتا والتفافا حول قيادتها وعلمائها، قائلا: كفى تشويها للإسلام، دين الرفق والسماحة والإصلاح والتعميرلا العنف والتدمير والتفجير كفى تشويها لصورة الجهاد الشرعي ذورة سنام الإسلام بمثل هذا التخريب والإفساد والاجرام، كم من مصالح للأمة قدمها هؤلاء، وكم من مكاسب للأعداء حققها هؤلاء، وكم تضرر الدين والمتدينون والدعوة والدعاء والحسبة والأعمال الخيرية بسبب هذه التصرفات الرعناء.
ودعا جميع أبناء الأمة، والأمة تمر بمنعطف خطير إلى الالتفاف حول الولاية الشرعية وتضييع الفرص أمام كل مفسد، والعمل على إعزاز جانب الدين وأهله والدعوة والحسبة ورجالاتها، والإصلاح الشامل في كل مرافق الحياة وعدم الاغترار بهذه المسالك والأخذ من العلماء الربانيين في هذه الظروف وسلك مسلك الوسطية والاعتدال والحذر كل الحذر من فتاوى أهل المجاهيل والانجراف خلف دعايات المهازيل لابد من حراسة الأمن بكل صوره، ولاسيما الأمن الفكري أمام الأفكار المنحرفة والتيارات الضالة سواء في جانب الغلو والعنف والفكر التكفيري أو التغريبي والعولمي، وهنا يأتي دور البيت والأسرة والمسجد والمدرسة ووسائل الإعلام حتى يسلم العباد وتأمن البلاد مطالبا فضيلته من المغترين بأهوائهم المصرين على أفعالهم أن يفيقوا قبل فوات الأوان.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام أن مما يبعث على الآمال في خضم هذه التداعيات والآلام ان الله سبحانه تعالى كتب الأمن والأمان لهذه البلاد المقدسة إلى قيام الساعة، فالأمن فيها منة رب العالمين ودعوة أبينا إبراهيم، ثم هو بعد ذلك دأب هذه الولاية المسلمة، وهم الجندية المؤمنة المخلصة بل كل غيور على دينه وبلاده.
وأضاف يقول لم تكن بلاد الحرمين المحروسة بدعا في التعرض للإرهاب والإرهابيين، ولشمولية الشعور والإحساس بآلام الأمة في هذا المجال لابد من التذكير بمواساة إخواننا المسلمين في فلسطين الذين يعانون من إرهاب الدولة الذي يمارسه الكيان الصهيوني تحت نير الاغتيالات والأوضاع الدموية والتصفيات الجسدية للقيادات الفلسطينية، مما يتطلب من الأمة بل العالم أجمع توفير الحماية لإخواننا ومقدساتنا، هناك في ظل السلبية والتخاذل الدولي أمام غطرسة هذا العدو الصهيوني الغاشم وتحديه السافر لكل المواثيق والأعراف الدولية متسائلا لا يسمع الغيور إلا أصواتا خافتة تهمز بالشجب والادانة والمناشدة والاستنكار وضبط النفس.
وأردف يقول وصفحة دموية اأخرى يعيشها إخواننا المسلمون في عراق التاريخ والعراقة، ولاسيما إخواننا في فلوجة الصمود والبسالة التي تعاني من ظلم وحصار وقتل ودمار تجاوز كل الحدود الإنسانية مما يدعو المنصفين في العالم إلى استنكار هذا العدوان الغاشم والاحتلال الجاثم والعمل بشتى الوسائل على إيقافه ومنعه.
وقال فضيلته نحن اليوم ومع شدة الكرب وعظم الخطب أحوج ما نكون إلى بث روح التفاؤل والاستبشار والإيجابية حيث تتابعت صنوف الإحباطات واليأس عند كثير من الناس، حتى نسوا أو تناسوا في خضم الآلام فلول البشائر والآمال، وأن الأمة مطالبة للخروج من أزماتها الخانقة إلى توبة عامة ووقفة صادقة ورجوع إلى الله وتضرع ودعاء وتجديد الثقة بالله وحسن الظن به سبحانه، وطلب نصره بطاعته والتقرب إليه، وإعادة الثقة بالنفس والعمل الجاد الدؤوب في سبيل الصلاح والإصلاح.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved