هكذا تحسم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأمر بإقامة هذا المؤتمر المهم الذي يُلقم كلَّ من حاول أن يتهم الدين الإسلامي الحنيف والمؤسسات العلمية الكبرى التي تمنح شهادات التخصّص العليا في علومه بأنها تفرخ الإرهاب، وتخرِّج للأمة الإرهابيين الذين لا يجدون غضاضة في إثارة الفتنة، وزعزعة الأمن وإراقة الدماء، ولم تكن جامعة الإمام نفسها بعيدة عن أصابع اتهام أولئك المصطادين في الماء العكر، وغمز ولمز أولئك الذين يساهمون في إثارة الفتنة بأقوالهم وأقلامهم، ويحاولون بمناسبة وغير مناسبة إلصاق تهمة الإرجاف والإرهاب بمعناه المعاصر، بكلِّ ما له علاقة بالدين من دول - كالمملكة العربية السعودية -، ومن ثم مؤسسات علمية ضخمة - كجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - ومن جهات دعوية خيرية ترعى المساكين وتدعم المحتاجين - كتلك الجمعيات الخيرية العاملة داخل المملكة وخارجها -، ومن مناهج دراسية مستقيمة- كالمناهج الدراسية في المملكة وبعض البلاد الإسلامية-.
إن مؤتمر(موقف الإسلام من الإرهاب) رسالة مهمة إلى العالم كلِّه تؤكد بعد الدين الصحيح الشامل الكامل عن معاني الإرهاب المعاصرة بما فيها من إثارة الفتن وإراقة الدماء المعصومة، فليس في الإسلام مكان للغدر ولا للمخاتلة، وليس فيه موقع للظنون السيئة، والأحكام المتعجلة الجائرة لأنه الدين الذي ختم الله به الأديان ليكون مصدر صلاح البشرية وسعادتها وأمنها ورخائها، وميدان صلتها بربِّها صلةً قويةً ثابتة الأركان بعيدةً عن البدع والخرافات والأوهام.
إن استعداد الأمة لمواجهة الظالمين المعتدين من أعداء دينها يتم بإعداد القوة المناسبة - حسب الاستطاعة - وبإذكاء روح الحماسة، وإحياء سنة الجهاد في سبيل الله عزَّ وجلَّ لمواجهة كلِّ مَن يريد أن يحول بين دين الله وبين الوصول إلى قلوب النَّاس وعقولهم، وهذا الاستعداد الواضح المشروع هو الذي يرهب الأعداء ويملأ قلوبهم بالخوف فيرتدعون عن تنفيذ خططهم ومؤامراتهم، وشتان بين الإعداد المشروع لإخافة الأعداء، والجهاد المشروع لرفع راية الحقِّ وصدِّ جحافل الباطل وبين الإرهاب والإرجاف وإثارة الفتن بمعانيها المعاصرة، وممارساتها الخطيرة التي تقتل الأبرياء، وتهدم البيوت، وتهدر الحقوق المادية والمعنوية.. نعم شتان بين مشرِّقٍ ومغرِّبٍ.
إن رسالة مؤتمر(موقف الإسلام من الإرهاب) مهمة في هذه المرحلة، وإني لأرجو أن تكون رسالة واضحة جديرة بمخاطبة العالم كلِّه، وأن تكون المواكبة الإعلامية لها مناسبة لأهميتها وقيمتها.
ولقد سرني ما صرح به رئيس اللجنة الإعلامية د. عبدالله الحمود من التوظيف المكثف الذي يتم الآن لشبكة(الإنترنت) لنشر رسالة المؤتمر والتعريف به في كل دول العالم من خلال المواقع المتاحة على الشبكة بخمس لغات: الإنجليزية، والفرنسية، والأسبانية، والفارسية، بالإضافة إلى اللغة العربية، وإن الدور المنتظر من إعلام المملكة - خاصةً - صحافةً وإذاعةً وتلفازاً لدورٌ مهمٌّ، نرجو أن يتم أداؤه بأفضل الطرق وأقواها.
ولي أمل كبير أن تكون رسالة المؤتمر المتمثلة في مائة وعشرين شخصية مشاركة من أنحاء العالم، وثمانين بحثاً كتبت في موضوع المؤتمر، رسالةً واضحةً قويةً، مؤهَّلةً لبيان الحقِّ في هذه القضيَّة، وإزالة الغَبَش بل الغبار الكثيف الذي أثاره المرجفون المتحاملون على الدين ومؤسساته وعلمائه ودعاته داخل عالمنا الإسلامي وخارجه.
إنَّ نقل صورة وحقيقة موقف الإسلام من الإرهاب المعاصر نقلاً دقيقاً واضحاً من أهم الواجبات الملقاة على عواتقنا جميعاً ليكون النَّاس على بيِّنةٍ من الأمر.
وقد يقول قائل: إنَّ الأنظمة العالمية المعادية للإسلام، المتعصِّبة ضدَّه لا تجهل موقف الإسلام الحقيقي من الإرهاب، ولكنها تغالط، وتغطِّي الحقائق للوصول إلى أهدافها المرسومة، فما فائدة حطاب هذا المؤتمر ورسالته؟.
ونقول: إنَّ فائدة المؤتمر كبيرة حتى مع هذا التجاهل للإسلام من الأنظمة المعادية له، فهناك مخدوعون بما يشاع من الباطل، وهناك من لا يعرفون حقيقة الإسلام، وهناك من يعتمدون في معلوماتهم عن الإسلام على ما تقدِّمه مراكز البحوث والمعلومات الضخمة في أمريكا وأوروبا، ومعظمها مراكز صهيونية أو خاضعة للصهيونية تمويلاً ودعماً، وفي رسالة المؤتمر ما يمكن أن يعيد المعلومة الصحيحة عن ديننا وأمتنا وبلادنا إلى موقعها الصحيح من العقول.
وإنّي لآمل أن تعتمد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية استمرار رسالتها الإعلامية من خلال التوظيف المستمر لمواقع شبكة الإنترنت حتى تكون مركز معلومات لمن يريد أن يعرف رأي الإسلام الصحيح في كثير من القضايا، مضافاً إلى مواقع إسلامية كثيرة - ولله الحمد - تقوم بجزءٍ من هذه المسؤولية كموقع الإسلام اليوم الذي يشرف عليه الشيخ د. سليمان العودة، وغيره من المواقع.
مؤتمرٌ موفَّقٌ - إن شاء الله - ورسالةٌ واضحةٌ جديرةٌ بالوصول إلى الآخرين.
إشارة:
يَدٌ تحمل القرآن أرفعُ من يدٍ
عليها خضابٌ من دمٍ، وهوانُ |
|