Saturday 24th April,200411531العددالسبت 5 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
لماذا يهربون؟ 2-2
رقية الهويريني

استكمالاً لمقال الأسبوع الماضي حول هروب الخادمات من المنازل وعدم الالتزام بالمسؤولية المناطة بهن وخطورة هذا التصرف على الأطفال وعلى الخادمة نفسها وتعرضها للخطر، مما يقود إلى التساؤل عن مبررات هروب العمال والعاملات من الكفلاء.هل بسبب سوء المعاملة نظراً لأسلوب بعض الأسر غير اللائق إنسانياً وحضارياً مع العمالة المتواجدة في البلد؟ أم هو بسبب الفوضى والثقة العمياء والإهمال الذي يمارسه البعض ويستغله هؤلاء العاملون والعاملات؟ أم أنه يعود للتأخر في صرف المرتبات وعدم انتظامها؟ أم أن هناك (مافيا) يشترك في تنظيمها بعض مكاتب الاستقدام الداخلية والخارجية؟!
ولأن مكاتب الاستقدام تمثل جزءاً من المشكلة، فالواقع يحتاج إلى تصحيح أوضاع تلك المكاتب التي تدر على أصحابها مبالغ خيالية، غير نظامية، وإلى السعي لإيقاف أساليب التحايل على القانون والمبالغة بالأسعار، وتجاهل التقيد بأوقات الاستقدام والتهرب من نصوص مفردات العقد!!
إن عدم وجود محاسبة قانونية من الجهات الرسمية التي يفترض أن تحاسب هذه المكاتب، هو ما أدى إلى مخالفاتها وتجاوزاتها واستمرار وقوع أضرارها على شريحة كبيرة من المجتمع.
وعليه لابد من تحديد وتوضيح دورها بحيث يكون أكثر عدلاً بينها وبين المستفيدين من خدماتها، ويحسن بمكاتب الاستقدام أن تكون غايتها خدمة المجتمع وتقديم خدمات عامة رفيعة المستوى، حتى وإن سعت إلى تحقيق الأرباح لأصحابها، فإنه يجب عليها أن تضع في حسبانها مخافة الله تعالى والسعي إلى مرضاته. ولا يكون من أنظمتها وسياساتها وإجراءاتها ما يسيء للمتعاملين معها، ولا تسعى إلى تحقيق الربح على حساب الإضرار بالمصالح العامة ومصالح المواطنين بشكل خاص ودخول بعضها في التأجير الشهري (غير النظامي) للعمالة المنزلية دون عقود يضع علامات استفهام كبيرة حول هذه العمالة بأعدادها الهائلة وأجورها الفلكية، ناهيك عن مخالفتهم الشرعية والوطنية في ذلك.إن حل هذه الظاهرة يتوقف في المقام الأول على وعي الأسر ومسؤوليتهم الكبيرة تجاه العمالة، بأن يضعوا حدوداً للاحترام ومقداراً للثقة في الكثير من العاملين لديهم! حيث تعمد بعض الأسر إلى تسليم العمالة مرتباتهم بأثر رجعي تصل إلى عدة شهور نتيجة للثقة أو كسباً لودهم، أو إشفاقاً عليهم حين تنساب الدموع ويتم خلالها شرح الأوضاع الاقتصادية في بلادهم، فجل العمالة شكواهم موحدة: (بابا فيه موت، وماما مسكين، وسعودي طيب، وفيه فلوس كتير) والدفع مقدماً هو ما يغري العمالة بالهرب!! كما أن على الكفلاء واجب الالتزام بمفردات العقد لأن عدم الوفاء به، يدفع بهم إلى هذا السلوك رغماً من خطورته، والله تعالى يقول: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}
وعدم إعطاء الأجير أجره، يحدث مشاكل عديدة أشدها: إيذاء الأطفال، وتلك هي الكارثة، ويليها: الهروب للبحث عن مصدر رزق آخر مهما كانت خطورة المجازفة. ولعلنا نتفق أن العمالة لم تحضر وتتكبد الغربة إلا لأجل المال، والمال وحده! ومن يعتقد أن المعاملة الحسنة وحدها دون تسليم الراتب في حينه يجعل العامل يتحمل ويقدر أوضاع الأسرة الاقتصادية فهو واهم مهما كانت تلك الظروف! ومن لا يستطيع دفع رواتبهم بانتظام فلا يتجرأ على استقدامهم، ومعظم العمالة الوافدة إلى بلادنا على وعي تام بحقوقها أياً كان مستوى تعليمها أو مستوى بلادها الاقتصادي أو الاجتماعي سواء أدغال إفريقيا أو أرياف آسيا!!
ومما يحز في نفوس العمالة الوافدة وبالذات (الخادمات) إغفال حاجاتهن للتقدير والتعامل الإنساني وازدواجية الأوامر وكثرتها من جميع أفراد الأسرة، وخاصة الأوامر الصادرة من الأطفال بحدة وصلف، وما يصاحبها من هدر لكرامتهن وعدم احترام سنهن، كذلك العمل لساعات متواصلة دون تقدير لاوقات الراحة التي يجب أن تتخلل ساعات العمل، والتقصير في حاجتهن للترفيه، فهن غالباً ما يرافقن الأسرة لرعاية الأطفال أو قضاء متطلبات بقية الأفراد! فهل سبق لأسرة أن قامت باصطحاب خادمة لمكان ترفيهي لأجلها هي بالذات لكي تروح عن نفسها؟! وهل تم وضع جهاز تلفزيون ولو بقناة واحدة في غرفتها؟ وهل توقف أحدنا في إحدى البقالات ليشتري للخادمة صحيفة بلغتها؟! بل.. هل تنام لوحدها أم تسهر حتى ينام أحد الأطفال بجانبها والذي نسيت والدته أنه ابنها ومسؤوليتها، وتجاهل والده تذكيرها بذلك؟! وبعد.. هل نجيد- حقاً- الأسلوب المثالي في التعامل مع الخدم أو العمالة المنزلية بشكلها المتعارف عليه دولياً وحضارياً.. وقبل ذلك إسلامياً؟!! هل عرفنا-الآن- لماذا يهربون؟!

ص.ب 260564 الرياض 11342


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved