كيف هو موقف أمّ هذا المتَفجِّر المُفجِّر ؟
وكيف هو موقف أبيه، وأهله، وأخيه؟
ومتى كان البناءُ فَنَاءً، ومتى كانت الشَّهادة حِرابة؟!
ما حدث يوم الأربعاء في العاصمة.. شيءٌ يفوق حدَّ التوقُّع، ويدعو للتَّضافر والتَّفكُّر..، فثمَّة أيدٍ خفيَّةٍ وراء الذي يحدث، وثمَّة أفكارٍ معبَّأة ترسم خطط النَّار، والتَّدمير، والاعتداء...
ما الذّي وراء استهداف مواقع المجاهدين في أعمالهم، السَّاهرين لأمن أوطانهم؟!، وما وراء هذه الرِّسالة المقصودة، والتَّحدّي السَّافر؟!
ولئن كان اللَّهيب والأتون في العراق وفلسطين، فإنَّ الدفاع فيهما عن حق الأرض، ورفض الاحتلال فيهما يبرِّران ما يحدث هناك، لكن ما الذي يحدث هنا في بلاد الأمن، والرَّخاء، والسّلم والسّلام؟
بلادٌ، إن تفاوت فيها الناس في معاشهم فتلك سنَّة الله تعالى في خَلقه وفي كونه..
بلادٌ، إن حُفظت فيها المرأة في خبائها، فتلك سنّة الله تعالى في شريعته..
بلادٌ، إن تفاوت النّاس فيها في فهمهم أو علمهم أو عملهم، أو في تعاملهم، فأخطأ من أخطأ، أو أصاب من أصاب، فتلك سنّة الله في تركيبهم، وفي فروقهم...
بلادٌ، لا يزال الخير في قلوب أناسها، ولا تزال وستبقى شعائر الله تعالى تُقام فيها، فلا غناء ينابز الأذان في وقته، ولا فسوق يجاور المواقع في الشارع أو الدار...
كلُّ خطأ يُعَيّن له صاحبُه، فالأخطاء فرديّة، والزَّلل من طبائع البشر، وإلاّ ما كان الخير والشر، ولا وضع للمرء ملكٌ عن يمينه لخيره يحصد، وملكٌ عن شماله لشرِّه يرصد.
فما الذي يملأ نفوس هذه الفئة من الحقد والشرّ، ثمَّ متى تهيَّأت لكلِّ هذا الشّر، وكيف تمكّن ذلك من قلوب أفرادها؟ والسُّؤال الأبعد مساساً هو: مَن وراء هذا كلّه؟!...
أيُعقل أن نصدّق أنَّ هؤلاء الشّباب، في زمن طال أو قصر، وبكلّ هذه الذّخيرة هم وحدهم يقفون في الظلام؟!... من يقف معهم في الظلام؟
إنَّ ما حدث يوم الأربعاء يتطلَّب وعي الأمّة صغارها وكبارها، نسائها مع رجالها، غنيّها مع فقيرها، عليلها مع سليمها، عاقلها مع مجنونها، أن يقف الجميع وقفة حزم وعزم، وعلينا جميعاً تغليف النّوايا الحسنة وإرجاء عملها، بأن نعطّلها حتى يراقب كلُّ فرد ليس مَن معه فحسب، ومن حوله فقط بل يراقب نفسه، ويتّقي ربَّه...
إنَّ ما حدث يوم الأربعاء قدَّم ضحاياه، مسؤولين على درجة من الأمانة في أعمالهم، والصدق في أخلاقهم، والسَّهر على أمن الواحد والأكثر، وهم إن كانوا يكافحون علناً أو بصمت، ويؤدّون واجبهم، فإنّ شكرهم ليس بقتلهم، والتصدّي لصمودهم ليس بتفتيت عزائمهم...، إنَّهم أكبر وأقوى ممّا يراد لهم من الوهن والخوف... إنّهم سيمتدّ إليهم العزم الأكبر وسوف يناضلون أكثر، وسوف يكونون أقوى في مواجهة هذا العنف السَّافر والاعتداء الغادر...، لأنّه ليس له من مبرِّر مهما كانت خلفه من أفكار ضالة أو تحريض ماكر، أو رؤية مريضة.
إنّنا جميعا نحيّي رجال الأمن كبيرَهم وصغيرَهم، وندعو لهم بالثّبات والتوفيق وأن يمكِّنهم الله تعالى من كلِّ فساد ويُعينهم على أيِّ موقفٍ، ويُعيد الأمن التَّام لنفوس النّاس، ويبقي هذا الوطن سليماً معافى من أحقاد الحاقدين، ويطهِّره من فساد النَّوايا وعناصر الشرّ. اللّهم آمين.
|