* الجزيرة - خاص:
قامت الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بدور عظيم في إشاعة حفظ كتاب الله، وتخرج فيها الآلاف من الحفظة طوال السنوات الماضية، وأصبح ضرورياً أن تتطور آليات العمل بهذه الجمعيات بما يوافق متغيرات العصر، ويضاعف قدرتها على استقطاب أعداد كبيرة من الدارسين والحفظة، في هذا التحقيق، نحاول التعرف على واقع جمعيات التحفيظ والرؤى المقترح لتطويرها وتفعيل دورها الاجتماعي والتوعوي، والفوائد التي يمكن أن تحققها مستقبلاً في خدمة القرآن الكريم..
يستهل الحديث الأستاذ الدكتور سليمان بن صالح القرعاوي أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة الملك فيصل بالأحساء فيقول: في بلادنا المباركة نال القرآن الكريم العناية الكبرى في السياسة التعليمية للمملكة، وذلك أن أساس الحكم في المملكة هو القرآن الكريم وسنة الرسول الأمين- صلى الله عليه وسلم-، وقد اتخذت هذه العناية أشكالاً مختلفة، أبرزها إنشاء مدارس تحفيظ القرآن الكريم للناشئة من الذكور والإناث على حد سواء. كذلك إنشاء جمعيات خيرية لتحفيظ القرآن الكريم، وقد بلغت أكثر من ست عشرة جمعية، منتشرة في أنحاء المملكة، تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وتتلقى دعمها من قبل هذه الوزارة ومن قبل المحسنين من أهل الخير والإنفاق داخل هذه البلاد.
الثمار الطيبة
ويضيف د. القرعاوي: ولاشك أن العمل الخيري التطوعي (غير الربحي) يعد من أهم الفعاليات على مستوى العالم المتقدم -كما هو الحال في أمريكا، التي يوجد لديها عشرات الآلاف من المؤسسات والجمعيات الخيرية في شتى مناحي الحياة.
وفيما يخص الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في المملكة فما أجل ما أثمرته من ثمار طيبة من حفظة كتاب الله، وهو ما يستوجب المزيد من العناية بها، ودعمها الدعم الكامل وتقديم المعونات المباشرة وغير المباشرة لها، حتى تتمكن من القيام بعملها في تعليم وتحفيظ القرآن الكريم لأبناء المسلمين تلاوة وتجويداً وتفسيراً، وإعداد المدرسين الأكفاء لتعليم القرآن الكريم وتحفيظه، وتهيئة قراء وحفظة لإمامة المصلين في الصلاة، وما يترتب على ذلك من تهذيب أخلاق الناشئة بما يتعلمونه من كتاب ربهم، كذلك إحياء جانب مهم من جوانب رسالة المسجد.
ولاشك أن وجود مثل هذه الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم له أهميته وذلك لأسباب عدة منها:
- إن وجود مثل هذا العمل الخيري يفتح الباب على مصراعيه للراغبين في الخير والعطاء والبذل من خلال ما يقدمونه من أموال وزكوات لهذه الجمعيات.
- إن الدارسين في هذه الجمعيات (من خلال الوقت المتاح خارج وقت الدراسة) يمكن تهيئتهم وتوجيههم التوجيه الصالح والصحيح وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وما تمليه الظروف الراهنة.
- إن عمل هذه الجمعيات وغيرها من الجمعيات الخيرية هو عمل في النور وتحت الشمس، مما يتيح للغير مراقبتها ومتابعتها عن قرب، والعمل على توجيهها التوجيه الصحيح بخلاف لو حجمت أو ألغيت فسيكون عملها بعيداً عن الإشراف والمتابعة، ومن ثم تعمل الاجتهادات الشخصية عملها، مما قد يؤدي إلى ظهور العديد من المشاكل والتبعات منها - لا قدر الله- الفكر السيئ المناهض للاعتدال.
- إن وجود مثل هذه الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم وغيرها يؤكد للعالم (شأن الدول المتقدمة) أن هناك جمعيات مدنية تقوم بخدمة المجتمع، كذلك فإن هذه الجمعيات الخيرية تتفق مع كون المملكة دولة دعوية، وهي دولة الإسلام ومهبط الوحي، وحاضنة الحرمين الشريفين.
وبالنظر في هذه الدواعي، فإن الأمر يتطلب بالضرورة دعم مثل هذه الجمعيات، والعمل على انتشارها لتحقيق الخير والسعي نحو القضاء على الفكر السلبي، وما له من تبعات غير مرغوب فيها.
ويؤكد د. القرعاوي على أهمية أن تخضع أي من إجراءات تطوير هذه الجمعيات لدراسة محكمة تأخذ بعين الاعتبار الدواعي سالفة الذكر، وألا تكون هذه الإجراءات انفعالية أو حماسية غير منضبطة، ولا شك أنه يمكن إيجاد مصادر تمويل جديدة لهذه الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم عن طريق الأوقاف التي تشرف عليها الوزارة، كما يمكن ذلك عن طريق الاستثمار، والمشروع الخيري الأول لحافظ القرآن الكريم، أو عن طريق الاستقطاع الشهري للموظف في الدوائر الحكومية، أو القطاع الخاص، مما يدر دخلاً جيداً لإيرادات هذه الجمعيات، فالفوائد المتوخاة من هذه الجمعيات أكبر مما يتصوره البعض من اقتصار الأمر على تحفيظ القرآن الكريم فحسب، بل لها أهداف سلوكية وتربوية في تنشئة الطالب منذ صغره حتى يصبح يافعاً، فضلاً عن قضاء وقت فراغه بما ينفعه، وهذا يستلزم توفير الدعم المادي لهذه الجمعيات، بما يحقق خدمة مباركة لكتاب الله العزيز.
تطوير الحلق
من جانبه يقول الدكتور عمر بن صالح العمري الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: إن المتتبع لنشاط جمعيات تحفيظ القرآن الكريم على مستوى المملكة يلحظ أن لها دوراً فاعلاً في تنشيط حركة متابعة تحفيظ القرآن الكريم وتلاوته حتى أصبحنا نرى العديد من الحفاظ والقراء المميزين في جميع أنحاء المملكة.
ومن المعلوم أن كل عمل يحتاج إلى تقييم وتقويم من آن لآخر بهدف الوصول إلى الأفضل، وفي رأيي أن من أفضل السبل لتطوير جمعيات التحفيظ دعمها مادياً ومعنوياً من الدولة، ومن المحسنين وتخصيص وظائف رسمية أو شبه رسمية للقائمين على أنشطتها في المساجد، وتعميم الحلق في المدارس وتخصيص وقت كافٍ لها ضمن الجدول الدراسي خاصة إذا ما علمنا أن الحافظ أو القارئ المجود لكتاب الله يستطيع أن يجيد في المواد الدراسية الأخرى ويتميز فيها.
ويضيف د. العمري: ومن السبل الجيدة في تطوير الحلق عدم الاكتفاء بالنشاطات القائمة مثل المسابقات الرسمية بل ينبغي تعميمها على مستوى الأحياء لتشجيع الطلاب وحثهم على الانخراط بالحلق.
ولعل من المفيد التفكير في منح ميزات إضافية لحفاظ كتاب الله على مستوى المدرسة أو العمل أو القبول في الجامعات.
ولاشك أن جمعيات التحفيظ بحاجة اليوم إلى دعم يتلاءم مع التغيرات الجارية في وسائل الإعلام، فهل يمكن التفكير في تعميم البرامج الإعلامية الداعمة لها؟ بل وأبعد من ذلك تخصيص قناة تلفزيونية مشابهة لإذاعة القرآن الكريم، كذلك عدم قصر نشاط المسابقات القرآنية الإذاعية أو التليفزيونية على شهر رمضان المبارك، وخلاصة القول: إن جمعيات تحفيظ القرآن الكريم تحتاج إلى هيئة خاصة تستظل تحتها ليعطيها ذلك شخصية اعتبارية على المستوى الرسمي والمستوى الشعبي وتوفر لها مزيداً من الدعم المعنوي والمادي.
الدولة وخدمات القرآن
ويرى د. إبراهيم بن ناصر الحمود الأستاذ المشارك بالمعهد العالي للقضاء بالرياض أن الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في مختلف مناطق المملكة أثبتت -ولله الحمد- دورها في خدمة كتاب الله منذ إنشائها إلى يومنا هذا..
والدور الاجتماعي والتوعوي لهذه الجمعيات واضح للعيان، فإن من يتخرج من هذه الجمعيات وهو يحمل كلام الله بين جنبيه، وقد عمر به قلبه فإنه يعد بذرة صالحة في المجتمع وخير قدوة يقتدى به في علمه وسلوكه وأخلاقه فقد تربى على كلام الله وتخلق بأخلاقه، فما ظنكم بمن خلقه القرآن، لاشك أنه جمع بين العلم والعمل اقتداء بالنبي محمد- صلى الله عليه وسلم-، فقد كان خلقه القرآن، وامتثالاً لقول الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}. كما أن أولئك يتحملون مسؤولية الدعوة إلى الله لكونهم مؤهلين بالمنهج الصحيح للدعوة، كما أمر الله في كتابه فهم قرؤوا القرآن وتدبروا معانيه وعملوا بما فيه، وهذه أهم صفات الداعية الناجح.
ويضيف د. الحمود: ونحن نعلم أنه قد صدر من المقام السامي الكريم قرار يقضي بمعاملة جمعيات تحفيظ القرآن الكريم الخيرية ومدارس تحفيظ القرآن الكريم التابعة لها معاملة الجمعيات الخيرية الأخرى، وتخصيص جزء من موارد الأوقاف لدعم مناشطها، وكذا زيادة الإعانات الحكومية النقدية والعينية، وهذا ليس بغريب على حكومة خادم الحرمين الشريفين -وفقه الله- التي نالت قصب السبق في خدمة كتاب الله، فهي تستمد أحكامها وتشريعاتها من الكتاب والسنة، وهذه الجمعيات تلقى الدعم المستمر والتشجيع الدائم من ولاة الأمر- حفظهم الله- ومن أهل الخير من المحسنين في هذه البلاد المباركة في كل وقت وحين، سواء عن طريق التبرع، أو الوقف الخيري، أو الصدقات الجارية الأخرى، فالقيام على هذه الجمعيات وخدمة منسوبيها وإعانتهم من أفضل الأعمال وأجل القربات، ولا ننسى الدور الكبير الذي توليه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في سبيل خدمة كتاب الله تعالى تلاوة وحفظاً وتفسيراً، وإقامة الدورات العلمية المتخصصة في هذا المجال، ورعاية المسابقات الكبرى لحفظة كتاب الله وتشجيعهم، كل ذلك وغيره كثير خير دافع لهذه الجمعيات على مواصلة عملها وإشرافها المستمر لتخريج نخبة طيبة من حفظة كتاب الله يكون لهم الأثر في تعليم أبناء المجتمع وتربيتهم على منهج الله ورسوله.
جامعات متخصصة
وفيما يتعلق بوسائل تطوير هذه الجمعيات يقول د. الحمود: إن ذلك من الممكن واليسير جداً إذا ما روعي في ذلك نتائجها المثمرة على مستوى العالم الإسلامي، ومن وسائل التطوير أن تكون هذه الجمعيات جامعات متخصصة في هذا المجال، وهو القرآن وعلومه ليمكن أن تستقطب أكبر عدد ممكن من الراغبين في الالتحاق بها، كذلك تطوير مستوى الحلقات إلى مدارس متخصصة لتكون أكثر استيعاباً وقابلية للتطوير في المستقبل، ومن الفوائد التي يمكن أن يحققها هذا التطوير في خدمة القرآن الكريم أن تكون جامعات المملكة ومدارسها هي المرجعية الأولى في خدمة كتاب الله، كذلك زيادة عدد الحفظة على مختلف مستوياتهم فإن زيادة عدد الصالحين ينعكس أثره على صلاح المجتمع، إضافة إلى توفير العدد الكافي من أئمة المساجد المتقنين للتلاوة عن ظهر قلب، ويكون للوزارة الاكتفاء الذاتي من أولئك الأئمة، وإمكانية فتح باب المنح الدراسية من خارج المملكة كي ينتفع بالقرآن أكبر عدد من أبناء المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي، حتى يكون المجال أرحب وأوسع من ذي قبل.
مخرجات الحلقات
أما د. إبراهيم بن سعيد الدوسري أستاذ القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بالرياض فيقول: إن جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية هي أحد المعالم التعليمية والتربوية المؤثرة والمثمرة في المجتمع السعودي، وذلك لما تلقاه من دعم ورعاية من لدن خادم الحرمين الشريفين وحكومتها الرشيدة، ولا شك أن المؤسسة العلمية الناجحة هي التي تستجيب لكل ما من شأنه الرقي بها، وذلك للسير بها نحو الأهداف المنشودة.
وحيث إن الحديث بصدد التطوير واختيار أمثل الطرق للرقي بتلك الجمعيات فإنه لابد من النظر إلى نوعية مخرجات حلقات التحفيظ. إذ من المسلمات أن المخرجات نتيجة للطرق المتبعة في التدريس في كل طريقة تنتج من جنسها: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا }.
ولا يمكن الجزم بنوعية مخرجات حلقات التحفيظ إلا من خلال الدراسات المتخصصة ميدانياً، وذلك يستدعي من ذوي العلاقة العناية بهذه الدراسات غير أن الواقع يشير إلى أن ثمة ضعفاً في بعض الحلقات تبدو ملامحه من خلال أداء خريجي تلك الحلقات في المسابقات القرآنية وتدني مستوى بعضهم في الجامعات، أو من خلال إمامتهم في بعض المساجد، وربما مكث الطالب في حلقات التحفيظ بضع سنين، ثم لم يخرج بالمحصلة اللائقة بالمدة التي قضاها.
ويضيف د. الدوسري لكن هذا لا يعني التقليل من شأن حلقات التحفيظ أو التنقص من جهود القائمين عليها، ولكنها تشخيص لنتاج بعض الحلقات التي تقتضي البحث عن أفضل السبل والوسائل لتطوير الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم حتى تؤدي حلقاتها رسالتها المنوطة بها على أحسن الوجوه وأقومها، ومن هذه الوسائل:
أولاً: القيام بإجراء دراسات أكاديمية ميدانية على حلقات التحفيظ لتشخيص حالها، ومن ثم الوصول إلى النتائج التي تسهم في الرقي بحلقات التحفيظ علمياً وتربوياً، والاستعانة بالجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم بما لديها من خبرات واستشارات وبحوث في هذا المجال.
ثانياً: العناية بمدرسي القرآن في حلقات التحفيظ من جميع الوجوه، فإن المعلم إذا حظي بالعناية والتكريم انعكس ذلك على أدائه، ويتم ذلك بعقد الدورات العلمية لتأهيلهم وتزويدهم بالمهارات اللازمة لأداء رسالتهم.
ثالثاً: إعداد الشباب السعودي والفتاة السعودية للتدريس في حلقات التحفيظ وبذل الرواتب المناسبة لهم.
رابعاً: الاهتمام بإدارات الجمعيات وإعادة النظر في هيكلة إشرافها وتوجيهها.
خامساً: تفعيل دور الأمانة العامة للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في الإشراف والتنظيم والمتابعة.
سادساً: الاهتمام بالأماكن المخصصة لحلقات التحفيظ في المساجد ودور القرآن الكريم وتزويدها بالوسائل والتقنيات الحديثة التي تناسب هذا العصر.
مصادر تمويل ثابتة
أما فضيلة الشيخ عبدالرحمن محمد آل رقيب رئيس محاكم الشرقية المساعد ونائب رئيس تحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة فيقول: إن الجمعيات الخيرية للتحفيظ تقدم صورة رائعة وجليلة من صور عناية المملكة بالقرآن الكريم، من خلال ما تلقاه من دعم ولاة الأمر -حفظهم الله- الذين لا يدخرون الجهد في دعم وتشجيع هذه الجمعيات، مما كان له أكبر الأثر في القيام بدورها في تحفيظ القرآن الكريم وتخريج الآلاف من الحفظة والحافظات في جميع مناطق المملكة.
وليس أدل على نجاح هذه الجمعيات في تحقيق الأهداف الطيبة التي أنشئت من أجلها من أن طلابها والدارسين فيها هم الأكثر تفوقاً في المسابقات القرآنية المحلية والدولية التي يتم تنظيمها داخل المملكة أو خارجها.. كذلك الأعداد الكبيرة من الطلاب والطالبات الذين يتمون حفظ كتاب الله كاملاً كل عام في الحلقات والمدارس والدور النسائية التابعة لهذه الجمعيات، وارتفاع مستوى حفظ هؤلاء الطلاب.
ويضيف فضيلة الشيخ آل رقيب، والنظر في واقع الجمعيات الخيرية للتحفيظ اليوم، يتأكد من قدرتها على الاستمرار في القيام بدورها متى توفر لها الدعم المادي والمعنوي لاستيعاب أعداد أكبر من الطلاب والطالبات، وعقد دورات تدريبية للمعلمين والعاملين بحلقات ومدارس التحفيظ، كذلك التوسع في المناشط لاستقطاب الناشئة والشباب من خلال تنظيم المسابقات، ومنح الجوائز التشجيعية والتعريف بجهود هذه الجمعيات وبرامجها..والاستفادة من تقنيات العصر الحاسوبية في مجال عملها، ولا سيما أن هذه التقنيات تحظى بإقبال أعداد كبيرة من الشباب، وكل هذه الأمور لا تتحقق إلا بتوافر مصادر تمويل ثابتة ومتجددة لجمعيات التحفيظ، بعدما ثبت أن ضعف الموارد يمثل أهم العقبات التي تواجهها في الوقت الراهن.. والتغلب على هذه العقبة يتطلب الدعم الإعلامي للجمعيات وحث المحسنين وأهل الخير على التبرع لها، وتشجيع الوقف لصالح هذه الجمعيات في جميع المناطق، كما يمكن للجامعات وأقسام علوم القرآن الكريم بها أن تقوم بدور فاعل في تأهيل والارتقاء بمستوى العاملين بهذه الجمعيات.
توفير الموارد
أما الشيخ عبيد بن عساف الطوياوي مدير الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بحائل سابقاً فيقول:من مظاهر اهتمام بلادنا بالقرآن الكريم، تأسيس الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في كل منطقة، وفي كل محافظة بل وفي بعض المدن، حيث تعمل على تحفيظ القرآن من خلال حلقاتها المنتشرة في المدن والقرى والهجر، ومما لاشك فيه أن هذه الجمعيات المباركة، قامت بدور رائد عظيم في إشاعة حفظ كتاب الله عز وجل منذ سنوات طويلة مضت، فمنذ تأسست هذه الجمعيات وهي تؤدي رسالتها، وتعمل على تحقيق أهداف نبيلة رسمت لها، حتى أينعت ثمارها، فخرجت الحافظين والحافظات، وعملت على إيجاد المقرئين والمجوّدين، وساهمت في أن يكون من بين الناس في هذا المجتمع الكريم من تحفه الملائكة وتغشاه الرحمة، وتتنزل عليه السكينة ويذكره الله فيمن عنده، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
ويضيف الشيخ الطوياوي: ولاشك أن نجاح هذه الجمعيات وراء جهود مخلصة، ومن عمل في أروقتها شاهد ذلك عياناً، ولكن لابد من مضاعفة الجهود، لكي يبقى لها ازدهارها، وتنمو أزهارها، وتطيب ثمارها، فالتعاون معها ومع القائمين عليها وحث الأبناء على الالتحاق بحلقها، ودعمها أمر مطلوب، وبذلك تبقى بإذن الله تعالى.
ومن خلال تجاربي في هذه الجمعيات لاحظت حب أبناء هذه البلاد لكتاب الله عز وجل فمتى وثقوا بمن يعمل على نشره وتحفيظه، كانوا معه قلباً وقالباً، فلا بد أن يستغل ذلك بأن تكون هذه الجمعيات لما أنشئت من أجله، فهذا أمر يوضع باعتبار من يعمل بهذه الجمعيات سواء كان موظفاً أو معلماً، وسواء كان موجهاً أو مشرفاً، والتركيز على توفير الموارد الثابتة، فيجعل لهذه الجمعيات مشاريع استثمارية متنوعة، ولا يعتمد على التبرعات المقطوعة، أو الإعانات الحولية.
وأن يكون الهدف الأول والأخير لهذه الجمعيات هو تحفيظ الناس كتاب الله تعالى، مع توفير الأنشطة المحببة في ذلك، ومن ذلك عمل مشاريع ترفيهية خاصة بمنسوبي هذه الجمعيات، وخاصة الطلاب منهم، كذلك أن يكون لكل جمعية مدير متفرغ يدير شؤونها، ويشرف على أقسامها المتنوعة، ويباشر أعمالها المتعددة.
|