أن تغرق في بحر أو نهر فليس في الأمر (غرابة)، فالماء خطير في كل الأحوال، ولكن أن تغرق في جوهرة الصحراء، وفي شبر ماء، فهذه هي الكارثة بالفعل!!
لقد غرقت بسيارتي (البائسة) في الدائري الشرقي، ومررت بلحظات عصيبة مثل الآلاف غيري حين اشتعلت السماء بالبرق والرعد، وانهمرت بالماء الغزير في دقائق معدودات رفعت أصبع الشهادة، ولكن الله سبحانه وتعالى لطف بحالي وأنقذني من هذه (المحنة)!!
إني أكتب هنا عن تجربة مريرة مررت بها وعاشها الجميع عصر الخميس حين حاصرتنا السيول في كل شمال الرياض، حيث تحولت السيارات بسبب العواصف العاتية والأمطار الهائلة إلى أشبه بالأشلاء المتناثرة هنا وهناك، حيث تركها أصحابها بحثاً عن (النجاة)!!
لقد تحولت الشوارع إلى بحيرات بل إنهار جارية لا تبقي ولاتذر، وتأكل اليابس والأخضر، فالجميع كانوا يحتاجون في تلك اللحظات إلى مساعدة من صديق أو دفاع مدني أو مرور، ولكن هيهات ولا حياة لمن تنادي، فالكل همه نفسه وليغرق الآخرون.
لقد كتبت، وكتب غيري عشرات المرات حتى عالجوا مشكلة مخرج (13) بعد سنوات من الانتظار، ولكنهم وللأسف أهملوا ولم يعالجوا بقية المخارج في (الدائري) من أوله إلى آخره لتكشف سيول الخميس الجارفة هذا الوضع المتردي- فمشروع تصريف المياه في معظم شوارع العاصمة أصبح مثل الحلم والمشكلة مازالت تتكرر مع كل نزول أمطار، والضحايا هم المواطنون بسياراتهم وأنفسهم!!
إن العشرات في ذلك اليوم أصيبوا بالهلع، والمئات تعرضوا للخسائر الفادحة في سياراتهم وعدد ليس بقليل خسروا حياتهم، ومن بينهم الفتاة التي هشمت جمجمتها إحدى اللوحات التي سقطت عليها، وهي جالسة في السيارة بحثاً عن الاحتماء من شدة الأمطار وقساوة الرياح، ولكن الأجل كان في انتظارها!!
إنني هنا أناشد المسؤولين في الطرق والبلديات أن ينظروا نظرة المسئولية والمواطنة الحقة، فيما أصاب أهل الرياض في ذلك اليوم الأسود، وأن يهبوا يداً واحدة لمعالجة الوضع في شوارع العاصمة في أسرع وقت ممكن، لأن صبرنا نفد، والمشكلة ما زالت تتكرر والجميع يتفرجون على الأمطار كل مرة دون اكتراث أو اهتمام فإلى متى؟!
|