* الرياض - مبارك أبو دجين -عبد العزيز الكناني:
اختتمت يوم أمس (الخميس) فعاليات المؤتمر العالمي عن (موقف الإسلام من الإرهاب) الذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية خلال المدة من 1 إلى 3- 3-1425هـ.
وقد بدأت الجلسة الختامية للمؤتمر بتلاوة آيات من القرآن الحكيم، ثم ألقى معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمد بن سعد السالم كلمة قدم فيها شكر منسوبي الجامعة على رعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني لأعمال المؤتمر، منوهاً بأن هذه الرعاية تأكيد على دعم موقف المملكة الثابت في محاربة الإرهاب، وبحث وسائل العلاج الممكنة لعلاجه، كما هو امتداد لدعم الجامعة ومنسوبيها في جميع المجالات العلمية والبحثية وخدمة المجتمع.
ودان الدكتور السالم خلال كلمته الحادث الإرهابي الآثم الذي تعرضت له مدينة الرياض، وسقط فيه ضحايا أبرياء، كما أصيب فيه عدد من رجال الأمن والمواطنين والمقيمين، مشيراً إلى أن هذا العمل الإرهابي الجبان لن يثني أبناء هذا الوطن في التكاتف صفاً واحداً لمواجهة هذه الأعمال الشريرة التي تحاول أن تنال من أمن ووحدة المملكة.
كما قدم في نهاية الكلمة شكره وتقديره للعلماء والباحثين المشاركين في المؤتمر، وما قدموه من أفكار وأطروحات علمية، والتفاعل المتميز أثناء الجلسات العلمية، كما شكر مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرعاة المشاركين في المؤتمر واللجان العاملة لإنجاح فعاليات المؤتمر.
عقب ذلك ألقى الدكتور قطب مصطفى سانو رئيس جمعية الوحدة الإسلامية في ماليزيا كلمة المشاركين في المؤتمر، وقال: نشكر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على تنظيم هذا المؤتمر الذي يعالج ظاهرة من أخطر الظواهر في الوقت المعاصر وهي ظاهرة الإرهاب، مشيراً إلى أن ما قدم في المؤتمر من أبحاث علمية وما طرح فيه من مداخلات وتساؤلات قد أثرت الموضوع.
وفي نهاية الكلمة عبر عن شجب واستنكار المشاركين في المؤتمر للحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة الرياض، مؤكداً أنه عمل جبان راح ضحيته أبرياء ليس لهم ذنب.
تكريم الرعاة
بعد ذلك قام معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بتكريم الرعاة المشاركين في المؤتمر، وهم: جريدة الجزيرة، الخطوط الجوية العربية السعودية، مجموعة العطير، شركة النقل الجماعي، مؤسسة الجريسي.
البيان الختامي والتوصيات
عقب ذلك أعلن الدكتور زيد بن عبد الكريم الزيد عميد المعهد العالي للقضاء رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر البيان الختامي والتوصيات للمؤتمر، وفيما يلي نص البيان:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وسار على دربه، أما بعد:
فإن الغلو في الدين والعنف في القول والفعل والارهاب المتمثل في العدوان على الأنفس البريئة والأموال والممتلكات ظاهرة عالمية وصل خطرها الى كل جزء من المعمورة، كما أن كثيراً من أعداء الاسلام والجهلة قد نسبوا الى الاسلام ما ليس منه من عدوان وتعد على الأنفس المعصومة والدماء المحرمة وافساد في الأرض زاعمين أن ذلك من دين الاسلام وطبيعة المسلمين.
وقد وصل الحد في اتهام المسلمين بالارهاب والعدوان أن نسبوا ذلك الى المدارس والجامعات الاسلامية ومناهج التعليم فيها، كما نسبوه ظلماً الى بلاد الحرمين الشريفين ودعوتها الاصلاحية وعلمائه.
ومن أجل بيان موقف الاسلام وعلمائه في الماضي والحاضر وموقف المملكة العربية السعودية حكومة وعلماء ومناهج وشعباً من ظاهرة الارهاب العالمي واستغلال اسم الاسلام في العدوان على المسلمين وغير المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم دعت جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية الى عقد مؤتمر عالمي عن الارهاب والعنف والتطرف لبيان حقيقة هذا الموقف بجلاء ووضوح ابانة للحقيقة وشهادة التاريخ ودعوة الى العدل في الحكم على الأديان والشعوب والانصاف في حق الاسلام وأهله وبلاد الحرمين وجامعاتها ومناهجها التعليمية وعلمائها ودعاتها.
ولقد عقد المؤتمر في رحاب جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية خلال المدة من 1-3-1425هـ حتى 3-3- 1425هـ الموافق 20-4-2004م الى 22-4-2004م برعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني الذي تشرفت الجامعة بافتتاحه هذا المؤتمر في مبنى المؤتمرات والتعليم المستمر مع ثلة من أصحاب السمو الأمراء والفضيلة العلماء والمعالي الوزراء وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة الرياض، وصاحب المعالي الدكتور خالد بن محمد العنقري وزير التعليم العالي.
ولقد كونت الجامعة عدداً من اللجان المنظمة والعاملة لخدمة المؤتمر على رأسها لجنة عليا برئاسة معالي مدير الجامعة الدكتور محمد بن سعد السالم، كما كان هناك لجنة علمية للنظر في البحوث والأوراق ومدى ملاءمتها العلمية لموضوع المؤتمر ولجنة اعلامية للتعريف بالمؤتمر وأهدافه وضيوفه، وأمانة عامة للمؤتمر.
ولقد وجهت الدعوات الى عدد كبير من الباحثين والمهتمين بموضوع المؤتمر من جميع أنحاء العالم فاستجاب أكثر من مئة وخمسين باحثا ومشاركا قدموا بحوثهم التي قبل منها علمياً ثمانون بحثاً تركزت حول محاور ستة للمؤتمر وهي:
1- المحور الأول: حقيقة الارهاب والعنف والتطرف.
2- المحور الثاني: الارهاب والعنف والتطرف في ميزان الشرع.
3- المحور الثالث: الارهاب والعنف والتطرف (التاريخ والأسباب والنتائج).
4- المحور الرابع: التعامل مع الارهاب والعنف والتطرف.
5- المحور الخامس: وسطية الاسلام وسماحته ودعوته للحوار.
6- المحور السادس: موقف المملكة العربية السعودية من الارهاب والعنف والتطرف ماضياً وحاضراً.
وخلال ثلاثة أيام عقدت جلسات المؤتمر التي بلغت ثماني عشرة جلسة بالاضافة الى ندوة كبرى تحدث فيها عدد من كبار ضيوف المؤتمر ونوقشت فيها مسؤولية العالم تجاه الارهاب والعنف والتطرف. وكذلك ندوة نسائية موازية لها عن المسؤولية الفردية والجماعية تجاه الارهاب حاضر فيها عدد من كبار ضيفات المؤتمر، كما كان هناك محاضرة عامة عن تعامل الاسلام مع الحضارات.
ومن أبرز ما تم في المؤتمر جلستان متخصصتان كان الهدف منهما اتاحة مزيد من الفرصة لطرح الآراء وسماع وجهات النظر والنقاش البناء في جو حواري صريح ومناقشة واضحة لظاهرة الارهاب وصولا الى أفضل السبل لمواجهة هذه الظاهرة والتعامل معها. وقد كان موضوع الجلسة الأولى الموقف من الارهاب وموضوع الثانية موقف الدعوة السلفية من الارهاب ومناقشة مبادئ هذه الدعوة وما تتضمن من أقوال وأفعال توضح موقفها من الارهاب كما كان هناك جلسة ختامية للمؤتمر. ولقد اتسمت الطروحات المعروضة في جميع هذه الأنشطة بالأصالة والعمق، وتمت مناقشة هذه الظواهر الخطيرة في العالم وسبل التعامل معها، وكيفية مواجهة أخطارها والتخفيف من غلوائها.
ولقد توصل الجميع الى النتائج المهمة التالية:
1- ان الارهاب المتمثل في العدوان والعنف والغلو ظواهر خطيرة لها آثارها المدمرة على الشعوب والدول ومهما كان هناك من اختلاف حول بعض مصطلحات الارهاب إلا أن الجميع ينبذ استخدام العدوان والعنف بشتى أشكاله ويدعو الى التصدي لمن يقوم به ويسعى الى تأييده تحت أي مسوغ.
2- يثمن المؤتمر الجهود التي تقوم بها دول العالم في محاربة الارهاب العدواني ويخص في هذا الشأن حكومة المملكة العربية السعودية لجهودها الكبيرة المتمثلة في ملاحقة أصحاب الأفكار المتطرفة والمجموعات الشاذة التي أساءت فهم الاسلام وجنحت الى العدوان على عامة الناس ورجال الأمن والمستأمنين والمعاهدين من أصحاب الدماء المعصومة والأنفس البريئة.
3- يرفع المؤتمرون أحر العزاء الى مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني وسمو وزير الداخلية وسمو أمير منطقة الرياض وحكومة المملكة العربية السعودية وشعبها وذوي الضحايا الأبرياء الذين طالتهم يد الارهاب والبغي والعدوان يوم الأربعاء 2-3-1425هـ (21-4- 2004م)، ويستنكرون العمل الوحشي المجرم في حق رجال الأمن والمواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية.
4- يشكر المؤتمرون حكومة المملكة العربية السعودية على تيسير عقد هذا المؤتمر على أرض المملكة ويقدرون كرم ضيافتها للمشاركين والباحثين وحسن وفادتها، كما يتقدمون بالشكر لجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية على جهودها العظيمة في عقد المؤتمر واقامته في رحابها وبذل كل الجهود المضنية لانجاحه.
ومن خلال البحوث والدراسات والمناقشات التي حفل بها المؤتمر توصل المشاركون الى التوصيات الآتية:
1- التأكيد على رفض الارهاب المتمثل في العدوان سواء كان مصدره الأفراد أو الجماعات أو الدول وأن الارهاب عمل اجرامي لا تقره الأديان السماوية ولا القوانين الوضعية، كما أنه ظاهرة عالمية لا ترتبط بدين ولا ثقافة ولا جنس.
2- أهمية الاتفاق العالمي على تحديد مفهوم دقيق للارهاب يمكن الاحتكام اليه عند الاختلاف والمنازعات حتى لا يصبح هذا المصطلح مجالا للتأويلات والادعاءات.
3- أهمية استمرار الجامعة وغيرها من المؤسسات العلمية في اقامة الملتقيات والندوات العلمية بصفة دورية لبحث هذه الظواهر المعاصرة التي تهم المجتمعات المحلية والدولية.
4- التأكيد على بيان مفاسد الغلو والتطرف والارهاب العدواني من حيث كونه بدعة في الدين وسبباً لهلاك الأمم وفيه مشابهة لأهل الضلال وأنه يناقض ما بنيت عليه الشريعة من السماحة، ومطالبة العلماء بتبصير عامة المسلمين وغيرهم بسماحة الشريعة الاسلامية ومراعاتها لحقوق جميع البشر.
5- تأليف كتب وبحوث علمية دقيقة متخصصة في موضوع الارهاب والتطرف والعنف والغلو وترجمتها الى اللغات العالمية.
6- التأكيد على معالجة أسباب التطرف وبواعثه من خلال نشر العلم وتحقيق العدالة وازالة أسباب الظلم في المجتمعات، واحترام حقوق الانسان وخصوصيات الشعوب.
7- الحرص على تحصين الشباب وحمايتهم من الانجراف الى التطرف والعنف بوسائل منها:
أ- الحوار والاقناع.
ب- شغل أوقات الشباب بما ينفعهم وينمي مهاراتهم.
ج- التأكيد على مفاهيم التسامح والبعد عن الغلو من خلال مناهج التعليم ووسائل التثقيف والإعلام.
8- ضرورة التفريق بين الارهاب الذي تمقته الشريعة الاسلامية وجميع الأديان السماوية والقوانين الوضعية وبين المقاومة المشروعة في سبيل التحرر من الظلم والاستبداد والاحتلال الأجنبي.
9- التأكيد على أن الدعوة الاصلاحية التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هي دعوة اسلامية تقوم على مبادئ الاسلام الصافية البعيدة عن الغلو والتطرف والارهاب.
10- تأسيس مركز للدراسات الاسلامية المعاصرة والحوار بين الحضارات يهدف الى دراسة العوامل المؤثرة في العلاقة بين الحضارات وما يعيق التواصل بينها من ظواهر سلبية كظواهر العنف والارهاب والتطرف.
11- التأكيد على تعزيز التواصل وتبادل الزيارات بين العلماء والمفكرين من المملكة ونظرائهم من علماء الغرب وغيرهم من أجل الاسهام في تعزيز الحوار وازالة سوء الفهم حول الكثير من القضايا.
12- التأكيد على أهمية قيام العلماء ببذل المزيد من التواصل الفكري مع الشباب من خلال تكثيف اللقاءات والحوارات حول الارهاب والعنف والتطرف.
13- التأكيد على أهمية دور وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية في احترام القيم والأخلاق والآداب العامة.
14- نشر بحوث المؤتمر ومداولاته في سجل علمي وترجمتها الى عدد من اللغات العالمية.
وفي الختام تشكر جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية الاستجابات والمشاركات العلمية والتفاعل المتميز من قبل الباحثين والمفكرين وبخاصة الذين حضروا لهذا المؤتمر من أوروبا وأمريكا وكافة الأوطان البعيدة وتجشموا أعباء السفر والبعد عن الأهل والأوطان، كما تشكر الجامعة جميع من تعاون معها في اقامة هذا المؤتمر وتخص بالذكر وزارة الخارجية السعودية لاسهامها الفاعل والمؤثر في الاعداد والتنظيم.
|