* نيويورك - طارق عبدالغفار- أ.ش.أ:
في مؤشر ذي دلالة على سعي بكين للتخفيف من حدة الخلافات الاقتصادية مع الولايات المتحدة أبدت الصين استعدادها لتقديم تنازلات حقيقية لحماية الملكية الفكرية ومحاربة القرصنة التي يمارسها عدد من الشركات ضد العديد من المنتجات الأمريكية ولاسيما الفنية والتكنولوجية.
وتتهم شركات أمريكية كبرى مؤسسات صينية بالوقوف أمام خسارتها لمليارات الدولارات بسبب انتهاكها إجراءات الملكية الفكرية وإعادة إنتاج سلع أمريكية بدون ترخيص أو امتياز كالبرمجيات وأسطوانات (دي في دي).
وتسعى إدارة الرئيس جورج بوش إلى الحصول على ضمانات من بكين بشأن التزامها بقواعد الملكية الفكرية لتأكيد حرصها على حماية الصناعة الأمريكية في مواجهة عمليات القرصنة وهو ما سوف يسهم في تعزيز موقعه خلال الانتخابات الرئاسية القادمة المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل.
ويرى محللون أمريكيون أن الاستراتيجية التي اتبعتها الإدارات الأمريكية السابقة والمتعلقة بإرسال المسئولين لبكين لمطالبتها علانية باحترام قواعد الملكية الفكرية ومكافحة القرصنة لم تثمر عن نتائج إيجابية طيلة الأعوام الماضية. وقالت اليزابيث بيكر المحللة الاقتصادية: إن المرونة التي أبدتها بكين مؤخراً بشأن تقديم تنازلات لحماية حقوق الملكية الفكرية للمنتجين الأمريكيين جاءت نتيجة تغيير إدارة بوش لاستراتيجيتها في ذلك الصدد، حيث ركزت على صياغة أجندة محددة ومختصرة للمحادثات من المسئولين الصينيين تركز على المصالح المشتركة بعيداً عن الاملاءات والمطالبات المباشرة.
وتتوقع واشنطن قيام بكين بقطع وعود واضحة بالعمل على خفض معدل القرصنة وانتهاك قواعد الملكية الفكرية للمنتجين الأمريكيين في ضوء حرصها على احتواء الخلافات التجارية مع الولايات المتحدة.
وتتضمن وعود بكين المتوقعة مطاردة الأشخاص والشركات الصينية التي تنتهك قواعد الملكية الفكرية للمنتجات الأمريكية ولاسيما اسطوانات الكمبيوتر وألعاب الفيديو و(الدي في دي) من جانب سلطات الأمن الصينية.
وتوقعت المحللة الاقتصادية اليزابيث بيكر أن تتضمن التعهدات الصينية فتح أسواقها أمام المنتجات الأمريكية خلال الأشهر القليلة القادمة لتهدئة خلافاتها مع الولايات المتحدة بشأن تزايد معدل العجز التجاري لصالح الصين إلى حوالي 120 مليار دولار.
ويشكك منتجون أمريكيون في وفاء بكين بتعهداتها التجارية، مشيرين إلى أن الصين يمكن أن تعوق الصادرات الأمريكية عن طريق الضرائب والاشتراطات الفنية للواردات.
وأضافوا أن بكين يمكن أن تتغلب على التهديدات الأمريكية بإعاقة نقل التكنولوجيا المتقدمة إليها عن طريق تشجيع الشركات الأمريكية على فتح فروع لها للاستفادة من المزايا التي يتمتع بها السوق الصيني كالأيدي العاملة الرخيصة والسوق الواسع والتسهيلات الضريبية.
ويتضمن ملف الخلافات بين بكين وواشنطن العديد من البنود منها سيطرة الحكومة الصينية على عملتها المحلية (اليوان) والصناعات النسجية والدعم الذي تقدمه الإدارة الأمريكية للمزارعين.
وينتقد الديموقراطيون إدارة الرئيس بوش بسبب عدم اتخاذها إجراءات فعالة لخفض معدل العجز في الميزان التجاري مع الصين وإعطاء الأولوية للجوانب السياسية بدرجة أكبر من الجوانب الاقتصادية في اتفاقيات التجارة الحرة مع الدول المختلفة.
وقال المحلل الاقتصادي ماكس بوكس: إن السوق الأمريكي يعاني من هروب الوظائف للخارج بسبب ازدياد أعداد الشركات الأمريكية التي تمتلك مشروعات بالصين والهند، مشيراً إلى أن فرص العمل الهاربة من الخارج هي الأعلى أجراً ومهارة. وأوضح أن الصين والهند تمثلان مصدراً للقلق للعمالة الأمريكية بسبب رخص الأيدي العاملة بالدولتين مقارنة بالعمالة الأمريكية.
وتشير الاحصائيات الرسمية إلى أن نزيف الوظائف بالولايات المتحدة بلغت 2.2 مليون وظيفة منذ تولي الرئيس جورج بوش زمام المسئولية في يناير 2001.
وفى السياق نفسه لم تتخذ الصين موقفاً انفعالياً رداً على نظام الحصص التصديرية الذي فرضته إدارة بوش على ثلاثة أنواع من الصادرات النسجية الصينية للولايات المتحدة بهدف التخفيف من حدة المنافسة التي تواجهها صناعة النسيج الأمريكية.
|