احتلال العراق هو أول احتلال للأرض بالقوة تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية في تاريخها، وتعترف به رسمياً. وهذا ليس غريباً، ولكن الغريب بالفعل والمثير لخليط من الانفعالات المتناقضة؛ كالدهشة والغضب والبكاء والضحك والاستفزاز والإثارة والشعور بالابتزاز والاستخفاف، هو ما تدعيه هذه (القوة المحتلة) التي أزالت نظام حكم تلك البلاد بالقوة، واغتصبت أرضها، واستولت على مقدراتها، ثم عندما قاوم شعبها أخذت تقمعه وترهبه بأفتك الأسلحة، وتقتله يومياً ضرباً بالدبابات والطائرات فيموت منه المئات أطفالاً وشباباً وشياباً، رجالاً ونساءً.
كل ذلك بحجة أنها تريد أن تحرره من الاستبداد وتمنحه الحرية وتحقق له الديمقراطية!!
وهي ذريعة لم تتجرأ على اللجوء إليها أية قوة احتلال في تاريخ البشرية إلى اليوم. إنها صفاقة وقحة واستخفاف بكل العالم.
فإذا كان هذا أول (احتلال) من نوعه في التاريخ يتم تحت أجمل الشعارات وأكثرها استغلالاً لشعوب العالم وحكامه، فإن المسؤولية لا تقع على عاتق المحتل الغاشم وحده، وإنما تقع على المنظمات العالمية والقوى الدولية، وكل الذين عرفوا أنه (استخفاف) بكل العقول والقيم والدول، فصدق على المحتل وعليهم قوله تعالى عن فرعون: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} (الزخرف: 54). وهذا ما حدث في العراق.
|