كنت أتنقل في عدد الجزيرة 11516 من صفحة إلى أخرى.. ورسوت عند شاطئ الأستاذ عبدالله الكثيري في زاويته الاسبوعية (شاطئ)، وشدني عنوان الزاوية (زوجتي مدمنة)، فقلت في نفسي: سأقرأ لأرى.. مَن.. وكيف.. ولماذا؟! فوجدت كاتبنا قد تلقى رسالة مؤثرة تحكي معاناة زوج ابْتُلِيَ بزوجة مدمنة على السهر أمام القنوات الفضائية.. وعاشقة لها.. حتى نحل جسمها.. واصفر وجهها.. واختل مزاجها.. ويسأل عن الحل!.. وهل يطلق أم لا؟!!
فأقول أولاً: أبارك للزوج المبتلى.. خطوته الأولى وهي معالجة مكمن الداء.. وموطن البلاء.. وذلك بقيامه ببتر العضو الفاسد الذي انتشر منه سرطان السهر.. وعشق القنوات وإدمانها.. وضياع الأسر وانحلال الأخلاق.. حينما قام - ثبته الله- بتكسير وتحطيم أساس المشاكل في كثير من البيوت والأسر، وهو ذلك الطبق الفضائي الذي يستقطب ما هب ودب من قنوات الضياع والفساد.
ثانياً: نقول للزوج الكريم: إن الطلاق ليس حلاً ولا سيما أن الزوجة قد عاشت معه لسنوات وأنجبت منه الاطفال، مما يعني ان المشكلة سببها محدود.. وحلها سهل.. ولا يصل إلى اتخاذ هذا القرار الذي سيزيد من التشرد!!.. وعاقبته الندم والحسرة.. للطرفين.
ثالثاً: لماذا لا يحاول الزوج ان يتفهم نفسية زوجته.. وان يتوصل إلى حقيقة ما تعانيه باحتواء الموقف عاطفياً.. ومحاولة حل هذه المشكلة دون اللجوء.. او التلويح بالطلاق.. او الزواج من ثانية!! فقد يتزوج بثانية.. فيجتمع عليه نكد هنا.. وكدر وغم هناك!!
فالواجب عليه ان يبدأ بالبحث عن مسببات اخرى!! أدَّت لتفاقم هذه المشكلة لا سيما وأنه يقول: إنني هجرتها في الفراش.. وأخرجت الدش.. ولم تتغير!! فأقول: يجب عليك كما صبرت على مشكلتها سنوات.. ان تصبر على مراحل حلها.. ولا تتعجل النتيجة؛ فقد قال تعالى: {إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا}.. ولا سيما أن أخانا الشاكي هو من تسبب في إدمان زوجته المسكينة مشاهدة القنوات.. وهذا السهر المتواصل!!.. وكما يقال:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له
إياك إياك أن تبتل بالماء!! |
فلو أن أخانا جعل بيته نظيفاً من القنوات التي يغلب عليها الإثارة.. وتحريك الغرائز.. والتفريق بين الزوجين!! لما حصل كل هذا.. لأن الزوج سيقارن زوجته بمن يشاهدهن من المائلات المميلات!! وكذا الزوجة تقارن زوجها بمن تشاهده من أشباه الرجال ولا رجال!! وإننا لنتحسر والله من غياب الغيرة في بعض بيوت المسلمين!!.. ولا شك أن المسلم مؤتمن على مَن عنده من الزوجة والأولاد كما قال صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعايته إلا حرم الله عليه الجنة). ويجب على كل رب أسرة ان يستشعر قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}. ولو يعلم صاحبنا وغيره ممن ابتلوا بجلب هذه الأطباق.. أن الفتيات يعانين الويلات والحسرات من جراء ما يشاهدنه لما هدم سقف بيته بيده.. حتى ان فتاة تبلغ الثمانية عشر ربيعاً تعاني تقول: إني أفكر بالانتحار في كل دقيقة، بل في كل ثانية!! لأنه لا تمضي ساعة واحدة دون أن أشعر بالعاطفة الجنسية الجامحة تخترق أحشائي كما يخترق الرصاص جسم الإنسان ويقتله!! وكلما شاهدت فيلماً عاطفياً أو قرأت قصة غرامية تثور عاطفتي وغرائزي.. وقد يكون الزوج صاحب المشكلة لم يشبع زوجته عاطفياً!! مما جعلها تبحث عن بديل ولو بمشاهدة مسلسلات الغرام والضياع! التي يسَّرها الزوج! بمحض إرادته! وبكامل قواه العقلية!!.
حتى قالت إحداهن على لسان الشاعر:
فنون إثارة قد أتقنوها
بها قلب المشاهد مستهام
فلو للخصر يا أبتاه قلب
لثار! فكيف يا أبتي الأنام |
رابعاً: ذكر صاحبنا أن زوجته ما زالت تسهر حتى مع عدم الدش!! وهذا يجعلنا نتساءل.. ما هو سبب السهر؟ وبماذا تقضي الزوجة وقتها طوال الليل؟ فلا يعني هجرك إياها.. ألا تبحث عن سبب استمرار سهرها!! بل لا بد من المبادرة في معرفة العلة حتى لا تتفاقم المشاكل وتتسع دائرة الاختلاف!! فإن كانت العلة صحية نظراً لاعتياد السهر.. فيصبح بعرض الحالة على الطب لمعرفة سبل العلاج.
وأخيراً.. أقول: إن المرأة لطيفة سهلة لينة.. ولكن عليك أن تعرف مفتاح قلبها والتوصل إليه.. وذلك باحترامها وتقديرها.. وتفهم مشاعرها.. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ حيث قال: (استوصوا بالنساء خيراً)، وقال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر).. ولتعلم أخي أن حل أي مشكلة زوجية يكون بالمصارحة والخلوة الحسية والمعنوية.. ودراسة المشكلة بأسلوب متزن.. دون صراخ أو عويل.. أو تبادل السباب والشتم!! مما يؤدي الى الضرب او الإهانة فتعظم القضية وتتعقد.. بل نقاش مشبع بالحب.. والمكاشفة بأسلوب رقيق.. وعبارات لا تجرح المشاعر.. حينها سيتوصل الزوجان إلى سبب المشكلة وأساسها.. ثم يتم العلاج ووضع الحلول.. وتعود الأمور الى مجاريها.. نسأل الله أن يحفظ أسرنا من قنوات الإفساد التي تسبب مثل هذا التفرق والاختلاف.. وأن يوفق الأزواج لكل خير وصلاح وإيمان.. آمين.
وأشكر صفحة (العزيزة) على إتاحة هذا التعقيب وهذه المشاركة.. والسلام.
عبدالعزيز بن عبدالله السعدون / بريدة
|