* الرياض - أحمد القرني:
تقدم فهد السلامة ذو الاثنين والثلاثين ربيعاً بخطوات واثقة حين رأى والده يصارع الموت بسبب التليف المزمن الذي أنهك كبده وبلغ مراحله النهائية وكاد أن يوقفها عن العمل، ليطلب من الفريق الطبي إجراء الفحوصات اللازمة لعل نتائجها تعيد الأمل له قبل والده في إمكانية اقتطاع جزء من كبده لتزرع مكان كبد والده التي أعياها المرض.
قبلها كان الأطباء يقفون عاجزين عن مساعدة عبدالله السلامة بسبب عدم توفر كبد من متوفى دماغياً رغم الامكانات الطبية البشرية والتقنية التي تزخر بها المستشفيات الكبرى لإجراء مثل تلك العمليات.
لم يكن فهد لوحده الذي رغب في رفع معاناة والده بل كان عدد من أشقائه الآخرين يطمحون في ذات العمل لكن فصيلة دم فهد والتركيبة الكبدية الأساسية طابقت احتياجات والده، حينها رحب الأطباء بشجاعة فهد ووفائه لوالده وشرعوا في التحضير للعمليتين الجراحيتين الأولى نقل فص من كبد فهد والثانية استئصال الكبد المتليفة لوالده وزرع الفص الجديد.
وقد قام بإجراء العملية الأولى فريق مكون من الدكتور محمد الصغير استشاري جراحة وزراعة الكبد في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض والدكتور محمد السبيل رئيس قسم جراحة وزراعة الكبد والبنكرياس في المستشفى واستطاعوا أن يستأصلوا الفص الكبدي الأيمن من المتبرع دون الحاجة إلى نقل أي دم في هذه المرحلة من العملية التي استمرت 7 ساعات متواصلة.
وبمجرد انتهاء هذا الفريق من العملية الأولى بدأ الفريق الجراحي الثاني والمكون من الدكتور محمد الصفيان نائب رئيس قسم جراحة وزراعة الكبد بالمستشفى التخصصي والدكتور علي الملق استشاري الجراحة الدقيقة والدكتور حاتم خلف استشاري مساعد في قسم جراحة وزراعة الكبد بالمستشفى بعملية زراعة الفص الكبدي لوالد المتبرع البالغ من العمر 61 عاماً.
يقول الدكتور محمد الصفيان: إن هذه الزراعة بالغة التعقيد نظرا لتعدد القنوات الصفراوية وشرايين هذا الفص إضافة إلى وجود ثلاثة أوردة خارجة من هذا العضو.
ويواصل الدكتور الصفيان حديثه حول ما اعترض العملية من صعوبات: عندما قام الفريق باستئصال الكبد المتليف والذي كان محاطا بكثير من الدوالي بدأت الصعوبات الجراحية في الظهور.. ويشير إلى أن أحرج مراحل العملية هي عندما وضع الفريق الطبي الفص الأيمن من المتبرع مكان كبد والده المستأصلة حيث كان يحوي الفص على قناتين صفراوين ذواتي حجم صغير جداً حجم إحداهما كان في حدود 2 ملم إضافة إلى احتوائها على شريانين صغيرين ووريد بابي واحد في وقت كانت أعداد الأوردة الخارجة من الفص ثلاثة بأحجام مختلفة.
وذكر الدكتور محمد الصفيان أن عمل التوصيلات الجراحية لهذا الفص كان في غاية الدقة وقد استعمل المجهر الجراحي من قبل الدكتور علي الملق في إجراء توصيلة الشرايين والقنوات الصفراوية وهي المرة الأولى التي يستعمل فيها المجهر الجراحي لخياطة القنوات الصفراوية في مثل هذه العمليات.
وأكد الدكتور الصفيان أن العملية بالغة التعقيد استمرت 18 ساعة من العمل الجراحي المتواصل مشيرا إلى أن المتبرع خرج من المستشفى بعد مضي خمسة أيام من تبرعه وهو في حالة صحية ممتازة في وقت يستعد والده إلى مغادرة المستشفى بعد أن بدأ يتماثل للشفاء.
وأوضح افراد الفريق الطبي الذي شارك في العملية أن المعتاد هو زراعة فص كبدي يحتوي على وريد وشريان وقناة صفراوية واحد لكن زراعة فص كبدي بهذا التعدد واستعمال المجهر الجراحي يجعل من هذه الحالة سبقاً جراحياً في مجال زراعة الكبد، لافتين إلى أن قسم جراحة وزراعة الكبد في التخصصي سيقوم بنشر هذه الحالة في المجلات العلمية العالمية.
وأشار الفريق الطبي إلى أن زراعة الكبد هذه تعتبر الحالة السادسة لزراعة كبد من متبرع حي تجرى في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض وكانت جميعها ناجحة.
وأوضح الفريق الجراحي إلى أن الامكانيات التي قدمتها إدارة المستشفى لقسم جراحة وزراعة الكبد سيثمر قريبا في التميكن من إجراء حالتي زراعة كبد من متبرعين أحياء أسبوعيا لمواجهة النقص الشديد من المتبرعين المتوفين دماغياً.
يذكر أن هناك نحو 500 سعودي بحاجة إلى زراعة كبد سنويا بينما لا يتم سوى زراعة نحو 30 حالة فقط في جميع مستشفيات المملكة بسبب نقص التبرع بالأعضاء من المتوفين دماغياً.
|